خلال العقد الثمانيني من القرن الماضي فاز ثلاثة من الكتاب اليهود من جنسيات مختلفة بجائزة نوبل للآداب، وكانت تجاربهم غير مقنعة، كما أن فوزهم نزل كالصاعقة على حساب تجارب أكثر أهمية.
وعندما فازت الجنوب إفريقية نادين جورديمر العام 1991م، وهي يهودية أيضا بالجائزة، لم يثر هذا التكريم القيل والقال، لأهمية تجربتها، فالمعيار يظل أبدا منحازا للإبداع نفسه.
إلا أن الحديث عن جائزة نوبل للآداب بعد انتهاء كل دورة، يلفت دائما إلى المعايير التي تؤخذ في الحسبان لمنح هذا الجائزة، فهي تخضع أحيانا لمعايير جغرافية، وتارة لأسباب سياسية، ومرة تعتمد الأصول العرقية.
وعندما أعلن فوز الهنغاري إيمري كيرتيش (1929) بالجائزة، كانت ردات الفعل القوية مستنكرة، فالرجل غير معروف، وإنتاجه قليل جدا، وإن كان أسلوبه متميزا كما ادعت اللجنة المانحة، أو بسبب ما ساقته من كونه يمثل تجربة الفرد الضئيل (أي اليهودي) أمام وحشية التاريخ (أي النازي). إلا أن الأهم كونه يرى العالم بعيون يهودية، وأنه ـ في الواقع ـ لم يكتب سوى عن معسكرات النازية.
ويبدو أن معضلة الجائزة ستظل مستمرة، ويحرم منها باستمرار من لهم الأحقية واليد الطولى في الاقتراب من هموم البشر عامة، بنفس إبداعي يخترق الجغرافيا، ويظل في حيز التاريخ.
وتكفي الإشارة إلى أن كاتبا عملاقا من طراز جيمس جويس فاتته الجائزة، وكذلك المسرحي الأرجنتيني بورخيس، في حين فاز بها تشرتشل تقديرا لإبداعاته!
العدد 36 - الجمعة 11 أكتوبر 2002م الموافق 04 شعبان 1423هـ