بمثل الهدوء الذي انسل به خارجا من البحرين مطلع مايو/ آيار الماضي عاد العقيد عادل فليفل صباح أمس على رحلة طيران الخليج الرقم 249GF المقلعة من جاكرتا حاملا معه، وحده، الردود على علامات استفهام كثيرة والحسابات التي اتخذ على أساسها قرار العودة خصوصا وأنه خرج من البلاد هاربا (كما أعلنت مصادر الداخلية) بسبب وجود أمر قضائي يمنعه من السفر صدر في مارس/ آذار الماضي.
وشوهد فليفل ينهي اجراءات الدخول مع القادمين بشكل عادي في مطار البحرين.
وقال مصدر رسمي مطلع فضّل عدم ذكر اسمه لـ «الوسط» «إنه سُمح لعادل فليفل بالعودة إلى البلاد بعد صدور عفو عنه بعدما تعهد من جانبه بتسوية كافة القضايا والمطالبات المالية ضده». ولم يكشف المصدر الجهة التي أصدرت العفو. وخمنت الأوساط أن تكون جهات سياسية رفيعة قد أصدرته.
واستبعد المصدر أن يعود فليفل الى منصبه السابق عقيدا في وزارة الداخلية. ولم توفق «الوسط» في الحصول على رد من وزارة الداخلية أمس بشأن هذه القضية.
ومن جانبه رفض فليفل الرد على «الوسط» من خلال هاتف زوجته النقال وهاتفه المنزلي والتعليق على أمر عودته وخططه للمرحلة المقبلة.
وكان العقيد فليفل استقر في بريسبان (استراليا) منذ مايو الماضي بعد هروبه الذي أعلنته سلطات الأمن المحلية من البحرين قبل يوم واحد من مثوله أمام قاضي التحقيق في قضية رفعها ثمانية تجار بحرينيين من أصول ايرانية يتهمونه فيها «باستخدام السلطة للابتزاز والاثراء غير المشروع».
وعلى صعيد متصل تداعت الجمعيات الحقوقية والسياسية لتسجيل موقف من القضية التي احتلت حيزا لا يستهان به من الاهتمام خلال مايزيد على ستة الشهور التالية لخروجه من البحرين، كونها الأولى من نوعها واعتبرت الأمر لم يعد مطالبات مالية في سبيلها الى الحل وانما قضايا انتهاكات لحقوق الانسان ستدفع لتسويتها من خلال القضاء المحلي أو الدولي، وتشكلت عصر أمس في اجتماع طارئ ضم حقوقيين وعددا من المدّعين في قضايا انتهاكات حقوق الانسان ضد فليفل، لجنة تحضيرية ستدعو خلال الأيام المقبلة إلى اجتماع موسع لجميع المدّعين في هذه القضايا لانتخاب لجنة تقود التحرك القانوني خلال المرحلة المقبلة.
أعلن جهاز الأمن الوطني أن «المواطن عادل جاسم محمد فليفل قد عاد إلى البلاد كمواطن ليمثل أمام القضاء المدني باعتباره طرفا في قضايا متعلقة ببعض الحقوق المدنية».
وقال بيان جهاز الأمن الوطني الذي صدر «ان المواطن عادل جاسم فليفل قد عاد إلى البلاد انطلاقا من حق المواطن في العودة إلى وطنه وانه لم يعد منتسبا إلى اي جهة رسمية»
الوسط - عباس بوصفوان
على وقع عودة العقيد عادل فليفل، دعا التحالف الرباعي (الوفاق، التجمع القومي، العمل الوطني، العمل الإسلامي) إلى «الاعتصام السلمي أمام وزارة العدل في المنطقة الدبلوماسية اليوم الأحد الساعة الثانية عشرة ظهرا».
وفي بيان أصدرته في المناسبة، انتقدت الجمعيات المرسوم بقانون رقم 56/2002، لأنه «وفر أغطية شرعية لمجرمي الشعب - على حد تعبير البيان - للعودة إلى البلاد». واعتبر البيان هروب فليفل «مسرحية هزلية»، وشككت في صدق نوايا السلطات في القبض عليه من خلال الانتربول، إذ «سمحت له باعتلاء منابر الصحافة المحلية للدفاع عن جرائمه الأمنية والأخلاقية والمالية، ما يكشف عن الأهداف الخفية لتهريبه إلى الخارج وذلك بقصد إلهاء الشعب عن جرائمه الحقيقية والتستر على المسئولين الآخرين الذين اشتركوا معه في هذه الجرائم».
وأكدت الجمعيات موقفها «الثابت والمبدئي بضرورة صيانة السلم الاجتماعي والأهلي وعدم التهاون مع المتلاعبين بمصائر البلاد خلال فترة قانون امن الدولة المقبور».
وفي اتصال مع «الوسط» قال عبدالرحمن النعيمي - قضى أكثر من 30 سنة في المنفى - ان الحكومة بسماحها بعودة فليفل «لا تطبق القوانين التي تحفظ الأمن، وتشجع الآخرين على عدم الالتزام بالنظم».
من جانبه قال المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان عبدالهادي الخواجة، إن عددا من «المتضررين ونشطاء حقوق الانسان التقوا أمس، وقرروا الدعوة إلى اجتماع يحضره أكبر عدد ممكن من المتضررين، ليشكلوا لجنة تمثلهم، ويتحركوا بهدف مرحلي يتمثل في مناشدة السلطات إلغاء مرسوم 56/2002، وقبول القضايا الموجهة ضد فليفل في محاكم البحرين، والهدف النهائي هو الوصول إلى حل مرض بين الحكومة والمتضررين لحل هذا الملف بشكل نهائي». وأوضح الخواجة «أن عشرة ملفات جاهزة لرفعها إلى القضاء، وأن 2400 قضية تعويض جاهزة أيضا».
لوسط - هناء بوحجي
أكدت مصادر رسمية أمس نبأ عودة العقيد عادل فليفل قادما من استراليا حيث استقر في بريسبان منذ أن خرج من البحرين في مايو/ آيار الماضي هاربا «كما أعلنت السلطات الأمنية في ذلك الوقت». وشوهد فليفل صباح أمس ينهي اجراءات الدخول مع القادمين في مطار البحرين الدولي.
وقال مصدر رسمي فضل عدم ذكر اسمه لـ «الوسط» (انه سمح لعادل فليفل بالعودة الى البلاد بعد صدور عفو عنه بعدما تعهد من جانبه بتسوية كل القضايا والمطالبات المالية ضده)ولم يكشف المصدر الجهة التي أصدرت العفو، ولكن الأوساط خمنت أن تكون جهات سياسية رفيعة قد أصدرت العفو.
واستبعد المصدر أن يعود فليفل الى موقعه عقيدا في وزراة الداخلية.
ورفض فليفل الرد على «الوسط» من خلال هاتف نقال زوجته أو هاتفه المنزلي والتعليق على أمر عودته وخططه للمرحلة المقبلة.
وعلى الصعيد نفسه تداعت الجمعيات السياسية والحقوقية لتسجيل موقف من القضية التي احتلت حيزا لا يستهان به من الاهتمام العام خلال أكثر من ستة شهور التالية لخروجه من البحرين، كون هذه هي القضية الأولى من نوعها، واعتبرت هذه الجهات أن هذا الأمر يتجاوز المطالبات المالية الى المطالبة بتعويضات في قضايا انتهاك حقوق الانسان ستدفع لتسويتها من خلال القضاء المحلي والدولي.
وتمخض اجتماع - نظم سريعا عصر أمس وضم عددا من الناشطين الحقوقيين وعددا من المدّعين في قضايا انتهاكات حقوق الانسان المزمع رفعها ضد عادل فليفل - عن تشكيل لجنة تحضيرية ستدعو خلال الأيام القليلة المقبلة إلى اجتماع موسع لجميع المدعين في هذه القضايا وسيتم خلال الاجتماع المقبل انتخاب لجنة تمثل المدعين يتوقع منها أن تقود التحرك القانوني خلال المرحلة المقبلة.
وبحسب مصادر الاجتماع فإن الجمعيات الحقوقية ستتولى تقديم الاستشارة القانونية والحقوقية بحسب الحاجة.
وقال رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي، عبدالرحمن النعيمي لـ «الوسط» «ان عودة فليفل استهتار من جانبه بقوانين العودة وهو الرجل المعني بالأمن» وأضاف «إنْ كان سمح لفليفل بالعودة فإننا نشجب هذه الممارسات التي تتناقض مع دولة القانون، نتمنى أن يعتقل ويقدم للمحاكمة بتهمة اساءة استغلال المنصب الاداري، وبتهمة انتهاكات حقوق الانسان»، وقلل النعيمي من أهمية دوراللجنة التي تشكلت فور هروب فليفل للتحقيق في قضيته قائلا «هذه اللجان تشكل من أجل امتصاص نقمة الناس وتهدئة الشارع. وقال نتمنى على الحكومة اتباع سياسة واضحة في هذا الصدد».
ويشار هنا الى أن لجنة تشكلت من عدد من كبار المسئولين في وزارة الداخلية للتحقيق في قضية فليفل، وبحسب رئيس اللجنة الشيخ دعيج آل خليفة فإن اللجنة انتهت من اعداد تقريرها منذ بداية الصيف الماضي وقدمت النتائج إلى مكتب وزير الداخلية. ولم توفق «الوسط» أمس في الحصول على تعليق من وزارة الداخلية في هذا الشأن.
ومن جانبه اعتبر رئيس جمعية الوفاق الوطني الاسلامية، الشيخ علي سلمان عودة فليفل «مؤشر سلبي يدل على التراجع عن المشروع الاصلاحي» مشيرا الى أن «هذه القضية ربطت بتطهير الجهاز الأمني من الفاسدين، وعودته تعطي مؤشرا معاكسا سيؤثر بلا شك على نظرة الناس للمشروع الاصلاحي». وأمل الشيخ سلمان أن تنظر قضية فليفل في محاكم البحرين بدلا من أن تتولى المحاكم الدولية هذا الأمر وقال «عادل فليفل تجاوز حتى حدود قانون أمن الدولة ولابد من أن يحاكم على ذلك». ويشار هنا الى أن أطرافا متعددة تتجه لرفع قضايا تتهم فيها فليفل بالقيام بانتهاكات لحقوق الانسان.
وقال الناشط الحقوقي نبيل رجب «اذا كان عادل فليفل قد أعيد لمحاكمته فهذا أمر محمود، ولكن اذا ما أعيد كما تردد بعد العفو عنه فهذه انتكاسة».
أما المتحدث الرسمي للجمعية البحرينية لحقوق الانسان ففضل عدم الخوض في شأن حقوق الانسان في هذه القضية تحاشيا لأي اضرار بسير عمل الجمعية في هذا الشأن واكتفى بالقول «ان أعمال انتهاكات حقوق الانسان لا تسقط بالتقادم».
والمعروف أن فليفل سوّى في استراليا قضايا مالية تصل قيمتها الى 100 مليون دولار أسترالي مع رجلي الأعمال السعودي عمر البابطين، والقطري خالد المسند. كما تردد أن هناك تسويات لبعض القضايا المالية محليا بعد أن تم تسييل الضمانات المصرفية لفليفل. وبحسب مصادر قانونية مطلعة فإن هناك أكثر من عشر قضايا مالية رفعها فليفل ضد أطراف في البحرين ولايزال ينظرها القضاء في البحرين.
ومن التجار الثمانية قال حميد كازروني لـ «الوسط» انه لم يتجاوب مع محامي فليفل (س.ش) الذي خمّن أنه يسعى إلى تسوية القضايا المالية بين الطرفين خارج المحاكم. وقال كازروني «لن نقبل بأية تسوية خارج القضاء ذلك لأن القضية تنطوي على جوانب أخرى غير المالية كالكرامة والشرف اللذين تعرض لهما المتهم ونحن بصدد المطالبة بالتعويض المناسب»
العدد 79 - السبت 23 نوفمبر 2002م الموافق 18 رمضان 1423هـ