العدد 63 - الخميس 07 نوفمبر 2002م الموافق 02 رمضان 1423هـ

بعد سنوات من الإهمال... طنجة تجذب الأنظار من جديد

بول باولز - الأميركي الذي أقام ردحا من الزمن في طنجة وكتب فيها روايته «The Sheltering Sky» ووضع مدينة الخطيئة واللهو هذه على الخريطة- رحل منذ زمن بعيد.

إلا ان المنطقة الدولية السابقة هي التي اشتهرت بالمخدرات والجنس العرضي واللهو غير البريء على تخوم مجتمعها القبلي المحافظ وشديد الاعتزاز بتراثه الإسلامي، تسير قدما إلى الأمام.

الأبنية السكنية والقصور تنبت مثل الفطر على سفوح التلال التي كانت ترعى فيها الماشية، فيما تنتج المصانع في المناطق الحرة الألبسة والسلع الكهربائية لتصديرها شمالا إلى أوروبا.

ثمة أسباب كثيرة للازدهار الجديد الذي تشهده طنجة التي هي إحدى أقدم المدن الافريقية المأهولة بصورة متواصلة وأقربها إلى أوروبا، وأبرزها وجود الملك محمد السادس، العاهل البالغ من العمر 38 عاما والذي اعتلى العرش المغربي في 30 يوليو/ تموز 1999.

أمضى الملك محمد السادس فصول الصيف في طنجة مستمتعا بنسائم البحر وشطآنه الجميلة والحياة الرياضية بعيدا عن الرسميات والبروتوكولات الخانقة في البلاط الملكي.

وهذه السنة اختار الحسن السادس طنجة - التي أهملت عن قصد طيلة حكم والده الذي دام 38 سنة - ليلقي منها خطاب العرش السنوي الثالث له. وفي اليوم التالي توجه إلى تطوان إذ احتشد زعماء البربر من منطقة جبال الريف على صهوات خيولهم بألبستهم التقليدية الكاملة لتقديم واجب الاحترام له.

في العام 1912، عندما أخضعت القوات الاسبانية والفرنسية القبائل المغربية وخلعت السلطان أقامت فرنسا محمية على معظم أراضي المملكة. واستولت اسبانيا على العشرين في المئة الباقية من الأراضي في الشمال.

وتم احتواء الخصومة الشديدة على طنجة بين القوى الاستعمارية المتنازعة على الأراضي في العام 1923 بتحويل المدينة إلى منطقة دولية. واستعاد المغرب استقلاله في العام 1956 وأخذت طنجه تعود إلى المغرب بصورة تدريجية.

ولايزال النفوذ الاسباني قويا في طنجة وفي شمال المغرب مع ان العربية والفرنسية هما اللغتان الرسميتان. والنزهة التقليدية في العصر، أو «بازيو» الدارجة في المدن والقرى في جنوب اسبانيا دارجة أيضا في طنجة، مع ان كثيرين يقومون بها هذه الأيام بأحدث موديلات السيارات التي تنطلق منها الأغاني المغربية المميزة في الشوارع التي تنتصب على جوانبها أشجار النخيل الباسقة.

وتنقل عشرات الألوف من هوائيات وأطباق تلفزيونات الأقمار المنصوبة على سطوح وشرفات المنازل برامج المسابقات الاسبانية والمسرحيات الفرنسية والأخبار من الكثير من البلدان العربية إلى منازل طنجة.

وعلى رغم عدم توافر أرقام يمكن الركون إليها، يعتقد ان أموال صادرات الحشيشة وبالات الماريوانا المحظورة إلى أوروبا هي التي تغذي حركة العمار المزدهرة في طنجة وتشجع على النزوح من المناطق الريفية إلى المدينة.

إن حقول الماريوانا - التي تسمى هنا «كيف» التي تغطي أهداب وسفوح جبال الريف، هي عصب اقتصاد المزارعين البربر على غرار دور أوراق الكوكا بالنسبة للفلاحين في كولومبيا والبيرو. في أواسط شهر يوليو/ تموز الماضي أدى تبادل إطلاق النار في أحد مقاهي طنجة إلى مصرع عدد من الأشخاص فيما اعتبر حادث تصفية حسابات جديد عنيف ومخيف بين مهربي مخدرات مغربيين مقيمين في أوروبا عادوا إلى بلدهم لقضاء إجازة.

في صيف كل عام يعود عشرات الألوف من المغاربة المقيمين في الخارج من أوروبا إلى البلد عبر طنجة مع سياراتهم المليئة بالسلع والأجهزة لبيعها محليا لتأمين مصاريف سفرهم. وفي بقية فصول السنة يبعث هؤلاء تحويلاتهم إلى ذويهم في المغرب ويشكلون بذلك مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة

العدد 63 - الخميس 07 نوفمبر 2002م الموافق 02 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً