«لم أكن قد اجتزت بوابة السجن، بعد لقائي الوحيد مع زوجي مروان البرغوثي حتى أجهشت بالبكاء، كما لو أنني لم أبكِ في حياتي».
بهذه الكلمات الممزوجة بكل الحزن الفلسطيني، روت المحامية فدوى مروان البرغوثي لـ «الوسط» قصتها.
قالت: «التقيت مروان مرة واحدة في سجنه، كنت شديدة الحرص على عدم البكاء أمامه، حرصا على معنوياته. لكنه فاجأني بذاك الكم الهائل من المعنويات القوية. قلت في نفسي: إنه مروان الذي أعرفه. إنه ابن هذا الشعب الفلسطيني الصابر، المقهور».
تتحدث فدوى البرغوثي وفي داخلها قهر دفين، لا تريده أن يطفو. تحاول وتجهد في محاولاتها لتمنع الدمع من الانجراف.
قوية في إدراج حجتها كمحامية. رقيقة حتى التماهي بلون الحزن كأم وكزوجة. تتقن فن اختيار الكلمات منعا لسوء استغلال المعنى من قبل هذا العدو الذي تعجز الكلمات المتوحشة عن وصفه.
أعربت عن أملها في زيارة منطقة الخليج العربي خلال الجولة التي تقوم بها لشرح قضية مروان البرغوثي ولمنع محاكمته بوصفه نائبا، ولمنع إسرائيل لاحقا من محاكمة أي مسئول فلسطيني بمن فيهم رئيس السلطة. ولأنها تدرك أهمية الحملة الإعلامية التي واكبت اعتقال مروان في الخارج أكدت أنها بعد زيارتها المغرب بدعوة من برلمانيين ومنظمات غير حكومية، ستكون سعيدة إذا ما زارت الخليج العربي والتقت أهله الداعمين للانتفاضة الفلسطينية ولقضية مروان وكل المعتقلين في السجون الإسرائيلية.
وأبدت فدوى عتبها على غياب خطة منهجية عن أي تحرك لوسائل الإعلام العربية وللشارع العربي. فهما إلى كون أهمية ما يبديانه من تعاطف، يفتقدان الاستمرارية.
وطالبت العرب بأن يجعلوا من يوم محاكمة مروان بما هو رمز، يوم تضامن مع الشعب الفلسطيني.
وذكرت أيضا، أن 142 تهمة وُجهت إلى مروان، ما يعني أن إسرائيل تريد إبقاءه مدى الحياة في السجن، هذا إذا لم تعمد إلى تصفيته.
وأضافت: هناك 8 آلاف معتقل فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية، بينهم 6 آلاف معتقل خلال الانتفاضة الأخيرة. كما توجد 39 امرأة تحت التعذيب، و250 طفلا تحت سن الـ 15 يقبعون إلى جانب المجرمين الإسرائيليين ومدمني المخدرات.
وعن مشاركتها في «قمة الأرض» في جوهانسبرغ، أشارت إلى أن إسرائيل أرسلت 500 شخص للتشويش على وجود الوفد الفلسطيني الذي خطف الأضواء.
وفي حين أشادت بانتصار الإخوة في حزب الله للمناضلين الفلسطينيين، أكدت أنها لا ترفض لقاء أي مسئول عربي، وأكدت عدم اجتماعها مع أي من المسئولين في حزب الله بسبب ضيق الوقت.
تنهي فدوى البرغوثي حديثها إلى «الوسط»، لتلبي باقي المواعيد الإعلامية. وبين كل شرح قانوني وآخر تجيده، تتسرب من خلف العيون الساكنة بالدمع، كل أنواع الوجع المغضوب عليه، «فالمعاناة كبيرة، وأحيانا نهرب منها بأننا أقوياء... وقدرنا أن نبقى أقوياء»... هكذا تقول
العدد 2 - السبت 07 سبتمبر 2002م الموافق 29 جمادى الآخرة 1423هـ