العدد 2192 - الجمعة 05 سبتمبر 2008م الموافق 04 رمضان 1429هـ

مؤسساتنا الإعلامية والسياحية... والاحتفاء برمضان

قبل مدة ليست بالقصيرة استعدت الأسر والمؤسسات الإعلامية والسياحية والمؤسسات الاستهلاكية التي تستورد المواد الغذائية والمؤسسات الدينية إلى استقبال شهر رمضان المبارك، والجميع كما يبدو يظنون أنهم يكرمون هذا الشهر الكريم بالأسلوب الذي يرونه مناسبا، ولا أحد يقول عن نفسه إن الأسلوب الذي اختاره لإحياء هذا الشهر المعظم عند الله سبحانه وتعالى ورسوله المصطفى (ص) يقصد منه أمرا منافيا لمفهوم التعظيم والتقديس، فالأسر بأنواعها الاجتماعية المختلفة بدأت في الإعداد لاستقبال الشهر الكريم، فهناك من اهتمت بالجانب الغذائي وراحت تزود نفسها بكل ما تحتاج إليه وما لا تحتاج إليه من المواد الغذائية من سكر ورز ودجاج ولحوم وأسماك وتمور وزيت ونشا وبلاليط (شعيرية) وجلي... وأنوع متعددة من الطحين لصناعة أنواع مختلفة من الحلويات والمهلبيات وغير ذلك من المواد التي تعرفونها جميعا.

وبعض الأسر بالإضافة إلى اهتمامها بالجانب الغذائي اهتمت بالجانب المعنوي والروحي، وكما قامت بتجهيز مستلزمات المطبخ والمائدة الرمضانية قامت أيضا بتهيئة مجالسها لتعمرها بقراءة القرآن طوال ليالي الشهر الكريم، والكثير من الناس رسموا لأنفسهم برنامجا لزيارة الأقارب والأصدقاء وحضور الفعاليات التي تقيمها المؤسسات الدينية ليزودا أنفسهم دينيا ومعنويا وثقافيا وفكريا، والبعض من الناس وضعوا لأنفسهم جدولة لحضور الملاهي والحفلات والسهرات الليلية المتنوعة التي تقيمها بعض الفنادق الكبيرة، والبعض الآخر من الناس ينتظر قدوم شهر رمضان المبارك ليشاهد آخر ما أنتجته الشركات السينمائية والتلفزيونية من الأفلام والمسلسلات التي في مجملها لا تسمن ولا تغني من جوع في مختلف النواحي المعنوية والثقافية والفكرية والأخلاقية.

وجميع تلك الفئات التي ذكرناها سالفا تنادي بإحياء شهر رمضان المبارك، على رغم التناقض الكبير بين مختلف الفئات في الإحياء، ومن حق شهر رمضان المبارك أن يتساءل عن معايير الإحياء التي ترضي الله سبحانه وتعالى وترضي رسوله الأكرم (ص)، ومن حقه أن يقول للجهات سواء كانت تلك الجهات أفرادا أو مؤسسات، التي لم تتقيد بتلك المعايير الربانية، لا تدعون ما ليس فيكم، وليس شرطا أن تلك الجهات تقصد أمرا آخرا غير إحياء شهر رمضان أو لا تقصد، ومن حقه أن يقول لهم إن ما تمارسونه هو استغلال غير حسن لأوقات هذا الشهر، بغرض اقتصادي ليس له علاقة بمفهوم الإحياء، ولهذا في إعلاناتكم التجارية والفنية والسياحية تكتبون عبارة «بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك»، ليفهم من ذلك أنكم أقمتم هذه الفعالية أو تلك من أجل الاحتفاء بهذه المناسبة الجليلة، وعلى رغم أنكم قد لا تقصدون المناسبة بسوء بقدر ما تقصدون الاستفادة من أوقات المناسبة في تقديم فعالياتكم ليس إلا، والذين يذهبون إلى تلك الأماكن ينطلقون من مقولة تتردد كثيرا على الألسن «ساعة لربك وساعة لقلبك»، فلهذا قد يسمح لنفسه بأن يخرج من أماكن العبادة ويدخل في أماكن لهو بعد زمن قصير تحت ذلك العنوان، ناسيا أن الله سبحانه وتعالى جميل لا يحب إلا الجميل، ولا أحد يستطيع القول إن والسهر في أماكن اللهو إلى قبل أذان الفجر من الأمور الممدوحة!

كل ما أردنا قوله إن الشهر الذي جعله الله جلت عظمته محطة للتوبة والاستغفار وتطهير القلوب وعمل الخيرات وتلاوة القرآن الكريم، وزيارة الأرحام والأصدقاء وتوثيق العلاقات الإنسانية في اتجاهاتها المختلفة، ونبذ كل ما هو مضر لهذا الإنسان والتزود منه قدر المستطاع بالمعنويات والثقافة النظيفة والفكر النير، وأن نجعله الفرصة الذهبية التي لا تعوض لتغيير ما بأنفسنا من غل وحقد وحسد وكراهية وسوء الظن بالآخرين، لابد أن نفهم أنفسنا أنه لا يجوز لنا أن نجمع بين طاعة الله ومعصيته تحت أي مبررات، ولا يحق لنا أن نبخس الناس لا اقتصاديا ولا معنويا ولا اجتماعيا، ولا يحق لنا أن نحمل الشهر الكريم تبعات كسلنا وإهمالنا لأداء واجبنا، ولا يحق لنا الإساءة إلى الآخرين وخدش مشاعرهم باسم أننا من الصائمين، فالكل يتحمل مسئولية تبعات أعماله، إن كانت خيرة أو شريرة، ولابد لنا أن نعلم أن المكرمين عنده جل شأنه هم المتقون الصالحون والعابدون الواعون... نسأل المولى جلت عظمته أن يجعلنا ممن يسمع القول فيتبع أحسنه.

سلمان سالم

العدد 2192 - الجمعة 05 سبتمبر 2008م الموافق 04 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً