العدد 102 - الإثنين 16 ديسمبر 2002م الموافق 11 شوال 1423هـ

انفراج سياسي أعطى المواطن كرامته

بعد الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الاميركية على النظام العراقي، وتهديداتها له بضربة متوقعة من شأنها تقويض السلطة في العراق وانهاء حكم حزب البعث العراقي، قام هذا الأخير بعدة إجراءات في محاولة منه لتفادي حرب ستجعله في خبر كان، إذ قام باجراء استفتاء صوري لتمديد حكمه سبع سنوات اخرى على العراق، كما قام باصدار عفو شامل عن جميع السجناء بمن فيهم السجناء السياسيون الذين غاب ذكرهم عن هذه المعمورة، وشمل هذا العفو السجناء غير العراقيين على رغم ادعائه سابقا بعدم وجودهم. ولذلك تحركت كل الدول المعنية التي لديها سجناء ومفقودون داخل العراق من اجل متابعة ملفاتهم ومحاولة الاتصال بالسلطات العراقية وسفارات العراق في الدول لمعرفة مصير مواطنيها. لذلك نحن باعتبارنا مواطنين نشعر بما تشعر به عوائل المفقودين في العراق منذ اثني عشر عاما ونرى ان تحرك الحكومة البحرينية مازال دون المستوى المطلوب لحلحلة ملف المفقودين والمعتقلين في العراق.

أتذكر أنني قبل 12 سنة كنت مع اهالي المفقودين في لقاء مع القنصل، العراقي، إذ حاول الاهالي من خلاله ان يجدوا بصيص امل في معرفة اية معلومة عن احبائهم او أي طريق يستطيعون من خلاله الوصول إلى أي مسئول في العراق يستفسرون منه عن اولادهم، لكن الصلف الذي قابلنا به القنصل الذي كان يقطع أي طريق امام الاهالي باجاباته الفجة والقاسية التي كانت تقطع مهج قلوب يحرقها الوله إلى الاحبة، بدد كل أمل يحركهم.

وعلى رغم ما أثاره من اسف في نفوس الأهالي في السنين الماضية فإنه اصاب كبد الحقيقة المرة التي كنا نحياها في ظل قانون امن الدولة إذ قال لنا: اين حكومتكم؟ اين وزارة خارجيتكم؟ اين قنصليتكم في العراق؟ اين المسئولون الرسميون لدولتكم؟ لماذا لا يخاطبونني رسميا؟ لماذا لا يتحركون من اجل مخاطبتنا والبحث عن ابنائكم؟ ماذا اقول لصدام؟ هل اقول له ان مجموعة من البحرينيين قدموا إلى سفارتنا يسألون عن ابنائهم؟ لكن للاسف الشديد أنه لم تكن هناك آذان صاغية لهؤلاء الاهالي، وانا اقول حقيقة للتاريخ انه لو كان هناك تحرك رسمي جاد من قبل المعنيين في تلك المرحلة لعاد إلينا اخوتنا من سنين ومن الأيام الأولى لانتهاء حرب الخليج الثانية، لكن الاهالي بقوا آنذاك بشكل منفرد يحاولون بشتى الطرق الوصول ولو إلى معلومة صغيرة عن ابنائهم في بلد تحول إلى معتقل كبير لا يعرف مسجونوه احياء ام اموات.

ومع الانفراج السياسي الذي قاده جلالة الملك والتحول المهم الذي افرزه هذا الانفراج والاصلاح السياسي بدأ المواطن يشعر بمواطنيته وكرامته ومسئولية الدولة عنه اينما حل، إذ تدخلت الدولة في الافراج عن آخر سجين في الكويت، وتدخلت عدة مرات لحلحلة ملف الممنوعين من دخول بعض البلدان الخليجية، من اجل ذلك استبشر أهالي المفقودين والمعتقلين في العراق بأن يتحرك المعنيون في الدولة لمتابعة ملف فلذات اكبادهم بشكل رسمي جاد، ومخاطبة النظام العراقي لتقديم كل المعلومات التي من شأنها ان تسهم في معرفة مصير كل المفقودين والمعتقلين، ورفع القضية إلى المنظمات الانسانية والحقوقية كما تفعل دولة الكويت في تصديها لملف الاسرى الكويتيين، كي يشعر اهالي المفقودين بأن المسئولين يولونهم كل الاهتمام، وان ابناءهم خلفهم حكومة لا تفرط في فرد من ابناء بلدها ولا تسترخصهم ابدا.

لذلك على المسئولين المعنيين وخصوصا وزارة الخارجية تحريك هذا الملف واعتباره من أولويات عملها، وان تشكل لجنة خاصة لمسك هذا الملف وحلحلته مع المسئولين العراقيين وإشراك ممثلين عن الاهالي في هذه اللجنة، واطلاع الاهالي بشكل صريح وشفاف على كل ما يخص أبنائهم، ربما ذلك يخفف من الاجحاف والتقصير الذي عاشه الاهالي لمدة اثني عشر عاما. دعاؤنا للمفقودين بأن يرجعهم الله إلى اهلهم ووطنهم سالمين، ويكحل عيونهم برؤية احبتهم، وان يمسح على قلوبهم بلطف رحمته.

السيد أحمد العلوي

العدد 102 - الإثنين 16 ديسمبر 2002م الموافق 11 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً