العدد 6 - الأربعاء 11 سبتمبر 2002م الموافق 04 رجب 1423هـ

كيف تعاملت أميركا مع التحذيرات بوجود هجمات تخطط لها القاعدة؟

قبل عام واحد فقط، وقبل ثلاثة أيام من أكبر هجوم منفرد وفريد في التاريخ الحديث، «اللغو» أصبح يعلو. ومرة أخرى، المخابرات الأميركية رصدت زيادة في الاتصالات الإلكترونية بين أشخاص مشكوك في أنهم من القاعدة. ولكن ذلك لا يقدم إجابة على السؤال الأساسي. إذا لم يكن ذلك بمثابة إعلان فعلا بهجوم آخر، فأين وبأي شكل سيحدث؟

إن صعوبة تحويل التحذيرات العامة بشأن هجوم إلى عمل وقائي محدد قد برزت مرة أخرى هذا الأسبوع، مع كشف حقيقة أن وزير خارجية طالبان حاول عبثا إيصال تحذير إلى الولايات المتحدة والأمم المتحدة العام الماضي بأن أسامة بن لادن كان يخطط لهجوم ضخم على الأرض الأميركية.

التحذير الطالباني ارتبط بقائمة طويلة بدأ بمؤشرات واضحة على الاختطاف الانتحاري. وتراوح ذلك ما بين إنذارات مقتضبة من قبل وكالة الأمن الوطني قبل 24 ساعة من أن «غدا هو الموعد»، إلى تقرير أصدره مكتب التحقيقات الفيدرالي في أريزونا، منذ فبراير/ شباط من العام 2001 عن عدد غير طبيعي من العرب يتلقون دروسا في الطيران.

والأكثر غرابة، ربما، ما كان من فشل مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن في التعامل مع تحذير معين تلقاه من مكتبه في مينيبوليس عن سلوك مريب من زكريا موسوي، طالب الطيران، المتهم الوحيد بالمشاركة المباشرة في الهجمات.

هذه القطع المتناثرة وضعت إلى جوار بعضها، بحيث يقال إن الرئيس بوش نُبِّه في تقرير استخباراتي يومي في بداية عطلته بشهر أغسطس/ آب 2001م. كانت هناك علامات على أن أسامة بن لادن كان يخطط لضرب أهداف أميركية في المستقبل القريب، ولكن السؤال كان: ما هي هذه الأهداف؟ وبأي أسلحة ستضرب؟ ولم يكن أحدا يتصور أن 4 طائرات محملة بالركاب ستتحول إلى قذائف صاروخية. ولم يحدث شيء عنها، وجاء كشف تجاهل التحذيرات التي وصلتهم من أفغانستان فقط لتشعل الانتقاد القائل: إن المخابرات الأميركية كانت نائمة عن القيام بعملها!

وتحدث مسئولون أميركان عن الفرق بين المخابرات «الاستراتيجية» التي تعطي الصورة الكاملة، والمخابرات «التكتيكية» التي تزودك بالتفاصيل. ولكن هذا الشرح إنما هو مجرد طريقة أخرى للتعبير عن المشكلة الحقيقية التي تعاني منها أميركا. وذهب البعض إلى إلقاء اللوم في الفشل على القوانين التي فرضت على السي. آي. إيه، ما صعب عليها الحركة.

والتنافس بين مكتب التحقيقات الفيدرالي والمخابرات المركزية الأميركية لم يساعد في الأمر، ولا حتى نظام الحاسوب العتيق لدى مكتب التحقيقات نفسه. وحاول الرئيس بوش أن يقوي دفاعات أميركا ضد الإرهاب بتشكيل إدارة خاصة لأمن البلاد، ولكن خططه عجزت عن التقدم إلى الأمام وسط هذه الفوضى كلها.

إنها ستأخذ أكثر من هزة بيروقراطية أو تحديث أجهزة لاستخلاص القطع الصغيرة الذهبية «التكتيكية» من «البتر الاستراتيجي». وفي الوقت نفسه، يجب ألا تهمل التحذيرات على نمط طالبان اليوم. فالخطر مازال ماثلا.

وفي حمى اليأس، وسعيا وراء اجتناب اللوم، أصدرت المخابرات تنبيهات عن حوادث «إرهابية» غامضة غير محددة، وبذلك حققت أسوأ نتيجة: أشاعت مزيدا من القلق بين الناس، وأقل ميلا لبذل الانتباه مع كل تنبيه عابر يثبت أنه غير موجود.

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 6 - الأربعاء 11 سبتمبر 2002م الموافق 04 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً