العدد 4632 - الأربعاء 13 مايو 2015م الموافق 24 رجب 1436هـ

الخليج بين أميركا وإيران

جعفر الشايب comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

شكّل الاتفاق المبدئي حول المشروع النووي الإيراني بين إيران والدول الست (خمس + واحد) نقطة تحول كبرى في صعيد العلاقات الدولية وفيما يتعلق تحديداً بدور كل من الولايات المتحدة وإيران في المنطقة. ولأهمية هذا الموضوع فإن المراقبين يتابعون الموعد النهائي لتوقيع الاتفاق كلما اقترب موعده في 30 يونيو/حزيران المقبل.

القادة الخليجيون سيحلون ضيوفاً على الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال هذا الأسبوع في منتجع كامب ديفيد، وكما هو معلن فإن البند الرئيس على أجندة اللقاء هو معالجة انعكاس هذا الاتفاق على العلاقات الخليجية الأميركية، وتطمين دول الخليج من أن هذا الاتفاق لن يتعارض مع موقعية ودور دول الخليج وعلاقتها الاستراتيجية مع أميركا.

بعضهم يرى -وعلى رأسهم إدارة أوباما- أن اتفاقاً شاملاً مع إيران بضمانات دولية سيحدّ من النزعة التوسعية الإقليمية لدى القيادات الإيرانية وعقلنة دورها الإقليمي، وأنها ستكسب مزيداً من التحسن في علاقاتها السياسية والاقتصادية إقليمياً ودولياً. بينما يخالف هذا الرأي أكثر الخليجيين الذين يرون أن الاتفاق يعتبر مكافأةً لإيران على مواقفها المتشددة وموافقةً على دورها الإقليمي، وأن رفع الحظر الاقتصادي عنها وعن أموالها المجمدة سيتيح لها مجالاً للتحرك إقليمياً بصورة أكثر مما هي عليه الآن.

أميركا التي تحوّلت بين عشية وضحاها من موقع الحليف الخليجي والعدو لإيران إلى دور الوسيط بين الطرفين، ترى أنها ملتزمةٌ بالدفاع عن دول الخليج من أي هجوم أو اعتداء من قبل إيران، وكذلك فإنها معنيةٌ بالدرجة الأولى بحماية مصالحها المتمثلة في استمرار تدفق النفط من المنطقة.

لكن المشكلة تبدو أعمق من ذلك كثيراً؛ حيث إن التحولات السياسية الجارية في المنطقة لا ترتبط فقط بضبط العلاقة بين الدول الإقليمية، وإنّما ترتبط أيضاً بمجموعةٍ من المؤثرات والتغيرات الاجتماعية والسياسية في الداخل بما يفتح المجال أمام تدخلات خارجية.

ولعل ما أشار إليه الرئيس أوباما في حديثه السابق مع ثوماس فريدمان بأن هناك تهديدات داخلية حقيقية أكبر من الاتفاق النووي كالتهميش والبطالة والأيديولوجيات المدمّرة وانعدام الحريات، تأتي في سياق فهم أوضاع المنطقة، ولا شك أنها ستكون ضمن القضايا المطروحة في الحوار القادم.

ما يهمنا بصفتنا خليجيين كأولوية، هو أن تتم معالجة التحديات الداخلية في الأساس لبناء حالة من التماسك الذاتي والفاعلية المتواصلة، ومع أننا أعرف بقضايانا أكثر من غيرنا، إلا أن ذلك يحتاج إلى عزيمة وإرادة جادة لمعالجتها.

كما نستنتج من مسيرة هذه التحولات أن كل دولة تضع في حسبانها مصالحها أولاً قبل أي شيء، وهذا حق لا غبار عليه، من هنا ينبغي العمل على دراسة مصالح دول الخليج بعيداً عن الرؤية الأميركية التي قد تتوافق وقد تختلف مع المصالح الخليجية. فينبغي تشكيل رؤية جديدة حول العلاقة الخليجية الإيرانية عبر حوار مباشر بين دول الخليج وإيران لبلورة قضايا الخلاف والتوافق، بعيداً عن المناكفات الإعلامية والتجييش الطائفي والمذهبي.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"

العدد 4632 - الأربعاء 13 مايو 2015م الموافق 24 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً