ألقت واشنطن بثقلها هذا الأسبوع في دعم إصلاح حلف شمال الأطلسي ليكافح الإرهاب، وحتى يستوعب دخول أعضاء جدد من دول شيوعية سابقة.
وعندما سافر الرئيس بوش إلى براغ لالتقاء زعماء الدول الأعضاء التسع عشرة، رحب بتوسعة الحلف على أساس أن «اتفاق وارسو أصبح الناتو، بخطى بطيئة ولكنها ثابتة».
بينما صرح السفير الأميركي لدى الناتو، نيكولاس بيرنز بأن قمة براغ «تدشن تحول الناتو، بإضافة إمكانات عسكرية جديدة للدفاع عنا، وأعضاء جدد لتقويتنا، وعلاقات جديدة مع روسيا ودول أخرى للتحالف معنا ضد أعداء مشتركين». ويعتبر هذا الحديث الأميركي المنمق ذا أهمية قصوى. إذ شهد الأسبوع الأخير امتداد مجال نفوذ الناتو إلى داخل حدود الاتحاد السوفياتي السابق ليضم إلى عضويته لاتفيا وليثوانيا واستونيا، بالإضافة إلى سلوفاكيا وسلوفينيا ورومانيا وبلغاريا. ولكنه أيضا يعتبر اختبارا على التزام الولايات المتحدة تجاه الناتو، والذي ينظر إليه على أنه لا يؤدي دوره بعد أن تم استبعاده من حرب واشنطن في أفغانستان العام الماضي.
ويجتهد الناتو في تعريف دوره منذ ذلك الوقت، ليكون أكثر فاعلية من ذي قبل، إذ وضع فقرة الدفاع المشترك لديه موضع التنفيذ لأول مرة في تاريخه، ولكن تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة تشكيله.
ووفقا للأمين العام للناتو، لورد روبرتسون، فإنه لا يوجد ما يعيب في إعادة التفكير في المبادئ في واشنطن. فقد صرح لصحيفة «الاندبندنت» قائلا: «أعتقد أنهم اعترفوا بالقوة التي ستأتي من الحليف الدائم، وهذا شيء يساعد في الأمن الأميركي». ويُخشى من أن يصبح دخول سبع دول جديدة في الحلف ـ ذات موازنات دفاعية محدودة ـ مجازفة، ويزيد من مشكلة اتخاذ القرارات في منظمة تعمل بحسب الإجماع».
ولكن تمنح تلك الدول مدخلا للحلف، وتوفر الحقوق والقواعد في مناطق مصالح استراتيجية متزايدة، وتستحوذ تلك الدول أيضا على تفكير الولايات المتحدة. واحتج دبلوماسي أوروبي بأن الأميركيين «لا يستطيعون دعوة سبعة أعضاء جدد ومن ثم يتخلون عنهم». وأضاف: «في القرارات الرئيسية هناك لاعب واحد مهيمن في الناتو ـ الولايات المتحدة ـ يستطيع إجبار الآخرين على الانضمام إلى خطه».
وتنص خطة الولايات المتحدة في محتواها على تكوين قوة التدخل السريع القوية والمؤلفة من 20 ألف جندي والتي تستطيع العمل في أي مكان من العالم خلال أسبوع واحد، وقادرة على وقف التهديدات الإرهابية أو «الدول الشريرة».
ويرى اللورد روبرتسون أن «هناك فهما بأن أميركا لم تعد ترغب في المشاركة بقوات برية... الأميركيون سيقاتلون جوا، والأوروبيون في الوحل. وهناك مؤشرات، عندما يرفض الأميركيون وضع قوات برية في تيمور الشرقية أو سيراليون، تكون أميركا قد تقهقرت إلى الوراء. ستكون عندئذ قوة التدخل السريع هي الإجابة عن ذلك».
وقد بدأت الأمور تتجلى للحلف، بعد عام كئيب من البحث عن الهوية. وبالإضافة إلى خطة قوة التدخل السريع يلعب الناتو دورا داعما لقوات حفظ السلام الألمانية والهولندية في أفغانستان ـ وهي مقدمة لتورط الحلف في العراق.
ويقوم الناتو بتجديد بنيته القيادية في الحرب الباردة، وجدد تكوين 42 لجنة من عدد لجان الحلف المقدر بنحو 467 لجنة داخلية. وترغب واشنطن في إنهاء الحلف لمهمته في حفظ السلام في مقدونيا.
وتبدو الأمور أفضل للناتو لأنها حاليا تسير في غير صالح الإمكانات العسكرية البدائية للاتحاد الأوروبي. وعلى المدى البعيد سيواجه الناتو ضغطا تقليديا إذا اختارت الولايات المتحدة شن حملات عسكرية ضخمة وحدها أو مع حلفاء معينين، بينما قام الاتحاد الأوروبي بعمليات حفظ سلام صغيرة.
ولكن الطموحات الأوروبية غائصة في مستنقع دبلوماسي، إذ تعوق تركيا ـ عضو الحلف والمرشح للاتحاد الأوروبي ـ ضمان دعم دخول الاتحاد الأوروبي إلى المقدرات العسكرية المخططة من قبل الناتو.
وفي خضم هذه المشكلات، يجب على العراق أن يتعاون الآن ـ لأن عمليات التفتيش في مراحلها الأولية ـ وعلى الأقل يتجنب موضوع عدم التوازن الضخم بين القدرات العسكرية الأميركية والأوروبية.
وعلى هذا الجانب من الأطلنطي هناك نقاط خلاف واسعة مثل الأعتدة الحربية المتقنة التوجيه، التزويد بالوقود في الجو. ولكي تنقل القوات الألمانية إلى أفغانستان لحفظ السلام، على الحكومة في برلين استئجار طائرات نقل انتينوف من أوكرانيا بكلفة 245 ألف دولار أميركي لكل 160 من المجموعات المطلوبة.
ويقول روبرتسون إن هذه الطائرات غير متاحة لأنها تحت تعاقد مع مصانع الألعاب الإلكترونية اليابانية والتي تقوم بشحن كميات ضخمة منها إلى أوروبا!ويرغب روبرتسون في تكوين وكالة تستطيع تأجير أكبر عدد من الطائرات الضخمة، والحصول على عائدات كبيرة، وذلك حتى إصدار أوامر طلب أوروبية لهذه الطائرات الكبيرة.
خدمة الإندبندنت - خاص بـ «الوسط
العدد 79 - السبت 23 نوفمبر 2002م الموافق 18 رمضان 1423هـ