اعتاد الحاج «حسن» الجلوس عصرا على كرسيه الخشبي أمام منزله الصغير... يكفيه من السعادة أن يشاهد أشجار النخيل واللوز وما صمد من بساتين القرية تتمايل كلما هبت نسمة هواء فيزيل من صدره ما تراكم من آهات، فهو كغيره من أهالي القرى، يرتبط بهذه الأرض الطيبة، فهم جزء منها وهي جزء منهم. عند مدخل القرية، من جهة الجنوب على شارع النخيل، تستقبل القرية الوافدين إليها ببهاء مسجدين صغيرين، ولعل الصورة تصبح واضحة لدى بعض المواطنين والمقيمين الذين قد تأخذهم الصدفة للمرور هناك حيث يجلس كبار السن أمام المسجدين وقد وضعت دلة القهوة والتمر أوالرطب صيفا، فلا يجيب على سؤال السائل إلا بعد أن يشرب قهوته، بل بمجرد مرورك من أمام المسجد، يلوح لك ذلك الرجل الطيب بيديه مرحبا ويستقبلك بالتحايا.
هي قرية صغيرة دون شك، فتعداد سكانها تجاوز الستمائة نسمة بقليل، ومع ذلك، فهي كبيرة بكرمها، ولك أن تقرأ تعريفها في موسوعة «ويكيبيديا» :»قرية جدالحاج... قرية اللوز والنخيل والبساتين الخضراء ونسيم البحر العليل، وهي إحدى أصغر القرى في البحرين، ويقال إن سبب تسميتها بهذا الاسم يعود إلى عدة أقوال منها أنها معبر الحاج إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وهي قرية ساحلية فيها الكثير من البساتين والنخيل الجميلة وتقع بين قريتي كرانة وجنوسان وتمتاز بطيبة أهلها وصفاء سريرتهم وحبهم وكرمهم الكبير للوافدين والضيوف، وبها بعض المؤسسات التي بدورها تخدم القرية دينيا واجتماعيا وترفيهيا مثل المأتم والصندوق الخيري والفريق الرياضي، ويسعى أبناء القرية نحو الالتفاف حول تلك المؤسسات لدعم الشراكة للرقي بالقرية»... انتهى الاقتباس.
نسأل الحاج «حسن» عن صحة تسمية القرية بهذا الاسم، فيؤكد على أن الآباء والأجداد كانوا ينقلون أن القرية، ومنذ القدم، كانت مقصدا للراغبين في السفر لأداء فريضة الحج عن طريق البحرين.
ووفقا لروايات المهتمين بتاريخ البحرين كالمرحوم الشيخ محمد علي الناصري والمرحوم الشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي في أنوار البدرين، وفي كتاب «عقد الآل في تاريخ أوال» للمرحوم الشيخ محمد علي التارج، فإن أصل التسمية... جد ياحاج، وتعني أسرع ياحاج، هذه العبارة انتشرت بين الحجاج في موسم الحج قديما. فالقرية كانت تشكل أحد الموانئ الرئيسية لتجمع وإبحار الحجاج إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج. ومع الوقت حذفت ياء النداء من الاسم القديم (جد ياحاج)، وأضيفت أل التعريف لكلمة حاج فأصبحت جدالحاج وأطلقت على الفرضة، ومن ثم انسحبت على القرية.
ساحل القرية، معذور من يطلق عليه «الساحل المظلوم»، وهل هناك سواحل لم تظلم في بلادنا؟ غير أنه على رغم ما حل بالساحل من عمليات دفان، لكن لا تزال تلك القوارب المتفرقة على السيف هنا وهناك، وصور البحارة وهم ينزلون البحر أو يخرجون منه، لا تزال قائمة تمنح للبحر رونقه، فهذا البحار الشاب «إبراهيم» يقضي وقته عصرا في الاعتناء بقاربه وصيانته، فهو على صلة وثيقة بالبحر وبالأرض... يقول إبراهيم :»الكثير من أهل القرية يكسبون قوتهم من الصيد، لكن الساحل يحتاج إلى الكثير من الخدمات، وقد تعاون البحارة لتخصيص جزء صغير كمرفأ، والقرية لا تنفصل عن بحرها أبدا، فلك أن تشاهد أهلها وهم يقضون وقتهم عصرا في المشي على الشاطئ أو الجلوس لقضاء وقت ممتع».
من جهة أخرى، فإن أهالي القرية يطالبون الدولة بأن توجه لهم يد الاهتمام، فلا تجد ساحة شعبية للعب الأطفال اللهم تلك القطعة الصغيرة من الأرض القريبة من الساحل، وبها بعض الأراجيح التالفة، ثم لا تزال القرية في انتظار شبكة المجاري، لكن ما يبعث على التفاؤل، هو أن مشروعا مهما بالنسبة لأهالي قرية جد الحاج بدأ يسير نحو الاكتمال والعمل جار هذه الأيام في استكمال المشروع وتجهيز الطرقات، وهو مشروع تبلغ كلفته مليوني دينار ويشمل إنشاء 38 وحدة سكنية كأحد مشروعات امتدادات القرى.
وحسب ممثل الدائرة في مجلس بلدي المنطقة الشمالية سيد أمين الموسوي، فإن المشروع يضم مواقع مختلفة للخدمات والمحلات التجارية التي تخدم أهالي قرية جدالحاج، أما بالنسبة لشبكة مياه المجاري فقد تم تأجيل العمل عليها إلى ما بعد الانتهاء من تجهيز جميع الخدمات حيث تحتاج إلى بذل جهود متناسبة مع قانون الاستملاك، وهناك أيضا توجه لجعل القرية من القرى النموذجية وفقا لبرنامج التجديد الحضري وهي واحدة من أربع قرى في المحافظة الشمالية.
ويقول رئيس لجنة دعم الطالب ميرزا أحمد كاظم إن من أهم أعمال الصندوق الخيرية هي مساعدة الأسر المحتاجة، وكذلك بالنسبة لمتابعة التحصيل الدراسي لأبناء القرية من مختلف المراحل التعليمية، ولدينا أيضا برنامج لمساعدة الطلبة الراغبين في الدراسة بالخارج حيث نقدم لهم المساعدة وفقا لإمكانيات الصندوق.
أما بالنسبة للخدمات، فيشير كاظم إلى أن الخدمات معدومة بصراحة، ونحن نتابع مع المجلس البلدي بالمنطقة الشمالية موضوع البيوت الآيلة للسقوط، فقد تم هدم وبناء أربعة منازل، وهناك قرابة 6 منازل، وبالنسبة للمشروع الإسكاني، فقد تم تحديد 38 قسيمة وهي لا تغطي طلبات أهل القرية في الأساس، وهناك بعض الأهالي في حاجة إلى الحصول على الخدمة فهناك أحد أبناء القرية، على رغم أن طلبه قديم، لكنه انتقل للسكن في منطقة جدحفص، ولم يقصر كل من النائب السيدمكي الوداعي وعضو المجلس البلدي سيد أمين الموسوي في متابعة مثل هذه الحالات.
ويشير كاظم إلى أن للقرية مدخلا واحدا، لكن هناك مدخل من جهة الشرق يؤدي إلى شارع النخيل باتجاه قرية كرانة، وتجري الاتصالات في هذا الشأن لإيجاد مدخل آخر للقرية تخفيفا للضغط على الطريق.
ويطالب الأهالي الإدارة العامة للمرور بوضع مرتفعات، وبالفعل، جاء فريق من الإدارة لمعاينة الشارع لكننا لا نزال نعاني من مشكلة السرعة، ولم يتم وضع المرتفعات باعتبار أن الشارع غير مكتمل الخدمات، ولا يمكن أن ننتظر إكمال الخدمات حتى يتم وضع المرتفعات فهي مهمة بالنسبة للأهالي.
وهناك مشكلة الإنارة، فهي ضعيفة للغاية، ثم وضع الشاطئ، فهذا الشاطئ سيئ للغاية، وبالنسبة للمرفأ الصغير فإنه بجهود أهل القرية، ويأمل كاظم في الإسراع في تنفيذ المشروعات التطويرية للقرية من جانب الجهات المعنية.
تقع شمال غرب كرانة وشمال جنوسان، على شارع النخيل.
تتكون من مجمع واحد 514.
تبلغ مساحتها 0,58 كيلومتر مربع.
يبلغ عدد سكانها نحو 655 نسمة.
لا توجد في القرية مرافق حكومية، والمشروع الوحيد الحديث هو مشروع جدالحاج الإسكاني ويضم 38 وحدة سكنية، ويتوجه طلبة المراحل الابتدائية والإعدادية إلى مدارس القرى المجاورة، فيما طلبة المرحلة الثانوية يتوزعون على المدارس الثانوية في مختلف المناطق وفقا للمسارات.
مؤسساتها
صندوق جدالحاج الخيري، مأتم جدالحاج، مركز الإمام الجواد للمعارف الإسلامية، وفريق رياضي شبابي.
العدد 2471 - الخميس 11 يونيو 2009م الموافق 17 جمادى الآخرة 1430هـ