توافقت الكتل البرلمانية على أن دور الانعقاد الثالث سيتمحور حول مناقشة الموازنة العامة للدولة للسنتين المقبلتين 2008-2009. وعلى رغم أن أولويات العمل النيابي للكتل متباينة بتباين نسيجها السياسي والأيدلوجي، إلا أنها تسعى فيما يبدو للتوافق على أولويات الموازنة المقبلة وخصوصا فيما يتعلق بالأزمة الإسكانية.
وعلى رغم أن الحديث ما يزال مبكرا عن دور الانعقاد الثالث فإن الكتل فيما يبدو ستواصل مشوارها في المجلس بعيدا عن أية مفاجآت في الأداء، فالكتل الأربع لا تزال تحتفظ بذات الشخوص في عضويتها، ويبدو أن أغلبهم سيقبعون في اللجان التي كانوا فيها في الدور الثاني، وإن كانت هناك تغيرات فلن تتغير الخريطة لهذه اللجان كثيرا.
كتلة الوفاق تصر على أن تكون التعديلات الدستورية على هرم أولوياتها المقبلة في الدور الثالث، أما كتلتا الأصالة والمستقبل فيبدو أنهما ستعطيان الملفات الخدماتية جل اهتمامهما. وأما كتلة المنبر فيبدو أنها لا تريد للآن أن توضح سلم أولوياتها للدور المقبل على رغم أن المتابعين للشأن البرلماني لا يعتقدون بوجود تغير «متوقع» على ما هي عليه أولوياتها في الدورين الماضيين.
اللافت في الأمر أن الكتل بدأت تسعى باتجاه مشروعات القوانين، حتى فيما يتعلق بالشأن المعيشي، فبعض الكتل ستطرح مشروعاتٍ بقانون عن زيادة الرواتب واستمرار العلاوة المالية، والبعض الآخر سيطرح تعديلات دستورية ربما تكون بسقف منخفض رغبة منه في تحقيق التوافق عليها.
الأصالة : «ممتلكات» ستكون تحت المجهر
اعتبر نائب رئيس كتلة الأصالة الإسلامية النائب إبراهيم بوصندل أن دور الانعقاد الثالث سيشهد حزمة من المقترحات بقانون ستقدمها كتلة الأصالة ومنها مقترح بقانون لتقنين شراء واستملاك الأراضي، ومقترح آخر بتثبيت المنحة التي قدمتها الدولة لمواجهة الغلاء ومضاعفتها، ومقترح بقانون لمشروع التأمين الصحي على الأجانب، معتبرا أن هذه القوانين في حال إقرارها ستكون مكتسباتٍ مهمة سيشعر المواطن بثمارها بشكل سريع ومباشر.
وأقر بوصندل أن الدور الثالث سيكون صعبا من حيث التوافق على الأولويات في الملفات بين مختلف الكتل، وخصوصا أن المجلس كان جزءا من عملية تعطيل الملفات التي يستشعر المواطن أهميتها، غير أنه قال إن النواب أدركوا تماما أن التجاذبات لن تخدم العملية التشريعية ولا الرقابية إذا اتخذت منحى تصعيديا بعيدا عن الانسجام بين الكتل البرلمانية.
وعن رؤية الأصالة للموازنة المقبلة للدولة، فقد أشار بوصندل إلى اتجاهين حددتهما الكتلة للسير بهما عند مناقشة الموازنة المقبلة، الأول يتضمن تطوير البنية التحتية للمملكة من خلال إقرار موازنات وافرة للمشروعات التنموية، ولتحسين الخدمات الإسكانية والتعليمية والصحية والطرق وغيرها، والآخر بتقديم مقترحات سريعة سواء من خلال الاقتراحات برغبة أو من خلال التوافق مع الحكومة لتحسين حال المواطن، كالتوافق الذي حدث على - علاوة الغلاء - في نهاية دور الانعقاد الثاني.
وفي الجانب الرقابي، أشار بوصندل إلى أن شركة ممتلكات البحرين القابضة ستكون تحت المجهر النيابي خلال الدور الثالث، وخصوصا بعد أن غدت مؤسسة مستقلة، الأمر الذي يظن خلاله أنها ستكون بمأمن من الرقابة البرلمانية، لكننا سنعمل على متابعة أدائها أولا بأول وسنستخدم أدواتنا الرقابية وحتى التشريعية إذا اقتضت الضرورة لتقويم أي اعوجاج قد يحدث، إن كان في هذه المؤسسة أو غيرها من المؤسسات الحكومية أو شبه الحكومية، كما أن شركة ألبا وشركة طيران الخليج والفورمولا واحد لن تكون بعيدة عن متابعتنا ككتلة وكنواب.
«الوفاق»: التعديلات الدستورية أولا
كتلة الوفاق النيابية اعتبرت أن دور الانعقاد الثالث سيكون دورا للتعديلات الدستورية. وعلى رغم أن الكتلة ذكرت أنها بصدد الإعلان عن مؤتمر في الأسبوع المقبل للكشف عن أولوياتها للدور المقبل، إلا أن نائب رئيس الكتلة خليل المرزوق أكد لـ «الوسط» أن التعديلات الدستورية ستحتل جانب الصدارة، وأن الحديث عن أية أولويات يجب أن يسير من خلال طريق التعديلات الدستورية، وإلا فإن هذه الأولويات ستكون مجرد مادة إعلامية يقرأها المواطن دون أي يجد لها تجسيدا على الأرض.
وعن الاستجوابات، أكد المرزوق أن الكتلة لن تدخر أية أداة رقابية متوافرة، لمجرد أن البعض يتحسس منها أو لا يستسيغها، واعتبر أي استجواب قادم من الكتلة هو أمر «محتمل» لتصحيح أي خلل موجود أو سيطرأ، مشددا على أن الوفاق لم تكن يوما متصلبة في هذا الأمر، حتى في الاستجواب الذي قدمته في دور الانعقاد الثاني، وأنها سعت وستسعى لتحقيق توافق بشأن هذه الآلية.
وذكر أن الكتلة لن تغفل في دور الانعقاد المقبل أي ملفٍ على الإطلاق سواء أكان دستوريا أو معيشيا أو اقتصاديا أو في أي جانب من الجوانب، وأنها تعمل على أن تكون الأولوية للملف الإسكاني وخصوصا المشروعات المعلقة كالمدينة الشمالية أو الطلبات الإسكانية المتكدسة أو حتى القروض الإسكانية غير الكافية.
وقال المرزوق إن كتلة الوفاق تتطلع لأن تكون الموازنة المقبلة موازنة شاملة وعادلة، وأن تعطى فيها للمشروعات التنموية الجزء الأوفر، وأنها ستعمل مع الكتل المختلفة على تحقيق ذلك، مستبعدا أي اختلاف جوهري بين الكتل على أولويات الموازنة المقبلة.
«المستقبل»: زيادة الرواتب
ورفع القروض الإسكانية
كتلة المستقبل وعبر نائب رئيسها حسن الدوسري فقد وجدت أن نحو 80 في المائة من عملها سينصب على الموازنة العامة القادمة، وخصوصا أن هناك توافقا نيابيا - بحسب قوله - على الأولويات التي سيتم التركيز عليها من خلال طرح الملفات المعيشية في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم، وأن على رأس هذه الأولويات استمرار علاوة الغلاء ووصولها إلى أكبر عدد من الأسر.
وتنبأ الدوسري بدور ثالثٍ ساخن من حيث الملفات التي ستطرحها جميع الكتل، غير أنه دعاها لترك ملفات «التأزيم» والاتجاه صوب الملفات التي تمس المواطن بالدرجة الأولى كالإسكان والتعليم والصحة، معتبرا أن التعطيل الذي أصاب المجلس في دوره السابق ولمدة 6 جلسات متتابعة «إضاعة» لمكتسبات كانت ستتحقق لو نوقشت خلال تلك الفترة، واستدرك مؤكدا أن ذلك لا يعني عدم مواجهة الفساد أينما كان، ودلل على ذلك بأن الكتلة تتوافق مع باقي الكتل في متابعة ملف شركتي ألبا وطيران الخليج وغيرها من الشركات لحماية المال العام من الفساد المالي والإداري. وأشار إلى أن الكتلة ستطرح مقترحا لقروض الإسكان بحيث يصبح الحد الأدنى للقروض الإسكانية 60 ألف دينار ورفع الحد الأعلى إلى 120 ألفا. وجزم الدوسري بالتفاف الكتل والنواب حول هذا المقترح؛ لأنه قد يكون حلا لكثير من القضايا الإسكانية المعلقة للمواطنين.
وذكر أن الدور المقبل سيشهد مطالبة جماعية برفع رواتب المواطنين للحد من التضخم الذي وصل إلى معدلات عالية لا يطيقها المواطنون من أصحاب الدخول المرتفعة فضلا عن أصحاب الأجور المتدنية.
وطالب الدوسري بتحقيق «التوافق» في أية استجوابات مقبلة؛ لأن ما حدث من استجوابات في الدور الماضي كانت درسا للكتل التي استجوبت الوزراء بأنها من دون التوافق لن تستطيع تحقيق الهدف المنشود من هذه الأداة الرقابية.
من جهتها، أكدت عضو كتلة المستقبل النائب لطيفة القعود أن دور الانعقاد الثالث يجب ألا يغفل مراجعة ما تم العمل له في الأدوار السابقة، مشيرة إلى أنه من الضروري الالتفات إلى الملفات التي تم فتحها في الأدوار الماضية وخصوصا أن العمل البرلماني عمل تراكمي. وقالت القعود إن الكتلة ستولي لتقرير ديوان الرقابة المالية الكثير من الاهتمام، وأنها ستعلن عن عدد من المواقف تجاه ما تضمنه التقرير الأخير من مخالفات؛ لأن العمل الرقابي يتصدر جانبا مهما من أداء الكتلة وخصوصا أن هناك ملاحظات جريئة قد تضمنها هذا التقرير.
وأكدت القعود أن الكتلة ستتابع الموضوعات التي رفعت إلى الحكومة خلال الدورين الماضيين، وخصوصا مشروعات القوانين؛ إذ إن هناك مشروعا بقانون تعمل عليه الكتلة لتنظيم التطوير العقاري بالبحرين، وخصوصا بعد الطفرة العمرانية الواسعة التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة.
وعن أولويات الكتلة عند طرح الموازنة العامة للدولة للسنتين المقبلتين 2008-2009، فقد أشارت إلى أن الملفات المعيشية تحظى بصدارة اهتماماتهم، وخصوصا فيما يتعلق بالجانب الإسكاني. وطالبت بتحقيق بعض الرغبات التي تمس المواطن مباشرة من خلال تضمينها الموازنة العامة المقبلة، منوهة أن دور النواب في مناقشة الموازنة يجب أن يكون دورا تفصيليا ويتطرق إلى أدق التفاصيل حرصا على المال العام.
العدد 2191 - الخميس 04 سبتمبر 2008م الموافق 03 رمضان 1429هـ