العدد 4654 - الخميس 04 يونيو 2015م الموافق 17 شعبان 1436هـ

الخفافيش الجدد!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أيام اعترفت شابة روسية بأنها كانت تعمل ضمن فريق تقني سري على الترويج للرئيس فلاديمير بوتين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يكيلون له المدح ويدافعون عن سياساته، بينما يوجهون لخصومه ومنتقديه السباب والشتائم، ويشنون ضدهم حملات التحريض وتشويه السمعة والأكاذيب.

هذه الوظيفة ليست جديدة، بل استخدمتها مختلف الدول منذ القدم، وفي فترة سيطرة الدين كان الحكام يستخدمون الكهنة ورجال الدين للإشادة بهم والنيل من خصومهم، وأحياناً يطلبون منهم فتاوى بإهدار دمائهم. وفي فترة سيادة الأدب كان الشعراء يمثلون الهراوة التي يستغلها الحكام والسلاطين لضرب الخصوم. ولم يكن ذلك بالمجان وإنّما كلٌّ بثمنه، حيث يتم الدفع بالدرهم والدولار.

في القرن العشرين، ومع انتشار الصحافة، استُخدمت لأداء ذلك الدور، في كيل المدائح للحكام والشتائم لخصومهم، حتى أصبح هناك في كل بلد مجموعة معروفة للقيام بهذه الوظيفة، التي يطلق عليها نعوت متقاربة، مثل «المطبلين» و»بلاطجة الصحافة»، وكلٌّ طبعاً بثمنه.

أما وقد وصلنا إلى القرن الحادي والعشرين، فقد أصبحنا أمام «منتج جديد»، بعدما تطوّرت وسائل الإنتاج وطرق الأداء، حتى أصبحت تتطلب مواصفات خاصة، فالجيل القديم لم يعد نافعاً، حيث أصبح يدرك ويدرك مستخدموه أنه لم يعد لديه جديد يقدمه، فيضطر أحياناً لإعلان التوقف والاعتزال.

الوظيفة في نسختها الجديدة باتت تتطلب أن يكون الموظف متابعاً لآخر استخدامات التكنولوجيا، وعلى معرفة جيدة بالأجهزة الحديثة. كما تتطلب العمل في أوقات مبكرة من الصباح، والسهر في أغلب الأحيان حتى وقت متأخر من الليل.

الوظيفة الجديدة تحتاج أحياناً للعمل كمجموعة أو طاقم عمل في شقةٍ بأحد الأحياء الراقية أو في فيللا معزولة، وأحياناً تتطلب العمل فردياً، على شكل أفراد موزعين على مناطق مختلفة، تكون مهمتها اختراق المعارضين، والتشويش على ما يطرحون من آراء أو نقاشات، وأحياناً كثيرة المزايدة عليهم لتوريطهم في قضايا مختلف عليها أو عنفية، وتشويش الرأي العام.

في الماضي كان من يعملون في هذه الوظيفة معروفين بالاسم والرسم، ودورهم مكشوف، وهم يتباهون به ولا يأنفون منه، أما اليوم فهم مجهولون، يقومون به في أجواء سرية، ويتلذذون بالإيقاع بالخصوم والسخرية منهم، حيث يظنّونهم أحياناً منهم وفيهم، وأصدقاء لهم. وهؤلاء ليسوا أذكياء، وكثيراً ما تكون كتاباتهم ركيكة ومليئة بالأخطاء اللغوية والإملائية، وأحياناً يكرّرون الخطأ الواحد مئة مرة، ويتحولون أحياناً إلى موضع تندر وسخرية ممن يكتشفونهم من القراء!

الواحد من هؤلاء يمتلك أكثر من حساب على مواقع التواصل الشهيرة، وخصوصاً «تويتر»، فهي الساحة المفضلة لديهم، والمكلفين بمراقبتها والدخول عليها يومياً، صبحاً وعشية، وضخ الشائعات والأكاذيب وتشويه من يريدون. ولأنهم يعيشون ويمارسون عملهم في الخفاء مثل الخفافيش، يتولد لديهم شعورٌ زائدٌ بالثقة بالنفس، ويعيشون الدور ويتقمّصون شخصية «الرجل الخفي»! ولكنهم سرعان ما يسقطون. قبل أيام أعجبتني تغريدة كشفت أحدهم، حيث أشار إلى أنهم يفتحون حسابات جديدة بأسماء مناطق مختلفة، تبعاً للأحداث، فردّ عليه آخر: «لا يا عزيزي بعضهم بنفس الحساب ما يتعب نفسه»، وأرفق صورة لنفس «الخفاش المغرّد»، مرةً يدّعي أنه من شرق البلاد، وأخرى ينسب نفسه إلى أهل الجنوب! وكانت أغلب التعليقات عليه «هههههههه»!

قبل أن أختم المقال كنت أبحث عن تعريف لهذه المخلوقات، فوجدت التالي: «كلمة الخفاش أو الخفدود أو الخنفوش أو الوطواط: هو الحيوان الثديي الوحيد الذي يستطيع الطيران»! ويوجد نحو ألف نوع من الخفافيش، حيث كانت تنتقل بالسماء المظلمة في العصر الإيوسيني منذ 50 مليون سنة وليس من الآن!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4654 - الخميس 04 يونيو 2015م الموافق 17 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 7:18 ص

      و ماذا عن ايران

      و ماذا عن ايران الراعي الاول للارهاب و التكفير الطائفي

    • زائر 18 زائر 17 | 7:50 ص

      ايرانفوبيا

      مريض. ايران ما فجرت ولا كفرت احد من اامسلمين.وبلاهرار علينا.تعرفون داعش من وين جاءت ومن دعمهم بالسلاح والفلوس.

    • زائر 16 | 6:28 ص

      حتى انته يا بوتين

      ما هقينا عليك تستخدم الخفافيش

    • زائر 15 | 5:36 ص

      وعاظ السلاطين

      أفضل من بحث في هذا الموضوع ووضع لهذه الفئة توصيف دقيق الباحث الاجتماعي والاكاديمي العراقي المرحوم الدكتور علي الوردي في كتابه المشهور "وعاظ السلاطين".

    • زائر 14 | 5:06 ص

      الخفاش الكبير والصغير

      منذ منتصف السبعينات كنت أتابع الخفافيش وتفتخر بالدفاع عن الطغاة بذكر أسمائهم بدون خجل حيث تمنح لهم الاراضي والفلل وبعض الصغار تمنح لهم السيارات والساعات الفاخرة وهذه عادة منذ العصور الأموية والعباسية حيث يردد الخليفة الأموي او العباسي العبارة المشهورة في كتب التراث أمنحه الف دينار بعد ان يسمع المدح من الطبالين ولهذا سوف اذكر أشهر الخفافيش منذ السبعينات (ا.ج/ا.ك/س.ل/س.ا)وغيرهم من العواجيز

    • زائر 12 | 4:27 ص

      مقال ممتاز

      هذا عصر ثورة الاعلام والاتصالات وهنا الكارثة ان تضلل الاخرين او تهديهم والعاقل هو من يحكم عقله ليقبل الحقيقة المرة ولو كانت على نفسه
      اصلح الله الجميع

    • زائر 11 | 4:09 ص

      ياسيدنا قاسم حسبن

      بعضهم الخفافيش موجه وبعضهم موجه وداخله استعداد تام للتطوع والدوس عل الجرح .. والمضحكين منهم الخفافيش العواجيز يالله ما يعرفون يدخلون عل الاجهزة الذكية فتراهم في برامج وبعضهم وبعضهن الخفاش بعد فيه دكور واناث والاناث منهم اشد عقدا واشد كرها للمختلف معهم فتراهم يسبون ليل نهار ولا تخلو مقالاتهن ولا تغريداتهم والتي يشرف عليها ابنائهن في العادة لانهم خرط ما يعرفون لها سب وشتم وبذاءة وفي خفافيش يا سيد مستوردة وداخلة معاهم في الجوقة لا ومعطين روحهم القاب زهرة وردة وبعضهم يقول سيد . لكن يبقون خفافيش .

    • زائر 10 | 3:54 ص

      استادى شكرا

      هؤلاء المصلحشيه خلاص استحود الشيطان على قلووبهم ولايرون اله الشر يستخدمونه ويبثونه للناس لاجل مصالحهم الشخصيه وهم يعرفون انه مصيرهم فى زبالة التاريخ لاكن اشرى على السدج من الناس الي اصدقونهم قاتل الله الجهل والله اخلصنا من المنافقين

    • زائر 9 | 3:19 ص

      غريبة

      حتى في روسيا عندهم

    • زائر 8 | 3:00 ص

      الخفدود

      هههههه
      عجبنى مسمى الخفدود

    • زائر 7 | 2:58 ص

      الكاسر

      اوه سيدنا في منهم واجد في ديرتنا الحبيبة ما قصرت بعض الجهات شغلتهم ليل نهار لكي يشتغلو على إشعال الفتنة بين المكونين وللأسف استطاعت تحريك الشارع ( س ) بكل سهولة ويسر لضرب إخوانهم ( ش ) الدين طالبو لجميع البحرينين بمطالب عادلة وحياة كريمة ولكن ما اقول الا الله يهديهم وكبر عقلهم

    • زائر 6 | 2:08 ص

      ههههههه صباحك خير سيدنا .

      الموضوع رائع وما ينخاف من الخفافيش أقصد الطبالة , من كان مع الله كان الله معه , ما يهزك ريح يا مركب هوانا , اللهم صلي على محمد وآل محمد .

    • زائر 5 | 2:07 ص

      الوطواط حيوان مصاص للدماء والبغبغاء طائر ملون الريش !!!

      الخفافيش امرهم معروف وأرتزاقهم محدود ومكيف بحسب مهماتهم ولكن هناك بغبغاوات في الصحافة المحلية يقومون بنفس الدور وعلى رتم واحد واسطوانة مشروخة مملة ومتكررة وطبعا مداخيلها ومميزاتها اكبر توازي الدور المرسوم لها

    • زائر 4 | 2:05 ص

      الحمدلله ان الخفافيش ما تطير بالنور وتحت نور الشمس .

      محدودي البيئة , مقال فيه لمسة أ بداع سيدنا سلمت أناملك أبويي . بلادية .

    • زائر 2 | 11:41 م

      اتحصلهم اهني بعد

      سيدنا اتحصلهم في تعليقات الوسط واجد بعد
      عن يا زعم يبون يسوون رأي عام مضاد للمعارضة
      وهم موجودين ومذكورين في التقرير المثير

    • زائر 1 | 11:41 م

      خفاش

      ارجلهم معلقة (فيما يعطى لهم ويغدق عليهم من اموال) ولذا تجد رؤسهم واطيه وإلى الأسفل قبحهم الله

اقرأ ايضاً