العدد 2500 - الجمعة 10 يوليو 2009م الموافق 17 رجب 1430هـ

ساركوزي يقول إنه استعباد المرأة...أين البرقع الذي يريدون منعه؟

إذا تجولت في «بوليفار بيلفيل» في باريس والشوارع المحيطة به، سترى أنها مكتظة بأناس من كل الأشكال والألوان، يرتدون مختلف أنواع الثياب الغربية والإفريقية والأفغانية والباكستانية، لكنك لن ترى برقعا واحدا.

ولو سألت تاجر الملابس «الإسلامية» كما تسمى، ما إذا كان لديه أي برقع للبيع، لأجابك ضاحكا «نعم، في المخزن... لم أنجح في بيع برقع واحد حتى الآن».

وهنا قد يراودك السؤال: لماذا يريدون حظر البرقع إذا؟ وأين البرقع الذي يريدون منعه؟

فقد تعلم أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أعلن أنه لا مكان للبرقع في فرنسا ولابد من منع انتشاره. وبالتحديد، قال في 22 يونيو/ حزيران الماضي مخاطبا مجموعة من المشرعين: «البرقع ليس رمزا دينيا. البرقع علامة على إخضاع المرأة. وأود أن أقول رسميا إن البرقع لن يُرحب به في أراضينا».

وكان بعض المشرعين قد أعربوا عن قلقهم مما يعتبرونه تزايدا في عدد النساء اللائي يرتدين البرقع، لا بمحض خيارهن وإنما بسبب ضغوط رجال الدين الأصوليين بحسب رأيهم، وألحوا على ضرورة أن يتصرف البرلمان الفرنسي في هذا الشأن.

بيد أن انهماك الحكومة الفرنسية في النظر في كيفية حظر انتشار البرقع واحتمال منعه، والأقوال الرئاسية في هذا الشأن، قد أثارت جدلا عاما، بل ورد فعل من جماعة أشهرت أنها فرع «القاعدة» لشمال إفريقيا، وأعلنت على موقع الكتروني أن هذا الموقف الفرنسي هو حرب على المرأة المسلمة وأنها، أي الجماعة، سستنتقم منه.

فقالت الحكومة الفرنسي، إنها متأهبة ضد الإرهاب، لكن العديد من المواطنين الفرنسيين يعتبرون أن هذه القضية مفتعلة وغير ضرورية، ومحاولة لتحييد انتباه الأهالي المعلق على الأزمة الاقتصادية.

وصرح معاون اجتماعي فرنسي طلب عدم الكشف عن هويته «في آخر ثمان سنوات، ربما رأيت امراة واحدة فقط ترتدي البرقع... ولعلمك فأنا أعمل في حي مهاجرين».

وأضاف لوكالة «إنتر بريس سيرفس»: «أعتقد بأن الحكومة تحاول أن تخلق مشكلة حيثما لا توجد، لكي نتوجه بعقولنا بعيدا عن الأزمة المالية، لكي نلتهي بالحديث عن البرقع».

يذكر أن عدد المسلمين المقيمين في فرنسا يبلغ خمسة ملايين مسلما. وهناك توترات بينهم وبين السلطات بشأن عدة أمور، ويخشى أن تتسبب قضية البرقع في تصعيدها.

وهنا أكد مدير الفرع الفرنسي لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية العالمية جان-ماري فاردو، أن «أي حظر (للبرقع) من جانب الدولة، سيأتي بنتائج عكسية، ويضع النساء في وضع أضعف مما هن فيه بالفعل عندما تُجبرن على ارتداء البرقع أو النقاب».

وشرح لـ «آي بي إس»، أن حظرا من هذا النوع «سيمثل تقييدا لحرية التعبير ولحرية العقيدة، فنحن نعلم أن بعض النساء يرتدينه بمحض اختيارهن».

ونبه إلى أن «قرارا من هذا النوع من الحظر إنما يستهدف فقط المسلمات، وبالتالي فسيعتبر تفريقا وتمييزا مزدوجا، أي من معيار المساواة ومن منظور الدين. ليس من اختصاص الدولة أن تقرر نيابة عن النساء».

هذا، وقد هرع الصحافيون إلى الأحياء «المتعددة الجنسية» للتعرف على رأي المسلمين في البرقع، وبإلحاح كثير ما سبب مضايقات.

ويقول حفناوي، الذي يدير متجرا لبيع الملابس والكتب الإسلامية «كل هذا مجرد دعاية سياسية. فرنسا لديها مشكلة مع الإسلام. إنهم يريدون تحييد انتباه الناس عن المشكلات الوطنية، وبالتالي خلقوا عدوا». وأضاف أنه لم يرَ أي برقع «ماعدا على شاشة التلفزيون».

وسارع آخرون في الانضمام إلى الحديث. وتساءل رجل: «لماذا لا يتحدثون عن البنات المسلمات اللائي يقعن ضحية المضايقات والسب والشتم أمام الفرنسيين بسبب ملابسهن؟».

وتدخل حفناوي ليشرح أن المقصود من استخدام كلمة «برقع» هو إثارة نوع من الصدمة، فهناك كلمات أخرى مثل «نقاب» مثلا. الحكومة تستعمل كلمة «برقع»، لربطها بفكرة الإرهاب. إنهم يدركون أنهم يدفعون بذلك المناخ المناهض للإسلام نحو المزيد من التفاقم».

وأضافت سيدة ترتدي ملابس سوداء وغطاء رأس أسود، أنها تخجل من التردد على بعض الأحياء التي تعتقد بأنها ستعترض على ملابسها. وقالت «من الزائف القول إن هذا النوع من الملابس سجن للمرأة. لقد اخترت لنفسي أن أرتديها».

وذكرت أخرى، أن هناك بعض النساء اللائي يجبرن على تغطية الرأس، وأن أقلية ضئيلة منهن يضطررن إلى ارتداء البرقع. وأكدت أنه «لا يوجد فارق كبير بين إجبار المرأة على ارتداء ملابس بعينها، ومنعها من ارتدائها».

العدد 2500 - الجمعة 10 يوليو 2009م الموافق 17 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً