العدد 99 - الجمعة 13 ديسمبر 2002م الموافق 08 شوال 1423هـ

المغرب وإسبانيا: مفاوضات تتناول ملف الهجرة السرية

بدأت العلاقات المغربية-الاسبانية تتخلص تدريجيا من بعض المشكلات التي أثقلتها تاريخيا، خصوصا مع تحول ملف الهجرة السرية إلى قضية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب وخروجه النسبي من أجندة المفاوضات بين مدريد والرباط.

ومن المعروف ان الهجرة السرية هي إحدى العناصر الرئيسية التي تسببت في انفجار الأزمة الحالية بين المغرب واسبانيا، وذلك جراء الخلاف بين البلدين في كيفية معالجة هذه القضية.

وخلال العشر سنوات الأخيرة، دأبت الحكومات المتعاقبة في مدريد وخصوصا الأخيرة برئاسة خوسي ماريا أثنار على توجيه انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة المغربية متهمة إياها بـ «التهاون» في محاربة الهجرة السرية، والسماح بخروج أكبر عدد من قوارب الهجرة، مستندة في اتهاماتها إلى ارتفاع عدد المهاجرين السريين الذين يحاولون سنويا التسرب إلى اسبانيا انطلاقا من المغرب، والذين بلغ عددهم السنة الماضية أكثر من 17 ألف مهاجر، خصوصا وان ثلثيهم من المغرب والباقي من مختلف الدول الإفريقية.

ومقابل الاتهامات الأسبانية، فان المغرب يعتبر ان «النظرة البوليسية» التي تحاول مدريد معالجة ملف الهجرة السرية بها غير مجدية، وان ظاهرة الهجرة السرية تتطلب اتفاقا دوليا يعتمد الحلول الاقتصادية والإنسانية، وان المغرب أصبح بوابة إفريقيا نحو أوروبا، وهو بإمكاناته البسيطة لا يمكن أن يتحول إلى «دركي» أوروبا في القارة الإفريقية.

لكن السنة الجارية، بدأت تشهد تحولا في هذا الملف عبر محاولة مدريد تدويل المشكل، وشكلت رئاستها للاتحاد الأوروبي خلال الفترة الممتدة ما بين يناير/كانون الأول ويونيو/حزيران الماضيين فرصة لتطبيق مخططاتها التي بلغت ذروتها في قمة رؤساء الاتحاد الأوروبي التي عقدت في اشبيلية يومي 23 و24 يونيو الماضي، إذ طرحت وبدعم من إيطاليا وبريطانيا مقترحات تهدف إلى تطبيق عقوبات في حق الدول التي وصفتها بـ «المتهاونة» في مكافحة الهجرة السرية مثل وقف جميع المساعدات الاقتصادية وإعادة النظر في اتفاق الشراكة مع الاتحاد ومحاولة رهن صادرات هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي بمدى مكافحتها للهجرة السرية. وقالت الصحافة المغربية حينها ان «حكومة أثنار استهدفت المغرب مباشرة، ولم تخفِ هذا الهدف، ولولا المعارضة الفرنسية للمخططات الاسبانية وتركيزها على الحوار والحلول الإنسانية مع الدول المصدرة للهجرة، لكان المغرب عانى من إجراءات صارمة».

والواقع، ان الاتحاد الأوروبي تولى ابتداء من قمة إشبيلية معالجة المشكل وجعله من ضمن أولوياته، وأرسل وفدا مكونا من عشرة خبراء لإنجاز تقرير شامل عن الهجرة السرية في المغرب خلال شهر يوليو/تموز الماضي، شمل مدن تطوان وطنجة ووجدة والدار البيضاء والعيون والناضور والقنيطرة، والممتدة على شمال وجنوب وشرق المغرب وتعتبر محطات للهجرة السرية أو منافذ للتسرب إلى القارة العجوز.

وانتهى التقرير إلى أن المغرب لا يملك الوسائل الكافية لمواجهة الهجرة السرية، وبالتالي فهناك ضرورة لمساعدته بنحو 40 مليون يورو لشراء رادارات متطورة وزوارق سريعة تستطيع مواجهة مافيا قوارب الموت. في الوقت نفسه، أكد التقرير ان الجزائر تعتبر الممر الرئيسي لأغلبية المهاجرين الأفارقة نحو المغرب، وأوصى بضرورة فتح مفاوضات مع حكومة الجزائر من اجل تحسين مستوى مراقبة حدودها وتفادي تسرب المهاجرين إلى المغرب.

والنقطة الهامة في هذا التقرير انه أوصى بتفادي تحميل المغرب مسئولية الهجرة السرية، وبهذا يكون قد ضرب، وفق حكومة الرباط، «جميع الادعاءات الاسبانية عرض الحائط، وفقدت جميع التقارير الاسبانية التي تتهم المغرب بالتورط في الهجرة السرية صدقيتها».

وتجري حاليا مفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي عن ترحيل المهاجرين السريين، وجرى لقاء بين الطرفين في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وبتأثير من أسبانيا، يحاول الاتحاد الأوروبي فرض شروط صعبة وتتناقض مع الواقع على المغرب، حسب أسبوعية (لافيريتي) الاسبانية، من ضمنها ما قاله المفوض الأوروبي للشئون الداخلية والقضاء أنتونيو فيتورينو في تصريحات الأسبوع الماضي حين اقترح ان يفرض على المغرب قبول جميع المهاجرين السريين الذين يدخلون إلى دول أوروبا عبر أراضيه وليس فقط المهاجرين المغاربة.

ومع تحول الهجرة السرية إلى ملف ثنائي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، فان الإيجابي في هذا التحول هو ان العلاقات الأسبانية-المغربية تحررت نسبيا من هذه المشكلة، على غرار ما حدث بالنسبة لملف الصيد البحري الذي أصبح منذ أواسط التسعينات بين الرباط والاتحاد الأوروبي بعد ان كان بين الرباط ومدريد

العدد 99 - الجمعة 13 ديسمبر 2002م الموافق 08 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً