العدد 102 - الإثنين 16 ديسمبر 2002م الموافق 11 شوال 1423هـ

حق الزوج من أهم الحقوق

قرأت مقالة الأخ ضياء الموسوي في عمود «رؤية» تحت عنوان «العاطفة أحد أسباب انهيار العلاقة الزوجية» فأعجبني هذا الموضوع وأحببت أن أضيف موضوعي هذا لتقارب بين الفكرتين من منظور الإسلام... والموضوع: «هو حقوق الزوج».

وضع المنهج الإسلامي حقوقا وواجبات على جميع أفراد الأسرة، وأمر بمراعاتها من أجل إشاعة الاستقرار والطمأنينة في أجواء الأسرة، والتقيد بها يسهم في تعميق الأواصر وتمتين العلاقات، وينفي كل أنواع المشاحنات والخلافات المحتملة، التي تؤثر سلبا على جو الاستقرار الذي يحيط بالأسرة، وبالتالي تؤثر على استقرار المجتمع المتكون من مجموعة من الأسر.

حق الزوج: من أهم حقوق الزوج حق القيمومة، قال الله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء/34. فالأسرة باعتبارها أصغر وحدة في البناء الاجتماعي بحاجة إلى قيم ومسئول عن أفرادها، له حق الإشراف والتوجيه ومتابعة الأعمال والممارسات، وقد أوكل الله تعالى هذا الحق إلى الزوج، فالواجب على الزوجة مراعاة هذا الحق المنسجم مع طبيعة الفوارق البدنية والعاطفية لكل من الزوجين، وأن تراعي هذه القيمومة في تعاملها مع الأطفال وتشعرهم بمقام والدهم.

ومن الحقوق المترتبة على حق القيمومة حق الطاعة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن تطيعه ولا تعصيه، ولا تتصدق من بيتها شيئا إلا باذنه، ولا تصوم تطوعا إلا باذنه، ولا تمنعه نفسها، وإن كانت على ظهر قتب ، ولاتخرج من بيتها إلا بإذنه...

حتى إنه ورد كراهة إطالة الصلاة من قبل المرأة لتتهرب من زوجها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تطولن صلاتكن لتمنعن أزواجكن. ويجب عليها إحراز رضاه في أدائها للأعمال المستحبة، فلا يجوز لها الاعتكاف المستحب إلا باذنه، ولا يجوز لها أن تحج استحبابا إلا بإذنه، وإذا نذرت الحج بغير إذنه لم ينعقد نذرها.

ومن أجل تعميق العلاقات العاطفية وإدامة الروابط الروحية وإدخال السرور والمتعة في نفس الزوج، يستحب للمرأة الاهتمام بمقدمات ذلك، وهو كما يقول الإمام علي بن الحسين عليه السلام: ...إظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه!!

ولكن لو تمعنا الحقائق في مجتمعاتنا من قبل المرأة، وما تقوم به من غليان الزوج هو تصرف مشين مع الأسف الشديد منهن تجاه الزوج، فالحقوق التي أوجبها عليها الشارع نحو الزوج، قد لا تعمل بها الا في بعض المناسبات فمثلا التزين للأفراح او الصديقات خارج البيت، فبهذا التصرف يخرج زمام التماسك الروحي والعاطفي نحو الزوج فتراه سارح على الدوام، وهو مستمر في مطاوي أفكاره التي تخيل له المرأة المتساقطة في أرجاء الشوارع ، وما ترتسم له الصور المزورة أمامه من النساء النواعم اللاتي يظهرن عبر الشاشات؟!

من أجل الحيلولة دون تمادي الزوجة غير المطيعة في ارتكاب الممارسات الخاطئة التي تخلق أجواء التوتر في الأسرة، جعل الإسلام للزوج حق استخدام العقوبات المؤدبة لها إذا لم ينفع معها الوعظ والإرشاد، وتندرج العقوبة من الأخف أولا ثم الأشد ثانيا حسب حال المرأة ومقدار نشوزها واعراضها وعدم طاعتها بعد بذل النصيحة والموعظة، قال الله تعالى: (... واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا...) النساء 34. فتجوز له العقوبة إذا منعته من نفسها ، وتسلطت عليه بالقول أو الفعل ، فيبدأ بوعظها وتخويفها من الله تعالى ، فإن أثر ذلك وإلا هجرها بالاعراض عنها في مدخله ومخرجه ومبيته من غير إخلال بما يحفظ حياتها من غذاء ولباس، فان أثر ذلك وإلا ضربها ضربا غير مبرح ، وإن خرجت من منزله بغير إذنه أو بإذنه وامتنعت عن الرجوع إليه فله ردها، وإن أبت فله تأديبها بالإعراض عنها وقطع الإنفاق.

وأكدت السنة النبوية على مراعاة حق الزوج، واتباع الأساليب الشيقة في إدامة أواصر الحب والوئام، وخلق أجواء الانسجام والمعاشرة الحسنة داخل الأسرة، فجعل الإمام علي عليه السلام حسن التبعل جهادا للمرأة فقال عليه السلام: جهاد المرأة حسن التبعل. ولأهمية مراعاة هذا الحق قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تؤدي المرأة حق الله عز وجل حتى تؤدي حق زوجها. ومن أجل التغلب على المشكلات المعكرة لصفو المودة والوئام، ينبغي للزوجة أن تصبر على أذى الزوج، فلا تقابل الأذى بالأذى والإساءة بالإساءة: لأن ذلك من شأنه أن يغمر أجواء الاسرة بالتوترات الدائمة والمشكلات التي لا تنقضي، والصبر هو الأسلوب القادر على إيصال العلاقات إلى الانسجام التام بعودة الزوج إلى سلوكه المنطقي الهادىء، فلا يبقى له مبرر للإصرار على سلوكه غير المقبول، كما قال النبي: وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته.

ومن آثار مراعاة الزوجة لحقوق الزوج في الوسط الأسري أن تصبح له مكانة محترمة في نفوس أبنائه، فيحفظون له مقامه، ويؤدون له حق القيمومة فيطيعون أوامره، ويستجيبون لإرشاداته ونصائحه، فتسير العملية التربوية سيرا متكاملا، ويعم الاستقرار والطمأنيننة جو الأسرة بأكمله، وتنتهي جميع ألوان وأنواع المشاحنات والتوترات المحتملة.

حسين الربيع

العدد 102 - الإثنين 16 ديسمبر 2002م الموافق 11 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً