العدد 4622 - الأحد 03 مايو 2015م الموافق 14 رجب 1436هـ

متى ستتوقف الإخفاقات الحكومية في إنهاء الأزمة المالية؟

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أزمة حقيقية تعيشها الجهات الرسمية، مع مناقشة أبجديات طرح الموازنة العامة، في ظل أزمة تراجع أسعار النفط، وبلوغها مستويات تشكل تهديداً حقيقيّاً للوضع المالي في البحرين، حتى ذهبت الحكومة إلى تأكيد حتمية وضرورة الاستمرار في سياسة الاقتراض وزيادة الدين العام لإنقاذ الموازنة من العجز.

آخر تطورات الموازنة العامة التي لم ترَ النور بعدُ أن الحكومة «تهدد» بعدم تضمين الموازنة برنامج الضمان الاجتماعي لمساعدة الأسر المحتاجة، و»علاوة الغلاء»، وعلاوة الإيجار، وعلاوة تحسين أوضاع المتقاعدين، بالإضافة إلى إفصاحها للنواب أنها ضمَّنت مشروع الموازنة العامة للدولة للعامين 2105 و2016 الذي سيقدم رسميّاً إلى البرلمان خلال أيام نصّاً يقول: إن «المصروفات التي لن تتمكن الحكومة من تغطيتها خلال الموازنة، ستشمل جميع مصروفات المشاريع المقبلة، والدعم الموجهة إلى مؤسسات التعليم العالي (جامعة البحرين والبوليتكنك)، وكذلك الموازنات التشغيلية للوزارات والهيئات الحكومية ما لم يتم اللجوء إلى الاقتراض».

نعلم جيداً أن إقرار الموازنة بـ 60 دولاراً كسعر لبرميل النفط، سيجعل من الحكومة تتجاوز أزمة تسديد أجور رواتب الموظفين بـ»قليل»، إلا أن ذلك سيؤدي إلى توقف مشاريع كثيرة، وهو ما أكّده وزير المالية شخصيّاً، ولذلك فهي تضغط على النواب لتمرير مشروع رفع سقف الدين العام إلى 7 مليارات.

المشكلة ليست فقط متعلقةً بأزمة انخفاض أسعار النفط وتداعيات ذلك على الوضع المالي للبلاد، بل أيضاً بمنهجية الخطاب الحكومي المتناقض، والذي ظلّ لفترة طويلة «صامتاً» و»رافضاً» للحديث عن تلك الأزمة على رغم حديث العالم عنها، وفي فترة أخرى لجأ الخطاب الحكومي إلى رفض الإقرار بأية تداعيات لهبوط أسعار النفط، بل تحدّث عن أن البحرين «لم» و»لن» تتأثر بتقلبات أسعار النفط، وذلك بفضل السياسات المتبعة من قبل الدولة!

الحكومة إلى إقناع مجلس النواب برفع السقف العام للدين العام إلى 7 مليارات دينار، بعد أن تجاوز 5.5 مليارات دينار.

الدين العام لحكومة البحرين تضاعف مرات عدة منذ العام 2008، إذ بلغ في 2008 نحو 705 ملايين دينار، وارتفع إلى 1.34 مليار دينار في 2009، و2.44 مليار دينار في 2010، ونحو 3.16 مليارات دينار في 2011، ونحو 3.86 مليارات دينار في 2012، ونحو 5.1 مليارات دينار بنهاية 2013، وانخفض بنهاية يوليو/ تموز 2014 إلى 4.8 مليارات دينار، ثم ارتفع في سبتمبر/ أيلول 2014 إلى 5.35 مليارات دينار، ويتوقع أن يصل إلى 5.7 مليارات دينار خلال النصف الأول من العام 2015.

الواقع يؤكد أنه في حال لجأت الحكومة إلى الاقتراض بعد قبول النواب رفع سقف الدين العام فإنها ستحتاج إلى ما بين 1.4 و 1.6 مليار دينار لتغطية عجز الموازنة الذي يقدر بنحو 3.5 مليارات دينار، وفي حال غطت السلطة عجز الموازنة بالاقتراض، فإن سقف الدين العام سيتجاوز حدود 7 مليارات دينار!

الواقع وبحسب التسريبات فإن السلطة تنتظر تحركاً خليجيّاً يساعدها في تجاوز محنتها المالية، فكل الخيارات المحلية أصبحت شبه مستحيلة لتجاوز الأزمة المالية، إذ إن إقرارها الموازنة بسعر 60 دولاراً لبرميل النفط، هو الآخر غير منطقي، ومبالغ فيه، كون متوسط سعر برميل نفط البحرين طوال الشهور الماضية لم يتجاوز حاجز 53 دولاراً، وهو ما ينبئ أيضاً بعجز آخر سيكتشف خلال احتساب الموازنة الفعلية لاحقاً.

وكالات التصنيف العالمية وبيوت الخبرة الدولية تتحدث عن أن البحرين بحاجةٍ إلى أن يصل سعر برميل النفط إلى 120 دولاراً لإحداث توازن بين المصروفات والإيرادات في الموازنة العامة، إلا أن وزير المالية مؤخراً عقّد الأمور أكثر وزاد على ذلك 20 دولاراً إضافية ليصل الأمر إلى 140 دولاراً، وهو أمر أصبح من الصعب الوصول إليه خلال السنوات المقبلة، ما يعني أن الاقتراض هو الحل الحكومي الوحيد، لكن تداعياته ستكون مرة جداً وصعبة، وأن تسارع وتيرة ارتفاع الدين العام، سيكون حقيقة مرة ولا مفر منها، وتداعيات كل ذلك ستكون على ظهر المواطن العادي.

على رغم كل الحديث عن عدم المساس بالمكتسبات التي حصل عليها المواطن، خلال السنوات العشر المقبلة، فإن الواقع يؤكّد أننا مقبلون على سنوات عجاف، سيكون فيها الجفاف سمةً رئيسيةً أساسها التقشّف في كل شيء له علاقة بالمواطنين، وبدت بوادرها في أنباء رفع أسعار الوقود على المواطنين، وهو الأمر الذي لم تنفه الحكومة بشكل واضح، بل نفت طرحه فقط.

الواضح وكما أكّد وزير المالية، أن الحكومة تدعو النواب إلى مساعدتها في تمرير مشروعها بإعادة هيكلة شاملة لعملية إدارة المالية العامة، والتي تأخذ في الاعتبار تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية من ناحية، وتتخذ عدداً من الإجراءات الكفيلة تحجيم آثار هذا التراجع وتقليص العجز من ناحية أخرى، ومن أمثلة هذه الإجراءات التي تم طرحها بالفعل إعادة هيكلة الدعم الحكومي للسلع والخدمات الأساسية بما يكفل توجيهه إلى مستحقيه، وتحديد معايير الاستحقاق بالتوافق مع السلطة التشريعية، وتقديم الخدمات الحكومية بتكلفتها الحقيقية.

الموازنة المقبلة ستكون «مفصخة» كما قال أحد النواب، ولن تكون واضحة، وستظهر السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية بمظهر «المختلفين» إعلاميّاً، لكنهما سيكونان متفقين على تمريرها تحت عنوان «المصلحة»، ليتم تلبيسها الشعب، الذي سيكون جزءاً غير مباشر لتمويل الموازنة وسد العجز المالي من خلال تشديد الخناق عليه، لتغطية الاخفاقات الحكومية المتكرر في إيجاد حلول لإنهاء الأزمة المالية الخانقة التي تتصاعد كل عام.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4622 - الأحد 03 مايو 2015م الموافق 14 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 33 | 1:17 م

      إخفاق مستمر

      في كل الجوانب
      أسباب الإخفاق
      التجنيس
      القمع والقبضة الأمنية
      الاستبداد بالقرار
      الفساد المالي
      الفساد الإداري
      تهميش المواطن
      عدم وجود رؤية اقتصادية مستقبلية واقعية
      التمييز الطائفي
      الاعتماد على الأجنبي
      الاعتماد على الفلوس الخليجية
      التبذير والإنفاق لشركات العلاقات العامة
      غياب روح المنافسة الشريفة
      غياب مبدأ تكافؤ الفرص
      السماح للأجنبي بالتملك
      ما لم تكن هناك ديموقراطية فالبلد خاسر

    • زائر 31 | 6:12 ص

      الأزمة المالية نتاج ازمة سياسة

      الازمة المالية في البحرين هو نتاج أزمة سياسية وهذا واقع في أزمة نعيشها نتاج عدم التطور السياسي في البلد وحال الجمود منذ عقود، فالعقول كما هي لم تتغير فكيف ستحل الأزمة المالية والعقول كما هي

    • زائر 32 زائر 31 | 8:04 ص

      عيش وسمچ صافي

      أنا امبه بس غدايي كل يوم عيش ويا سمچ صافي وتمر ورويد وگلاص چاي حمر عگب الغدا واسمتها نومة لآذان المغرب وخلاص.

    • زائر 30 | 6:10 ص

      مقال موفق وقراءة جيدة

      قراءة جيدة لواقع الازمة المالية في البحرين

    • زائر 29 | 5:42 ص

      تحدّث عن أن البحرين «لم» و»لن» تتأثر بتقلبات أسعار النفط،

      المشكلة ليست فقط متعلقةً بأزمة انخفاض أسعار النفط وتداعيات ذلك على الوضع المالي للبلاد، بل أيضاً بمنهجية الخطاب الحكومي المتناقض، والذي ظلّ لفترة طويلة «صامتاً» و»رافضاً» للحديث عن تلك الأزمة على رغم حديث العالم عنها، وفي فترة أخرى لجأ الخطاب الحكومي إلى رفض الإقرار بأية تداعيات لهبوط أسعار النفط، بل تحدّث عن أن البحرين «لم» و»لن» تتأثر بتقلبات أسعار النفط، وذلك بفضل السياسات المتبعة من قبل الدولة!

    • زائر 26 | 4:25 ص

      عندما ينتشر الفساد

      انتشار الفساد هو سبب كثرة الاخفاقات... ولو هناك حساب ورقابة لما وجدنا وجود للأزمة المالية التي تتحدث عنها

    • زائر 25 | 4:23 ص

      أخفاقات الحكومة

      لماذا لدينا أزمة ميزانية في البلاد بسبب سياسات جلب الاجانب، والتجنيس العشوائي والضغط على الخدمات، وبالتالي أصبح البلد غير قادر على الاستيعاب والخير الموجود منهوب ولا أحد يعرف وين يروح

    • زائر 24 | 4:04 ص

      أقبلوا أراء الاخرين

      ليش تحجرون على اراء الناس

    • زائر 23 | 4:03 ص

      ليش يا جماعة كل التعليقات محذوفة

      فضيحة

    • زائر 18 | 3:03 ص

      شكراً

      تحليل رائع ومنطقي

    • زائر 16 | 2:29 ص

      الحكومة كريمة

      ياناس ياناس حكومتنا الرشيدة دائما كريمة مع شعبها ولا يمكن توقف علينا مااعطتنا نحن شعب متفائل ولا ننتظر منها الا كل الخير. تفائلو بالخير تجدوا وربكم كريم

    • زائر 15 | 1:18 ص

      كيف تحلّ: اذا حمّلت سفينة فوق طاقتها فلا بدّ من غرقها

      بلد صغير محدود الموارد يزج بأعداد هائلة من الم.... والاجانب من دون حساب ولا كتاب ومن دون توقف . اعداد تتراكم يوميا ترتقي الى الارقام الفلكية .
      حتما بعد هذه الامور ستحدث الكارثة وسنتحمّلها نحن

    • زائر 12 | 1:07 ص

      لقد حمّل البلد ما لا طاقة له على حمله

      نعم حمّلونا وسيحمل كل البلد مساوئ ومفاسد السياسة العرجاء وعلى الجميع دفع الفاتورة

    • زائر 11 | 1:07 ص

      انا اقولك متى تتوقف فاسمع

      اولا لكل مشكلة يوجد سبب ويتفرع من السبب الرئيسي اسباب عده.
      والمنطق يقول انك عندما تقضي على السبب الرئيسي للمشكله ستحل اما اذا ذهبت لقصقصة اطراف المشكله فستجدها تتفرع مشاكل اكثر واكبر مثل اغصان الشجرة.
      الحل هو في الاتي:
      1- انتخاب حكومة باسلبو ديمقراطي من قبل الشعب
      2- معاقبه المفسدين السابقين بحزم
      3-انتخاب برلمان كامل الصلاحيات يحاسب اعضاء الحكومة فردا فردا
      4- تنظيم قوانين صارمة ضد كل المفسدين
      5- قضاء مستقل يحكم بلعدل ليس بلمحسوبية.
      عرفت يا هاني الحل وين طبق الي قلت لك وشوف

    • زائر 10 | 12:19 ص

      عجيب استاذ

      لم أعلم انك سياسي وايضاً لذيك قدرة التحليل المالي والاقتصادي... انت مفخرة إلى البحرين وشعبها

    • زائر 9 | 12:18 ص

      الشعب بيدفع

      الشعب يدفع... وغبره يبوق وينهب

    • زائر 8 | 12:17 ص

      جواب على سؤالك

      لن تتوقف ابدا... وكل شعب البحرين يعلم بذلك فتلك الاخفاقات مستمرة ايام الطفرة النفطية وبعدها والسبب معروف

    • زائر 7 | 12:08 ص

      صدقت إنها موازنة "مفصخة"

      تعبير تقيق جداً والشعب سيلبسها

    • زائر 6 | 11:54 م

      اوقفون الت....ويصلحون حالهم مع الشعب الميزانية تزيد ماتنقص

      ورواتب الاجانب ي و الاستهلاكية يوقفونها ينصلح حال البلد

    • زائر 5 | 11:44 م

      مسكين هذا الشعب في هذه البلد

      بلاوي وفقر معيشة

    • زائر 4 | 11:32 م

      قلنا لكم من إستطاع أن يصرف على آباء الجدد سيعجز عن الصرف على أبنائهم.. تبعات التوطين..

      أن الاقتراض هو الحل الحكومي الوحيد، لكن تداعياته ستكون مرة جداً وصعبة، وأن تسارع وتيرة ارتفاع الدين العام، سيكون حقيقة مرة ولا مفر منها، وتداعيات كل ذلك ستكون على ظهر المواطن العادي.

    • زائر 3 | 10:39 م

      عواجة الحكومة ونوابنا الأشاوس كل صح

      قمع صح تشديد صح سرقات صح تمييز صح هدم مساجد صح إعدام سجن مؤبد صح جلب قواعد صح وإل بينكم وبين الله يانواب مدخول الدولة 12مليار شيل منها 4مليار ميزانية الدولة 8مليارات أين تذهب؟ وكله صح.

    • زائر 2 | 10:38 م

      الأخ هاني شكرا

      البحرين محفوظه بحفظه تعالي ولاتحتاج لنصايح ناس لاتريد الخير لها

    • زائر 17 زائر 2 | 3:02 ص

      الفردان من أهل البحرين المعرفين

      بس انت راجع نفسك... وهذا الكاتب من أحرص الناس على البحرين واهلها... والنفاق لا يعني خوف وحرص

    • زائر 19 زائر 2 | 3:09 ص

      ناس بدل المخ عندها فول سوداني

      ههه والله يااخي العزيز اتحفنا باقتراحاتك اذا مو عاجبنك كلام الاستاذ هاني و الي هو اصلا في مصلحة للجميع موالين و احرار معارضين لان تراجع اسعار النفط و ارتفاع الدين العام سيؤثر على الجميع!!!!

    • زائر 22 زائر 2 | 4:00 ص

      البحرين محفوظه بحفظه تحتاج إلى شكر

      الشيء يحفظ بالشكر:"لإن شكرتم لأزيدنكم و لكن أن تجمع الأموال من الحلال و الحرام و من الدعارة و الخمور و المراقص و سلب حقوق الناس فذلك كفر بالنعم و لذلك يقول الله: و لإن كفرتم إن عذابي لشديد.
      إن الله تعالى ينّمي المال القليل إن كان من الحلال و يسلب منه البركة إن كان من الحرام

    • زائر 1 | 10:16 م

      ماذا سنفعل لو نضب النفط ؟

      النفط نأكل منه ولا تستثمر عائدته و لو توقف النفط لايام عن التصدير لاصاب الاقتصاد بالعجز و يمكن توقف تصدير النفط لاسباب عدة قد يكون اكتشاف البديل احداها. من المسئول عن الاخفاق في تأمين ديمومة موارد الاقتصاد

اقرأ ايضاً