العدد 4620 - الجمعة 01 مايو 2015م الموافق 12 رجب 1436هـ

القطان: للعمل معانٍ تعبدية وغايته تحقيق الأمن الاجتماعي بين الناس

دعا في عيد العمال إلى حفظ الحقوق المالية والبدنية للعمال

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

الجفير - محرر الشئون المحلية 

01 مايو 2015

قال خطيب جامع أحمد الفاتح الإسلامي بالجفير الشيخ عدنان القطان: «من أولويات المسلم التي ينبغي أن يدركها وهو يقوم بالعمل، أن يستشعر أن هدف العمل في الإسلام ليس كسب المال فقط، ففضلاً عن معانيه التعبدية، فإن من غاياته تحقيق الأمن الاجتماعي بين الناس، وهذا يؤدي إلى التوازن النفسي على مستوى الفرد والجماعة».

وفي خطبته، بعنوان «بمناسبة يوم العمال... أولويات العامل المسلم»، قال القطان: «لقد جعل الله تبارك وتعالى الأرض، مستقر حياة الإنسان ومعاشه في هذه الحياة الدنيا، وأوجد فيها الكثير من النعم، وسخر جميع المخلوقات لخدمته، ونوع له أبواب الرزق وطرقه، وأمره بالسعي والعمل الصالح النافع الذي جعله سبباً لمعاشه وعزته وقوته، والمطلوب أن ينزل المسلم في ميادين الحياة مكافحاً، وإلى أبواب الرزق ساعياً، ولكن قلبه معلق بالله، وفكره لا يغيب عن مراقبة الله وخشيته، والالتزام بحدوده، والتقيد بأوامره».

وأضاف أن «نظام هذه الحياة، يتطلب السعي والعمل، فجميع المخلوقات من حولنا تسعى بجد، وتعمل بنشاط، فكان من الواجب أن ينهض الإنسان للعمل مستشعراً بشعار الجد والنشاط، طارحاً القعود والكسل وراءه ظهرياً، حتى يقوم بما فرضته عليه طبيعة الإنسانية وهي سنة الله في خلقه، وبما أوحت إليه القوانين الشرعية، والعاقل لا يرضى لنفسه أن يكون كلاً على غيره، وهو يعلم أن الرزق منوط بالسعي، وأن مصالح الحياة لا تتم إلا باشتراك الأفراد حتى يقوم كل واحد بعمل خاص له، وهناك تتبادل المنافع، وتدور رحى الأعمال، ويتم النظام على الوجه الأكمل».

وذكر القطان أن «الإسلام عظم من شأن العمل مهما كان هذا العمل في المصنع أو في المتجر أو في المستشفى أو في الوزارة أو في السوق أو في بناء العمارات وتشييد المباني أو في الزراعة وحراثة الأرض أو حتى كان العمل في حفظ الأمن وحراسة الأموال والأعراض، أو حتى كان في القضاء والفصل بين الناس أو غير ذلك، بل حتى عمل المرأة في بيتها لزوجها وأولادها فإنها تؤجر عليه، فعلى قدر عمل الإنسان يكون جزاؤه».

وتابع «إذا كان العمل في الإسلام بهذه الأهمية، فإن على العامل المسلم، أن يضع أولويات غاية في الأهمية، وهو يمارس ويقوم بالأعمال، هذه الأولويات تزيد في أجر العامل وثوابه عند الله، وتجلب له الراحة النفسية، وتدفعه إلى تجويد العمل وإتقانه، وبها يساهم بفاعلية في بناء الأوطان وتشييد الحضارات، من هذه الأولويات إدراك العامل المسلم أن العمل عبادة لله سبحانه وتعالى، بل اعتَبَر الإسلام العمل نوعاً من أنواع الجهاد في سبيل الله، ومن أولويات كل عامل مسلم، أن يتقن عمله، وأن يراقب ربه قبل أن يراقب صاحب العمل، فلا يغش ولا يخدع ولا يخون ولا يغل، فالإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة يربيها الإسلام فيه منذ أن يدخل فيه، وهي التي تحدث التغيير في سلوكه ونشاطه، وقد قرر الإسلام أن العمل الصالح عبادة لذلك تمتد آثاره، ثم تأتي ثماره من كل جهة (...)، ومن هذه الأولويات للعامل المسلم أن يكون العمل الذي يقوم به عملاً صالحاً، ولذلك منع الإسلام من كل عمل يقوم على منكر، أو يحض على معصية أو ذنب، فرفض أعمال الفجور كلها والمعونة عليها والمشاركة فيها، وكذلك الأعمال التي تؤدي إلى الغش والتحايل والربا والقمار، وكذلك العمل في بيع المحرمات أو الأعمال التي تلحق الضرر بالآخرين، فالإثم واقع على صاحب العمل وعلى من شاركه فيه عارفاً بحرمته، وليس في الإسلام عمل شريف وآخر وضيع، فكل عمل كان حلالاً فهو عمل شريف، وكل عمل كان حراماً فهو غير شريف، فعلينا ألا نخجل من أي عمل نقوم به، مادام لا يلجئنا إلى ذل السؤال».

ونبه القطان إلى أن «من أولويات المسلم التي ينبغي أن يدركها وهو يقوم بالعمل، أن يستشعر أن هدف العمل في الإسلام ليس كسب المال فقط، ففضلاً عن معانيه التعبدية، فإن من غاياته تحقيق الأمن الاجتماعي بين الناس، وهذا يؤدي إلى التوازن النفسي على مستوى الفرد والجماعة، وكم من مجتمعات بلغت الغاية في الكسب المادي، ولكن أفرادها ظلت حياتهم مملوءة بالقلق والخوف والوحدة والشعور الحاد بالغربة القاتلة، وكأنها تعيش في غابة مملوءة بالوحوش الكاسرة، لذا نجد علاقات طردية بين العمل الصالح - والذي من وراءه بسط الرزق - والتوازن الاجتماعي، والأمن النفسي من وسائل تحقيقه العمل والسعي بأن تعف نفسك وأسرتك وتساعد غيرك في المجتمع».

وأشار إلى أن «الإسلام نهى أن يجلس الرجل بدون عمل، ثم يمد يده للناس يسألهم المال، فالذي يطلب المال من الناس مع قدرته على العمل ظالم لنفسه؛ لأنه يُعرِّضها لذل السؤال، فعلى المسلم أن يعمل ويجتهد حتى تتحقق قيمته في الحياة (...) إن الفراغ في حياتك، وعدم استغلاله بالأعمال التي تنفعك في دينك ودنياك، قد يؤدي إلى أمراض نفسية واجتماعية وأخلاقية، فالنفس إذا لم تشغلها بالخير شغلتك بالباطل، ويوم تجد في حياتك فراغاً، فتهيأ حينها للهم والغم والفزع؛ لأن هذا الفراغ يسحب لك كل ملفات الماضي والحاضر والمستقبل من أدراج الحياة، فيجعلك في أمر مريج، وعليك أن تقوم بأعمال مثمرة بدلاً من هذا الاسترخاء القاتل، لأنه وأدٌ خفي، وانتحار بكبسولة مسكن، إن الراحة غفلة، والفارغ لص محترف، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية، إذاً قم واعمل وابذل واجتهد واذبح الفراغ بسكين العمل، فإن في ذلك الراحة والسعادة، والأمن والأمان للفرد والمجتمع، وفيه رضا الله وسعة رزقه، وتتابع برّه، وحلول بركته».

وبيّن القطان أن «من الأولويات المهمة في حياة العامل المسلم، المحافظة على القيام بالعبادات وأداء الصلوات على أكمل وأحسن وجه، بل إن ذلك من أسباب الحصول على الرزق والتوسعة فيه، وهي من أفضل الأعمال، وهو بهذه المحافظة على الصلاة، وهذا الالتزام، يربط نفسه بخالقه، فيزيد رزقه، وتحلّ البركة، ويشعر بالطمأنينة، ولا يعتريه الخوف أو القلق على فوات الرزق، ولا يطمع فيما ليس له، ولا تدعوه نفسه للتحايل على الآخرين، ومن هذه الأولويات، المحافظة على أوقات الدوام الرسمية، والحفاظ على ما تحت يديه من أموال وممتلكات، وعليه أن يكون وفياً لعمله، سواء كان في وزارة أو مؤسسة أو شركة أو مصنع، فيبذل جهده وقدراته لتطوير العمل والارتقاء به، وعليه أن يحفظ أسرار العمل وخصوصياته، وأن يكون آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر بالرفق والحكمة، فلا يسكت عن المخالفات والتجاوزات في أي وزارة أو مؤسسة أو شركة أو مصنع، فيكون ناتج العمل ومخرجاته وبالاً على الأمة، وسبباً في تأخير رقيها وتقدمها وازدهارها، وخطراً على أبنائها... هذه أهم الأولويات للعامل المسلم، ينبغي القيام بها واستشعارها، فالعمل عبادة لله يؤجر عليها، وقد يرتفع بهذا العمل درجات عند الله وفي جنته».

ودعا القطان إلى إدراك حقوق العامل، والقيام بها وتأديتها، فقد ضمن الإسلام حقوقاً للعامل، يجب على صاحب العمل أن يؤديها له، ومنها الحقوق المالية: وهي دفع الأجر المناسب له، ومن ذلك الحقوق البدنية: وهي الحق في الراحة، وكذلك يجب على صاحب العمل أن يوفر للعامل ما يلزمه من رعاية صحية وأدوات وغير ذلك من متطلبات العمل».

العدد 4620 - الجمعة 01 مايو 2015م الموافق 12 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً