العدد 2200 - السبت 13 سبتمبر 2008م الموافق 12 رمضان 1429هـ

السياسة والاقتصاد يبطئان «الإصلاحات الأوروبية» في تركيا

تقول تركيا إنها ستعطي دفعة للإصلاحات التي تعثرت طويلا للانضمام للاتحاد الاوروبي بعد أن أزيحت دعوى قضائية لحظر الحزب الحاكم من الطريق، لكن الانتخابات المحلية القادمة وتباطؤ الاقتصاد سيقللان من الرغبة في اتخاذ خطوات جريئة هذا العام.

وبدأت أنقرة محادثات للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي العام 2005، لكن معدل الإصلاحات منذ ذلك الحين تباطأ كما تقدمت المفاوضات إلى الأمام ببطء شديد.

وصوتت المحكمة العليا في يوليو/ تموز بفارق طفيف في الأصوات ضد إغلاق حزب العدالة والتنمية لممارسته أنشطة إسلامية في قضية أغرقت البلاد في أزمة سياسية وألحقت أضرارا بالأسواق المالية.

وكان حزب العدالة والتنمية، قال إن التوترات بين الحكومة والعلمانيين استهلكت الطاقة السياسية لتركيا والآن تتعهد الحكومة بإعطاء دفعة جديدة لجهود الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي حين يفتتح البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول.

ويناقش وزير الخارجية علي باباجان الذي هو ايضا كبير المفاوضين الأتراك في محادثات الانضمام لعضوية الاتحاد خطط الإصلاح الخاصة بالحكومة خلال اجتماع لوزراء الخارجية يعقد في بروكسل يوم الاثنين المقبل.

وقال في مقابلة مع «رويترز»: «نعلم جيدا ما هو متوقع منا وما نحتاج أن نفعله على أية حال، لدينا كل الأسباب للمضي قدما في تطبيق جدول أعمالنا الإصلاحي».

لكن محللين يقولون إن الانتخابات المحلية التي تجري في مارس/ آذار المقبل وتدهور الاقتصاد ستشغل الحكومة عن تطبيق تغييرات قد تشعل مواجهة مع النخبة العلمانية مجددا، لكن وعودا عديدة قطعت من قبل بتسريع وتيرة الإصلاحات ولم يتم الوفاء بها وتتوقع قلة إحراز تقدم كبير هذه المرة.

وكتب الصحافي محمد علي بيراند هذا الأسبوع أن «مسعى الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي لا يهم حزب العدالة والتنمية في الوقت الحالي، والأولوية لمجلس الوزراء ورئيس الوزراء هي الانتخابات المحلية».

ومضى يقول «حتى ذلك الحين لا يريد مجلس الوزراء أن يمس أي شيء يؤثر سلبا على الحكومة».

ويشكك المحلل من مجموعة يوراسيا، ولفانجو بيكولي، في نوايا الحكومة بالضغط بقوة اكبر من أجل إجراء إصلاحات. وفي الأسبوع الماضي نشرت الحكومة وثيقة في 400 صفحة تحدد تواريخ وخططا لجهود الانضمام للاتحاد الأوروبي، لكن بيكولي يرى أنها جميعا تكرار لأحداث سابقة.

وأضاف «لا تملك الحكومة مساحة تذكر للمناورة والوضع الداخلي لا يسمح للحكومة بإجراء إصلاحات جريئة».

وعلى رغم حكم المحكمة لم ينته الاضطراب السياسي في تركيا بعد حيث يخوض حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية صراعا على السلطة مع النخبة المتأثرة بالغرب بما فيها القضاة والجيش القوي.

وعززت المزاعم بالفساد المتصلة بالحكومة والتي ينفيها حزب العدالة والتنمية المعارضة التي يرجح أن تستخدمها كذخيرة مع اقتراب الانتخابات البلدية.

وقال بيكولي إن قرار المحكمة تغريم حزب العدالة والتنمية لتقويضه المبادئ العلمانية لتركيا «وضعت الحزب تحت المراقبة»، ما يعني أنه سيحجم عن التعامل مع الإصلاحات التي يطلبها الاتحاد الأوروبي مثل مزيد من الإشراف على إنفاق الجيش ومنح حقوق ثقافية للأكراد.

وتابع قائلا «إن عضوية الاتحاد الأوروبي لم تعد قضية فوز بالأصوات كما كان الحال العام 2002 أو 2007 والحكومة لديها قضايا أكثر إلحاحا الآن مثل الاقتصاد».

وأظهر استطلاع للرأي أجري في يونيو/ حزيران لحساب مؤسسة «جيرمان مارشال فاند» الأميركية ونشر هذا الأسبوع أن 26 في المئة من الأتراك يعتقدون أن بلادهم لن تنضم لعضوية الاتحاد أبدا.

وبعد سنوات من النمو القوي بدأ الاقتصاد التركي يفقد حيويته وسط تباطؤ عالمي وارتفاع كبير في أسعار الطاقة.

ومع توسع الاقتصاد أبطأ معدلاته في ست سنوات وزيادة التضخم يقول محللون إن من المستبعد أن تستهلك الحكومة وقتا في الإصلاحات التي تسعى اليها بروكسل والتي لا تحظى بتأييد بين المواطنين الأتراك العاديين.

ويناقش البرلمان موازنة العام 2009 في أكتوبر/ تشرين الأول ويقول محللون إن هذا سيشتت النواب عن إصلاحات الاتحاد الأوروبي.

وفتحت تركيا حتى الآن ثمانية من أصل 35 فصلا خاصة بالإصلاحات المطلوبة للانضمام لعضوية الاتحاد وتأمل في بدء اثنين آخرين في الأشهر المتبقية من العام 2008 تتعلق بحرية حركة رأس المال وسياسة الصوتيات والمرئيات مثل تراخيص وسائل الإعلام.

ومن المقرر أن تنشر المفوضية الأوروبية تقريرها السنوي المتصل بمدى التقدم الذي أحرز في نوفمبر/ تشرين الثاني.

وقال دبلوماسيون إن أنقرة تحتاج إلى إظهار تقدم في قضايا أساسية منها منح مزيد من الحقوق للأقليات الدينية وسن قانون جديد للأحزاب السياسية وفتح الموانئ أمام حركة النقل من قبرص.

وعلق الاتحاد محادثات عضوية تركيا جزئيا لرفضها هذا بسبب جمود الموقف في قبرص التي تعاني من انقسام ومن المقرر إجراء مراجعة في منتصف العام 2009.

وبثت محادثات إعادة التوحيد بين زعيمي القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك بعض الأمل في التوصل إلى حل للصراع المستمر منذ عقود، لكن وسطاء لا يتوقعون التوصل إلى حل سريع.

وفي حين تحث بروكسل تركيا على الوصول إلى إجماع على الإصلاح رفض حزبا المعارضة الرئيسيان الأسبوع الماضي الاجتماع مع باباجان لمناقشة جدول أعمال الحكومة الجديد الخاص بالاتحاد الأوروبي، ما يسلط الضوء على المناخ السياسي الذي يسوده العداء في أنقرة.

ويقول دبلوماسيون يعتريهم شعور بإحباط، إن الأوضاع السياسية الداخلية المضطربة لتركيا دائما تعترض طريق الأعمال التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي. ويشير دبلوماسي أوروبي إلى أن «المشكلة في تركيا هي نقص ثقافة الحل الوسط وإجماع بين القوى السياسية». وأضاف «سمعنا أن الأتراك قالوا مرات كثيرة إن 2008 سيكون عام الاتحاد الأوروبي وسنسمع على الأرجح (الرئيس عبدالله غول) يقولها مجددا حين يفتتح البرلمان، لكن المشكلات الأساسية للسياسة التركية مازالت قائمة»

العدد 2200 - السبت 13 سبتمبر 2008م الموافق 12 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً