أعلن رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد أن ثماني دول إسلامية افتتحت وكالة دولية الأحد الماضي ترمي لوضع معايير لنظام مالي إسلامي سينهي «عبودية الديون». وعهد إلى المجلس الإسلامي للخدمات المالية الذي افتتح في العاصمة الماليزية كوالالمبور وضع معايير للمؤسسات الإسلامية وضمان التزام تلك المؤسسات بأحكام الشريعة الإسلامية.
والدول المؤسسة للمجلس الجديد هي ماليزيا واندونيسيا والبحرين والسعودية وإيران والسودان والكويت وباكستان. وفي كلمة له أمام حوالي ألف مندوب من شتى أرجاء العالم الإسلامي قال مهاتير ان السمة الرئيسية للنظام الإسلامي تتمثل في اقتسام المخاطرة بالتساوي بين المقرض والمقترض. وأوضح ان النظام المصرفي الدولي ينحاز بشدة إلى جانب المقرضين وان بعض الدول ينتهي بها الحال في الوقوع في براثن «عبودية الديون». وتابع مهاتير «إنهم لا يقدمون قروضا إذا لم يستطيعوا الهيمنة على مقترضيهم من اجل استعادة قروضهم بصرف النظر عن البؤس الذي ربما يسببه هذا الأمر».
وقال مهاتير الذي رفض خطة إنقاذ من جانب صندوق النقد الدولي خلال الأزمة المالية الآسيوية في أواخر التسعينات أو الخضوع لسياسات صندوق النقد الدولي التي تسببت في آلام اقتصادية للدول المجاورة لبلاده «من الواضح ان عبودية الديون لم تنته في النظام المالي العالمي».
وقال مصرفيون مشاركون في افتتاح المجلس ان تنامي الطلب على الاستثمارات الخاضعة لمعايير خلاقية تجاوز حاجز الديانات وان نشاط غير المسلمين في مجال الاستثمار في الأوعية الاستثمارية الإسلامية يتنامى باستمرار. وأوضح هؤلاء المصرفيون ان بعض العرب الذين سحبوا استثمارات من الولايات المتحدة خشية التعرض لرد فعل قوي على اثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول على واشنطن ونيويورك يودعون أيضا المزيد من الأموال في بنوك إسلامية.
وقال مصرفي ماليزي مسلم «في الواقع ان رد الفعل القوي ضد المسلمين في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر يصب في صالح البنوك الإسلامية». وتشير احدى التقديرات إلى ان أموالا إسلامية قيمتها 200 مليار دولار فرت من الولايات المتحدة. وقال نور الزمان عزيز رئيس هيئة لابوان الماليزية للخدمات المالية المصرفية الخارجية «خرجت أموال إسلامية قيمتها نحو 200 مليار دولار من الولايات المتحدة وتبحث الآن عن موطن».
وقال مصرفي غربي ان صناديق إسلامية تديرها بنوك غربية تحظى أيضا بإقبال من جانب غير المسلمين الذين يقبلون على الاستثمارات التي تخضع لمعايير أخلاقية. وهناك نحو 200 مؤسسة مصرفية إسلامية في 48 دولة على الأقل تبلغ قيمة أصولها المجمعة حوالي 170 مليار دولار. وقال المجلس العام للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ومقره البحرين انه من المتوقع ان ينمو القطاع المصرفي الإسلامي الذي حقق معدل نمو بلغ أكثر من عشرة في المئة سنويا على مدار الأعوام الأربعين الماضية ان ينمو المعدل بنفسه خلال العقود المقبلة. كما تجرى جهود أيضا لتطوير سوق إسلامية لرؤوس الأموال لاستغلال أموال تقدر قيمتها بنحو 1,3 تريليون دولار مستثمرة حاليا في أسواق تقليدية.
تدير ماليزيا التي يشكل المسلمون غالبية سكانها نظاما مصرفيا إسلاميا جنبا إلى جنب مع نظام مالي تقليدي وهو الاتجاه الذي قال مهاتير انه سيستمر. وقالت محافظة البنك المركزي الماليزي سيدي أخطار عزيز لدى افتتاح المجلس «توصف العمليات المصرفية والتمويلية الإسلامية بأنها صفحة مياه البحر. لأنه إذا لم نشجع استغلال أعماق «هذا البحر المصرفي والى ان ننجز هذا الأمر فانه لن يكون بوسعنا أبدا استخراج الثروات التي ينخر بها». وتستحوذ المصارف الإسلامية الماليزية على حوالي 8,8 في المئة من إجمالي الأصول المصرفية في البلاد التي تبلغ قيمتها نحو 65 مليار رنجيت 17 مليار دولار. وفي يونيو/ حزيران أكملت ماليزيا أول إصدار من السندات الإسلامية الدولية في العالم وهو الإصدار الذي تولت صادراته مؤسسة اتش.اس.بي.سي المصرفية
العدد 60 - الإثنين 04 نوفمبر 2002م الموافق 28 شعبان 1423هـ