منذ مدة طويلة ونحن ننتظر انتقالنا لمنزلنا الجديد الواقع في إحدى المناطق البعيدة قليلاً عن موقع سكننا الحالي، كلما قرب موعد انتقالنا بات الحزن يسيطر علينا أنا وإخوتي وأخواتي، وقد لاحظ والدي ذلك، وذات يوم وبينما نحن على مائدة العشاء سألنا: يبدو أنكم غير متشوقين للسكن في منزلنا الجديد، لما أنتم ضجرون؟!.

جوابنا كان معاً: لا يا أبي نحن فرحون بانتقالنا للمنزل الجديد، ولكننا نأسف لفراق جيراننا وأصدقائنا في هذه المنطقة، وخصوصاً أن ذلك سيترتب عليه انتقالنا لمدرسة جديدة أقرب لمنزلنا الجديد.

ابتسم والدي وقال: أمر محزن فعلاً أن نفارق جيراناً وأصدقاء شاركناهم وشاركونا في أفراحنا وأحزاننا، ولكن هي سنة الحياة لابد لنا من الانتقال لبيتنا الجديد... علماً يا أبنائي بأننا لن نترك أصدقاءنا وجيراننا من دون أن نصلهم، إذ لابد سيكون لنا زيارات لهم وهم أيضاً سيأتون لزيارتنا.

وأضاف: لا داعي للقلق، فبجانب منزلنا الجديد هناك أيضاً جيران لطفاء وذوو خلق رفيع، ونتمنى أن نعيش معهم أفضل وأجمل الأيام... إذا أحسنا التعامل مع جيراننا الجدد، أحسنوا هم أيضاً في معاملتنا... لذا لا تقلقوا وتوكلوا على الله.

أخي الصغير كانت له مداخله في النقاش فقال: سمعت من إحدى صديقات أمي تقول: “الجيران مثل البطيخ، إما تصيب أو تخيب”... لم أفهم معنى ما قالت ولكنني شعرت من كلامها بأن هناك خطراً ربما يهددنا.

ابتسم أبي وقال: اسمعوا جميعاً قال رسول الله (ص): “الجيران ثلاثة، فجار له ثلاثة حقوق وجار له حقان وجار له حق واحد، فأما الجار الذي له ثلاثة حقوق فالجار المسلم القريب، فله حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام، والجار الذي له حقان فهو الجار المسلم فله حق الإسلام وحق الجوار، والجار الذي له حق واحد، الكافر فله حق الجوار”... هم جميعاً يشتركون في شيء واحد فقط وهو “حق الجوار”، لذا علينا نحن أن نعمل بأخلاقنا ونحسن في معاملة جيراننا وأن نحترمهم ونسعى بأن لا نؤذيهم، وأن نحفظهم غائبين، أن نكرمهم، أن نساعدهم إن كانوا محتاجين، أن نشاركهم أفراحهم وأحزانهم، تماماً كما كنا نعيش مع جيراننا في هذا الحي الجميل... فإن استطعنا أن نحافظ على كل ذلك سيكون حينا الجديد جميلاً وسعيداً.

كلمات والدي قد أثرت فينا فعلاً، وانتقالنا لمنزلنا الجديد سيكون بعد أيام قليلة، لذا أصدقائي تمنوا لي بأن أكون سعيداً في منزلنا وحينا الجديدين.

مناهل