أكدت شريفة المطوع - صاحبة أحد المحلات التجارية - ان هناك إقبالا غير مسبوق على محلات تغليف هدايا احتفالات البلاد بالقرقاعون ليس على مستوى المواطنين فحسب بل وحتى المقيمين الأجانب، بالقول إن محلها سلم مؤخرا طلبية لسيدة أميركية من ولاية تكساس كانت قد أرادت أن توزعها على أهلها و أصدقائها هناك كتذكار بسيط يعكس الثقافة الشعبية البحرينية الأصيلة.
وعن فن تقديم القرقاعون تقول المطوع إن الموضة لهذه السنة قد تصدرتها الشخصيات الكرتونية للمسلسل الشعبي «فريج»، مشيرة إلى إعداد المحل كما هائلا من المغلفات، بالإضافة إلى إلصاقها بدمية «أم خماس»، نظرا إلى شعبية هذه الشخصية في نفوس البنات الصغار.
ولم تكن العادات والتقاليد في مملكة البحرين إلا نتاجا لواقع الحياة الاجتماعية ذات الطابع العربي والإسلامي، وهي تمثل جانبا من ثقافة مجتمع البحرين على مر الزمن وعبر مسيرة التطور الحضاري من جيل إلى جيل وتحكي قصة الإنسان البحريني عبر مراحل حياته المختلفة.
وارتبطت بشهر رمضان الكثير من العادات والتقاليد منها الكركاعون، اذ يخرج الأطفال ليلة الخامس عشر الشهر في مجموعات يحملون أكياسا وطبولا ويجولون طرقات الإحياء و الفرجان الشعبية طلبا للكركاعون وهو عبارة عن حلويات و كسرات وتين مجفف ، وحينما يدخلون البيت يبدؤون بالغناء وعندما يعطيهم أهل البيت الكركاعون يعبر الأطفال عن شكرهم بقولهم عساكم من عواده و لا تقطعون العادة.
وتختلف أهزوجة الأولاد عن البنات
فنشيد البنات :-
كركاعون عادت عليكم هو يا الصيام من بين أقصير هو يا رمضان الله يسلم ولدكم ولدكم يا لحباب اوسيفه يركع الباب
سنة الغلا ما صكت ولا حط له بوابه بوابه يا توابه
كركاعون عادت عليكم
فحين أن نشيد الأولاد يقول: سلم ولدهم يا لله بيت المكده يا لله
يحطها في جم أمه يالله يا شفيع الأمة سلم ولدهم لأمه وييب المكده وحطها في جم امه سلم ولدهم يا لله
واعتاد الأطفال على اصطحاب شخص يؤدي دور فارس يختال على إيقاعات العازفين وهو يمتطي جوادا خشبيا يسمى الفريسة، وعادة ما يزين هذا الفرس الخشبي بالأقمشة المزركشة ذات الألوان الزاهية والقطع اللامعة البراقة التي تجعل من المشهد صورة ممتعة للعين ، واصل الفريسة غير معلوم بالتحديد فالبعض يعتقد إنها عربية الأصل في حين يصر الآخرون على انها ذات أصل هندي وصلت إلى المنطقة بحكم التواصل الحضاري والثقافي بين تلك البلاد ومنطقة الخليج العربي.
وفيما لا يزال إحياء عادة القرقاعون مستمرا إلا انه قد طرأت الكثير من التغييرات على ذاك الاحتفال الشعبي بمظاهره البسيطة، فقد استبدل الأغنياء نظام التجول في الشوارع بحفلة يدعى إليها الأطفال كما في حفلات عيد الميلاد، وبدلا من تعب المشي والتنقل بين البيوت، يتجمع الصغار ليتلقوا المكسرات في علب أنيقة وزاهية بعد أمسية يرقص لهم فيها صاحب الفريسة.
وأصبحت بفضل هذه التغييرات سوقا رائجة لمحلات بيع الحلويات وتغليف الهدايا، فغدا تقديم القرقاعون فنا بحد ذاته ينعكس على اختيار علب التقديم وإشكالها و ألوانها وطرق تغليفها بالأقمشة و الشرائط الزاهية وعادة ما تكون هذه العلب عبارة عن تحف صغيرة ترمز لأواني الطبخ التقليدية والجرار الفخارية أو آلات العزف كالطبل الصغير والعود أو الأدوات المنزلية كالمبخرة والسفرة في حين أن حفنة المكسرات تغلف بالقماش ويوثق رباطها بالشرائط الملونة في علبة التقديم، مما يجعل منها بأكملها تحفة فنية ترمز لعادة من العادات الرمضانية الأصيلة .
من ناحيتها ذكرت السيدة سارة حسن أن هناك تفاوتا في أسعار مغلفات الكركاعون بعضها قد وصل سعره إلى عشرات الدنانير و بعضها لا يتجاوز دينارا واحدا فقط وذلك يرجع لعدة عوامل أهمها ارتفاع أسعار المكسرات وكذلك نوعية التحفة والأقمشة المستخدمة في التغليف إلى جانب طباعة بطاقات الاسم التي تلصق على المغلف إشارة لصاحبه. ومهما طرأت من تجديدات ومظاهر حداثة إلا أن القرقاعون يظل هو ذلك التقليد الشعبي الأصيل الذي ينعش الأجواء الرمضانية ويضفي على نفوس الناس حبورا وابتهاجا
العدد 2201 - الأحد 14 سبتمبر 2008م الموافق 13 رمضان 1429هـ