العدد 63 - الخميس 07 نوفمبر 2002م الموافق 02 رمضان 1423هـ

الزوج الدكتاتوري والزوجة النموذجية

الدكتاتورية، حب التسلط، التلويح بالعصا الغليظة... هي عبارة عن امراض سيكولوجية (نفسية) تقضي على صاحبها سواء أكان نظاما أو انسانا أو حزبا سياسيا. فكما يحدثنا التاريخ عن انظمة دكتاتورية كالنظام النازي، يحدثنا عن افراد لبسوا لبوس القمع وابادة الآخر... منهم الزوج الدكتاتوري... فهو يمتاز بحكم مطلق شمولي داخل اسرته، يقمع الزوجة والاولاد والخادمة وكل من يراه امامه. لا يتوانى في تحويل المنزل إلى زنزانة انفرادية محكومة بحال الطوارئ المزاجية المستنفرة لمزاج الزوج. وقد تكلم علماء النفس عن اسلوب خاطئ من الاساليب غير السوية في حياتنا الزوجية وهو: اسلوب التسلط والقسوة، وذلك يكون عندما يفرض احد الزوجين - وكلامنا هنا عن الزوج - آراءه على الزوجة بطريقة قسرية وباستخدام اساليب العقاب النفسي او البدني في المعاملة. هناك معاملات ومسلكيات وانساق شاذة مرضية يتعاطى بها الزوج تجاه زوجته بوصفها وسائل ضغط يمارسها لقهر الزوجة على الاخذ بآرائه حتى لو لم تكن ملزمة بها اسلاميا واجتماعيا وفكريا. فيعمد إلى عدة اساليب لقمعها منها:

1- اسلوب الاهمال المتعمد وعدم احساسها بقيمتها. وهذه مشكلة تعاني منها كثير من الاسر البحرينية وهو اسلوب التهميش من قبل الزوج، فلا رأي لزوجته، وهي مسلوبة الإرادة، تماما كما يتعامل مع خادمة المنزل.

ومن مظاهر الاهمال عدم الكلام معها، تجاوزها، إلغاء شخصيتها، هجرانها والاستهزاء بها امام عشيرته او اهل بيته او الاقارب او الاصدقاء. وهناك بعض الازواج من يحاول جرح زوجته حتى امام الغرباء ويقوم بإلقاء الالفاظ القاسية والجارحة عليها من دون مراعاة لأدنى حقوق الزوجية. ويقوم كذلك بمحاسبتها حتى على الامور الصغيرة والهامشية التي لا تستدعي الصراخ والضجيج الذي يمارسه الزوج، بل احيانا يلجأ إلى العنف طريقا لاحكام القبضة الحديد على الاسرة (العنف الاسري)، هذا العنف ينعكس على سلوكيات الابناء ما يسبب لهم عقدة نفسية عدائية تنعكس غدا على سلوكهم تجاه ابنائهم وحتى زوجاتهم.

ان تقديم النموذج الطيب إلى الابناء له الانعكاس الايجابي على التكوين النفسي للطفل واتخاذه الاب مثلا اعلى.

هذه تكملة لموضوعات سابقة عن الحقوق الزوجية ولذلك وجب ان نتكلم عن حقوق الزوج، فيجب على الزوجة ان تبادله الاحترام والتقدير وتوفير كل سبل العيش الكريم الذي يوجب تكريس السعادة داخل هذا العش. فعلى المرأة ان تلتزم بواجباتها تجاه زوجها، فالمرأة المستهترة في اداء حقوق الاسرة قد تهدم عشها الاسري بيدها من دون ان تشعر، وقد تكون عاملا مساعدا في هروب الزوج وطيرانه من يدها فيقع في مصيدة زواج آخر اذا لم توفر له الزوجة المناخ السعيد الملائم. فقد يصل الزوج إلى قناعة بأن (افضل سلاح ضد المرأة هو امرأة اخرى) فلذلك على المرأة ان تجتهد ما وسعها ذلك في توفير الوئام الاسري المناسب والابتعاد عن كل ما يعمل على ارباك الاسرة. هناك بعض النساء من تحاول جعل الزوج عصفورا لا حول له ولا قوة، تسلبه كل امتيازاته، تملي عليه شروطها، هي الآمرة وهي الناهية والمثل يقول (في ضعف الرجل قوة المرأة).

لهذا يدعو الاسلام إلى التوازن في قيادة الاسرة بما فرض من تشريعات، الرسول (ص) يقول: «من آذت زوجها لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر». الحديث لا يعني ان تُسلب شخصية الزوجة او تُهمش اسريا في سبيل سعادة الزوج، وانما المقصود هو التوافق بأن يعرف كل واحد منهما ما له من حقوق وما عليه من واجبات. فاحترام الزوج يعمل على تقوية العلاقة، «احترام غيبته، اسراره، الحفاظ على عفتها داخل وخارج الاسرة وألا يقع نظرها على رجل آخر».

الاعتناء بجمالها: فالمرأة المسلمة النموذجية هي من تجتهد في الاعتناء بمظهرها وجمالها وزينتها لأجل الزوج. بعض الازواج مازالوا يشتكون زوجاتهم إذ أن البعض منهن لا يتزين إلا ساعة وجود حفلة عرس في القرية أو المدينة، فالزوج يقول: «انها تتجمل لاعراس القرية، وليس لزوجها». في حين ان بعض الزوجات يشتكين من المشكلة ذاتها، انهن يبقين بالساعات امام المرآة في تزيين انفسهن، بيد ان الزوج شخص متخشب فاقد للذوق الجمالي وتذوق الجمال، فكأن الزوجة تمر على جلمود صخر خال من المشاعر والاحاسيس. لكن على رغم بعض الحالات الشاذة من الطرفين، يبقى ان كلا الطرفين يميلان إلى الجمال فطريا قبل ان يصبح قيمة سلوكية. يقول بعض الازواج: هل تصدق انني لا اميز احيانا بين زوجتي و(الخدامة) واحيانا تفوق الثانية الأولى ترتيبا واعتناء بذاتها. الحديث يقول: «جهاد المرأة حسن التبعل» اي حسن المعاملة الزوجية، لهذا جاءت الأحاديث مركزة على كل هذه المعاني الخلقية التي تطمح إلى توافرها في الزوجة النموذجية:

«ان من شر نسائكم الذليلة في اهلها العزيزة في بعلها»

ويوصي الرسول (ص) المرأة قائلا: «فلا تقع عينه منك على قبيح».

الاعتناء بالمنزل ونظافته: الانسان يستطيع ان يميز المرأة من منزلها - احيانا - فالمنزل النظيف يدل على ان وراءه امرأة نظيفة. وعادة ما يقيس الضيف الصديق صدقية نظافة المرأة عبر غرفة الضيوف. فنظافتها مؤشر وقراءة أولية لطبيعة المرأة التي تقو د هذا المنزل. نحن نحتاج إلى ثقافة ذوقية في تنظيف بيوتنا، في ترتيب الاطفال، في اظهار اللمسات الذوقية على الطعام. فطريقة وضع الطعام ايضا تعكس مدى ثقافة المرأة الذوقية داخل هذه الاسرة.

ابتسامة المرأة: يقول المثل: «وراء كل رجل سعيد امرأة لا تفارق الابتسامة شفتيها» فالابتسامة حبالة المودة.

يقول الحديث: ان رجلا جاء إلى رسول الله (ص) يقول له: ان لدي زوجة ان اردت الخروج من المنزل شيعتني وإن رجعت الدار استقبلتني وإن رأتني مهموما قالت لي: إن كان همك في رزقك فقد تكفل به ربك وإن كنت مهموما لآخرتك فزادك الله همّا. فقال رسول الله (ص): ان لله جنودا فهذه من جنود الله لها نصف أجر شهيد.

هذا اذا حسن تبعلها، وحافظت على اسرتها من كل ما يتهددها، والبيت القائم على التفاهم لا يمكن ان يكسره الظلام

العدد 63 - الخميس 07 نوفمبر 2002م الموافق 02 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً