بعد دخول الدبابات الروسية ، وزحف الجيش الأحمر إلى جورجيا، وإصطكاك الأسنّة والرماح ، ونشوب حرب جديدة في منطقة القوقاز، والتي لم تكن متوقعة ولم تكن في الحسبان، وذلك بسبب الحماقات والحسابات الخاطئة، لإدارة بوش وصقور البيت الأبيض الحمقى ، وهم كالعادة لا يتعلمون من أخطاءهم ويتمادون في حماقاتهم ، لكونهم - كما يتصوّرون - القطب الأوحد المهيمن والمسيطر على هذا العالم ، فورطوا جورجيا في حرب خاسرة وغير متكافئة، وتركوا إبنهم المدلل شاكاسفيلي وجنوده يعانون ضربات الروس الموجعة ، وسرعان ما مارسوا الرقص والتهويل على طريقة الهنود الحمر والتهديد والوعيد ، وأثاروا الغبار والضجيج من حولهم ، وكأن الحرب الباردة تكاد أن تشتعل من جديد بين الأميركان والروس ، ولا أحد يدري ما تخبئه الأيام المقبلة، الحبلى بغيوم الحرب ودخان الدبابات والمدافع ، وما سينجم من تطوّرات سياسية وعسكرية بين الطرفين، وخصوصا بعد التوقيع على إتفاقية درع الصواريخ الأميركية في بولندا ، وتهديد روسيا بضربها بالصواريج المزودة بالرؤوس النووية ...
وهل ستعود حرب النجوم من جديد ؟
تشنّ الولايات المتحدة الأميركية على مدى تاريخها حروبا معلنة وحروبا غير معلنة ، وحروبا لها مسميات مختلفة، ابتداء من حربها النووية على اليابان، مرورا بالحرب الباردة في القرن الماضي بين القطبين الكبيرين، الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي السابق، والتي كانت تدور رحاها وراء الكواليس وفي الخفاء آنذاك، وهي مجرد صراع وسباق للتسلّح بين هاتين الدولتين العظميين .
وهناك حروب أخرى، مثل حرب النجوم والتي أعلنتها أميركا في عهد الرئيس الأميركي الراحـل ريغان، وهي الأخرى مجرد مسميات مجازية ومزاجية، الهدف منها فرض الهيمنة والتفوّق الأميركي ، وهو ما عرف بغزو الفضاء .
وهي مجرد إجراءات دعائية وإحترازية لحماية نفسها وإثارة حفيظة الآخرين ، وجلب انتباه الدول الأخرى لها ولتفوقها العلمي والتكنولوجي ، وكذلك أزمة نشر الصواريخ الباليستية، على طول حدودها وإثارة مخاوف جيرانها والدول الأخرى ، كالصين وروسيا وغيرها من الدول الكبرى .
ولقد سعت أميركا طوال تاريخها على ابتكار وصنع الأسلحة الفتاكة والمدمرة كافة، كالأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية والقنابل الهيدروجينية، وغيرها من الأسلحة التقليدية والمتطورة من صواريخ وطائرات حربية متنوعة ، ومدافع ودبابات وبوارج حربية ومدمرات وغواصات ، وألغام أرضية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل .
وتشن الإمبريالية المتمثلة في الولايات المتحدة الأميركية والصهيونية العالمية المتمثلة في «إسرائيل»الغاصبة ، وخاصة بعد سقوط الإتحاد السوفياتي السابق، وإنفراد الولايات المتحدة الأميركية بالسيطرة على مقاليد هذا العالم وتحكمها في مصيره، حرب خطرة ذات أبعاد و تأثيرات طويلة المدى ، وهي ما يمكن أنْ نطلق عليه جزافا «بـحـرب الجنـس القـذرة «بصورة مكثفة وما يبث من خلال القنوات الفضائية المتخصصة والخاصة في بث الأفلام السينمائية الهابطة والخلاعية والجنسية، وغيرها من أفلام الرعب والجنس ، وعن طريق الأغاني المصورة العربية منها والأجنبية ، والمليئة بالفيديو كليب الهابط الملىء بالمشاهد والحركات المثيرة والخادشة للحياء ، والتي هدفها الأول والأخير هو الإثارة الرخيصة وتخدير الشباب ، وعن طريق المجلات الخاصة بالجنس الرخيص ، وكذلك عروض الأزياء والموضة وإبتكارالموضات الفاضحة والماجنة، والتي هدفها نشر المفاسد والرذيلة ، وتعرية المرأة بشكل أو بأخر، والأخطر من ذلك نشر وبث تلك السموم عن طريق « شبكات الإنترنت»حول العالم وعلى مدار الساعة .
كلّ هذه المسميات والتصرفات والإجراءات والتي تندرج تحت مسمّى واحد هو ما يُعرف «بالعـولمـة «، والتي هدفها الظاهر جعل هذا العالم كقرية كونية واحدة ، وفي الباطن هو بث ونشر المفاسد في كافة أنحاء العالم ، بصورة سريعة ومخيفة؛ لتتمكن الإمبريالية والصهيونية العالمية ، لتمرير مخططاتها الشيطانية والجهنمية والسيطرة على هذا العالم ، وتخدير شعوبه وسلب إرادتها، وأصبحت تجارة الجنس والرقيق رائجة في الكثير من دول العالم ، وإن حملت تسميات ومسميات مختلفة ومتنوعة .
وتجوب ملايين المجندات من الأجنبيات الشوارع والمجمعات التجارية في العالم لنشر الرذيلة وإشاعة الفاحشة عن طريق ما يرتدين من أزياء وموضات ماجنة وفاضحة ، ويتقاضينَ عن ذلك مبالغ طائلة من قبل الجهات الأنفة الذكر .
والكثير من بنات ونساء البلدان العربية والإسلامية يقمن بالدورنفسه ، وهنّ على غفلة من أمرهنّ ، و لا يدرين بأنهن بتصرفهن وتقليدهن الأعمى هذا يقدمنَ خدمة جليلة للإمبريالية والصهيونية العالمية ، من دون أنْ يعيّن مخاطر ذلك على مكتسبات ومنجزات وحياة ومستقبل ومصير دولهم وشعوبهم ، وخصوصا الدول العربية والإسلامية منها ، والتي يتحيّن فيها الأعداء الفرص للإنقضاض عليها ، والنيل منها لسلب ونهب خيراتها وثرواتها .
فمتى نعي ونتعلّم ونأخذ الدروس والعبر عمّا يحدث اليوم في أفغانستان وفلسطين والعراق وغيرها من الدول ، والتي تهددها وتتربص بها أميركا في وضح النهار، لنحمي أنفسنا ودولنا من أطماع الغزاة المستعمرين الذين يخططون ويرسمون ، ويحيكون المؤامرات نهارا جهارا للقضاء علينا ، وعلى مقدرات أمتنا العربية والإسلامية ، تحت مسميات وأعذار ما أنزل الله بها من سلطان ، وهي مخططات صهيونية إستعمارية عالمية .
وعلى الأمة العربية والإسلامية توخي الحيطة والحذر ، وإتخاذ جميع الإجراءات الوقائية لإفشالها ، ومنع العدو من تنفيذها لحماية هذه الأمة ، لتعيش بعزة وكرامة تحت رايات الحرية والإستقلال ، بشموخ وإباء وبسعادة ورخاء ، ورد كيد أعدائها الحاقدين والمتآمرين إلى نحورهم والقضاء على نواياهم ومخططاتهم الخبيثـة والمبيّتـة .
محمد خليل الحــوري
العدد 2198 - الخميس 11 سبتمبر 2008م الموافق 10 رمضان 1429هـ