أفاد عدد من أصحاب حملات العمرة البحرينية أن الخوف من تفشي مرض انفلونزا الخنازير كان العامل الأبرز في عزوف البحرينيين عن أداء العمرة الرجبية التي طالما كانوا من السباقين إليها على مدار السنوات الماضية.
من جهته، قال أحد أصحاب الحملات إنه كان يسيّر خلال شهر رجب ما لا يقل عن 10 حافلات بمعدل حافلتين إلى ثلاث بشكل أسبوعي، إلا أنه هذا العام استطاع تسيير حافلة واحدة لحد الآن، فيما ينتظر أن يكمل التسجيل في حافلتين أخريين، لافتا إلى أن كثيرا من المواطنين ألغوا حجوزاتهم للعمرة بعد تسارع انتشار «الانفلونزا» عالميا والخوف من وصولها إلى الأماكن ذات الاختلاط الكثيف، وتعد مكة من أكثرها.
ويتزامن ذلك، مع توارد أنباء عن احتمال وضع قيود على فريضة الحج هذا العام تحسبا من انتشار فيروس انفلونزا الخنازير، في الوقت الذي سجلت فيه مكة المكرمة والمدينة المنورة عددا من الإصابات.
مكة المكرمة - حسن المدحوب
هنا... غير بعيد عن الحرم المكي، وعلى مسافة لا تزيد عن بضعة أمتار منه كانت «السوق المسقفة» وهي المكان المفضل للتسوق لدى المعتمرين البحرينيين الذين كانوا يتوافدون جماعات وفرادى لأداء العمرة، وخاصة «الرجبية» منها والتي تتم في مثل هذا الوقت من العام.
اليوم اختفت هذه السوق التي يعود تاريخها العريق إلى مئات السنين، وكذلك اختفى الكثير من المعتمرين البحرينيين عن التواجد في هذه البقعة المقدسة هذه الأيام.
السوق اختفت بعد أن أزيلت عن بكرة أبيها بسبب أعمال التوسعة التي يشهدها الحرم المكي منذ ما يقارب العامين، كما اختفت كل المباني الشاهقة التي تقع بالقرب من الحرم، غير أن غياب البحرينيين الذين ما فتئوا يقصدون هذا المكان طوال السنوات الماضية كان لسبب مختلف تماما.
أصحاب حملات العمرة البحرينية يؤكدون أن الخوف من تفشي «الانفلونزا» كان العامل الأبرز في عزوف البحرينيين عن أداء العمرة الرجبية التي طالما كانوا من السباقين إليها على مدار السنوات الماضية.
كذلك يشير عدد من أصحاب الحملات إلى أن تزامن شهر رجب الأصب مع بدء الإجازة الصيفية ساهم بدرجة ما لتغيير مقاصد المواطنين في السفر، إذ يتجه البحرينيون لقضاء إجازاتهم الصيفية لأماكن ووجهات دينية وسياحية مختلفة.
وقال أحد أصحاب الحملات لـ «الوسط» إنه كان يسيّر خلال شهر رجب ما لا يقل عن 10 باصات، بمعدل باصين إلى ثلاثة بشكل أسبوعي، إلا أنه في هذا العام استطاع تسيير باص واحد لحد الآن، فيما ينتظر أن يكمل التسجيل في باصين آخرين الآن، لافتا إلى أن كثيرا من المواطنين ألغوا حجوزاتهم للعمرة بعد تسارع انتشار الانفلونزا عالميا والخوف من وصولها إلى الأماكن ذات الاختلاط الكثيف، والتي تعد مكة من أكثرها.
إذا كنت ممن قصد «البيت الحرام» سابقا في هذا الوقت من العام، قد لا تلحظ للوهلة الأولى أن هناك عزوفا لدى الناس من ارتياد مكة والعمرة إليها، لكنك بعد أمد ليس بالبعيد ستتيقن أن هناك فرقا «نوعيا» في معتمري العام الحالي عن سابقيه، ذلك أنك ستلحظ تراجعا في أعداد بعض معتمري بعض الجنسيات، في قبال تصاعد في الأعداد لدى جنسيات أخرى.
في طريقك إلى البيت العتيق، لابد لك أن تمر أمام أعمال الحفر والدفن والإنشاءات التي تتم على قدم وساق خلال 24 ساعة يوميا والتي تجري في ثلاث جهات قبالة الحرم المكي، فالسوق المسقفة أزيلت وكذلك «شيراتون مكة» ذو الخمس نجوم وعشرات الفنادق والمحال التجرية القريبة من الحرم قد تمت تسويتها بالأرض، وحينما تصل إلى الحرم المكي، سيصادفك عند مدخله «المسعى» الجديد الذي تمت توسعته، وها هي الأعمال فيه شارفت على الانتهاء، وأصبحت طاقته الاستيعابية تتجاوز ضعف ما كان يتحمل قبل التوسعة. حشود من المعمترين عربا وعجما يسعون بين الصفا والمروة، قليل منهم يرتدي الكمامات الواقية، فيما فضل أكثرهم فيما يبدو أن لا يدير بالا للهواجس التي تجتاح الملايين من «الوباء» الذي ينتشر بسرعة عبر التنفس.
لكي تصل إلى «البيت» لابد لك من السير في المسعى، بدءا من «المروة» حيث دخلت حتى تقترب من «الصفا» حيث يبدأ المعتمرون أول شوط للسعي، حيث تجد مدخلا تتجه خلاله إلى «الكعبة المشرفة» من ناحية «باب الفتح» وهو أحد الأبواب القليلة التي بقيت مفتوحة بعد إغلاق أغلب الأبواب المؤدية إلى «البيت» بسبب أعمال التوسعة الحالية.
ها هي ذي مقصد الملايين، الناس بتلاوين بشراتهم وأعراقهم «بيض» بما يلبسون يدورون في حركة منتظمة حول هذه الأستار السوداء، الحشود تجاوزت في طوافها حول «البيت» مقام إبراهيم، الآلاف غيرهم متناثرون حول الجهات الأربع للبيت مصلين نساء ورجالا، شيبا وأطفالا قائمين أو قاعدين.
إذا اتجهت في الحرم المكي يمينا ناحية «المستجار» أو «ميزاب الرحمة» وهي نواحٍ من أركان «البيت الشريف»، يفضل المعتمرون البحرينيون الجلوس قبالتها سيكون من النادر أن ترى منهم إلا القلائل الذين أصروا فيما يبدو على أداء عمرتهم على رغم المخاوف التي تعتمر أنفسهم من «الوباء». البحرينيون يعشقون العمرة ويذوبون بها، وهم إذا ما غابوا عنها هذه الأيام لطارئ ما فلابد أنهم ملاقوها في القريب العاجل.
العدد 2500 - الجمعة 10 يوليو 2009م الموافق 17 رجب 1430هـ