بادر عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بزيارة الجمهورية الإيطالية والفاتيكان لتسهم في فتح آفاق جديدة ومرحلة نموذجية لعلاقات التعاون بين مملكة البحرين وكل من روما والفاتيكان. وذلك تأكيدا لما جاء من إشادة من جلالة الملك بأهمية الدور الذي تقوم به الجمهورية الإيطالية في دفع عملية السلام في المنطقة وإيجاد حل دائم وعادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقد وصفت زيارة عاهل البلاد لروما والفاتيكان بأنها تاريخية لأنها جاءت في ظروف صعبة تمر بها المنطقة فرضت على البلدين العمل معا من أجل إيجاد الأرضية المشتركة التي من خلالها ينطلق البلدان في تأمين مصالحهما على المستويين الإقليمي والدولي.
ويقول مراقبون إن جلالة ملك مملكة البحرين قد نجح خلال هذه الزيارة في إثبات رؤيته السياسية الثاقبة التي تفرض احترام الجميع لقيادة المملكة وشعبها لما تتبعه من سياسات كسبت تقدير المجتمع الدولي. منوهين في هذا الصدد بإشادة بابا الفاتيكان بنديكيت السادس عشر بانفتاح جلالة الملك على الحوار وتقديم شكره لجلالته لما خصه من استقبال المملكة للعديد من المهاجرين المسيحيين في بلاده وعمله على التزامه المشترك من أجل بناء حوار بين الثقافات والأديان.
كما أن زيارة عاهل البلاد لكل من روما والفاتيكان قد أكدت رغبة القيادة البحرينية في المضي قدما نحو تعزيز دور المملكة في العالم بما يؤكد موقع البحرين الجغرافي والسياسي على الساحة الدولية.
وأشادوا بالدبلوماسية البحرينية التي تحتل مكانا بارزا وتلعب دورا مهما في الإسهام في تعزيز علاقات التعاون سياسيا واقتصاديا وثقافيا مع دول العالم، مشيرين في هذا الصدد إلى إشادة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني بأمر جلالة الملك بافتتاح سفارة لمملكة البحرين في روما، معتبرا أن هذا القرار يصب في مصلحة تطور العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين.
البدء بإجراءات فتح سفارة في روما
وعقد جلالة الملك أثناء هذه الزيارة التاريخية لقاء مع رئيس الجمهورية الإيطالية جورجيو نابوليتانو تم خلاله بحث سبل تطوير التعاون بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية حيث عبر الزعيمان عن ارتياحهما لمسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين، معربين عن حرصهما المشترك على زيادة التعاون الثنائي في المجالات المختلفة في ضوء الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، وانطلاقا من حرص واهتمام مملكة البحرين بعلاقات الصداقة مع الجمهورية الإيطالية فقد أمر جلالته بالبدء فورا في الإجراءات اللازمة لفتح سفارة لمملكة البحرين في الجمهورية الإيطالية.
تأسيس مجلس رجال أعمال مشترك
كما تم الاتفاق خلال المباحثات على تأسيس مجلس رجال أعمال مشترك بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية وذلك بهدف تطوير وتفعيل التعاون التجاري والاقتصادي حيث أعرب جلالة الملك عن تطلعه في أن تسهم هذه الزيارة في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.
كما استعرض جلالة الملك والرئيس الإيطالي في لقائهما الأوضاع الراهنة التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية حيث أكدا ضرورة تشجيع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على استئناف المفاوضات لدفع عملية السلام وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وخلال الزيارة التقى جلالة الملك أيضا بقداسة البابا بندكيت السادس عشر رئيس الكنسية الكاثوليكية بمقر قداسته وذلك في إطار زيارة جلالته للجمهورية الإيطالية حيث أشار جلالته إلى أن لقاءه بقداسة البابا هو استمرار للحوار والتشاور الذي بدأه منذ لقائه بقداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني.
وقال جلالته إنه عقد مباحثات صريحة وبناءة مع قداسته حيث أكدا أهمية مد جسور التفاهم والتعايش وتأكيد القيم الإنسانية المشتركة التي تلتقي حولها مختلف الأديان والحضارات ونشر قيم التسامح والاعتدال كما تباحثا تعزيز علاقات التعاون مع الفاتيكان كوسيلة للتسامح والتعايش.
وأضاف جلالته «لقد أشرنا خلال مباحثاتنا إلى تجارب عديدة للتسامح والتعايش والانفتاح والحوار وأن مملكة البحرين قد تبنت خلال السنوات القليلة الماضية عددا من المبادرات والمؤتمرات والدورات التي تدعو إلى ذلك التعايش». وقال جلالة الملك: «إن المملكة تحتضن أقدم وأنشط الكنائس الكاثوليكية في المنطقة وهي كاتدرائية القلب المقدس والتي دشنت في شهر مارس/ آذار العام 1940 والتي تعتبر أول كنيسة من نوعها في منطقة الخليج.
البحرين تحتضن 30 كنيسة
كما تحتضن البحرين ما يقارب من ثلاثين كنيسة كاثوليكية وبروتستانتية وأرثوذكسية وقبطية تخدم عددا كبيرا من المؤمنين من مختلف أصقاع العالم.
كما تعتز مملكة البحرين بوجود ألف من مواطنيها البحرينيين من اتباع الديانة المسيحية والذي ينشط العديد منهم في الحياة العامة ووصل عدد منهم إلى مناصب عليا بما في ذلك عضوية مجلس الشورى.
وأكد جلالته أن مملكة البحرين ماضية في مساعيها لتعزيز التسامح والتعايش المشترك بين جميع الأديان، معبرا عن سعادته بلقاء قداسة البابا بندكيت السادس عشر وتطلعه للعمل معه لما فيه خير الإنسانية جمعاء. كما استعرض جلالته في إطار زيارته لروما مع سكرتير العلاقات الدولية بالفاتيكان دومينك مامبيرتي، العلاقات القائمة بين مملكة البحرين والفاتيكان حيث ثمن جلالته الدور الذي تقوم به الفاتيكان في تعميق روح المحبة وإشاعة السلام والانفتاح على مختلف الأديان والحضارات بما يعزز التواصل فيما بينها صونا للأمن والسلام الدولي ولكي تعيش شعوب العالم في عالم تسوده الألفة والمحبة. وقد عبر دومينك مابيرتي عن شكره وتقديره لجلالة الملك على ما أبداه من حرص على دعم وتوثيق العلاقات مع الفاتيكان، كما تم خلال اللقاء التطرق إلى عدد من المسائل موضع الاهتمام المشترك.
كما عقد اجتماع بين جلالة الملك ورئيس وزراء جمهورية إيطاليا سلفيو بيرلسكوني بحضور الوفد المرافق لجلالة الملك وكبار المسئولين الإيطاليين تركز على العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وآخر التطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد جلالته خلال المباحثات اهتمام مملكة البحرين بتطوير علاقات البلدين وتعزيزها في المجالات المختلفة، مشيرا جلالته إلى أهمية تبادل الخبرات بين البلدين بما يعكس مدى التطور الذي وصلت إليه علاقاتهما المتميزة ما يشكل أرضية صلبة لما سيكون عليه مستقبل هذه العلاقات.
الاستفادة من خبرات إيطاليا الإعلامية
وأكد جلالته أهمية دور القطاع الخاص ومجتمع رجال الأعمال في البلدين لإقامة المشروعات الاستثمارية المشتركة وتحقيق كل الأهداف المنشودة لفتح آفاق جديدة من التعاون الثنائي في شتى المجالات ودعوة الشركات الإيطالية لتطوير صناعة النفط والغاز، إضافة إلى تنمية النشاط السياحي بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية والاستفادة من الخبرات الإعلامية الإيطالية، وقد عبر جلالة الملك عن تقديره لدور إيطاليا والمجموعة الأوروبية في دعم الجهود الهادفة إلى تحريك عملية السلام في المنطقة وإيجاد التسوية السلمية لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي والوصول إلى مناخ الأمن والاستقرار الذي تتطلع إليه شعوب منطقة الخليج والشرق الأوسط.
إيطاليا ترحب بفتح سفارة بحرينية في روما
وأعرب رئيس الوزراء الإيطالي عن شكره وتقديره لجلالة الملك لجهود جلالته لدعم علاقات البلدين وحرصه على تطويرها وتعزيزها، مؤكدا أن بلاده تتطلع إلى علاقات أوثق مع مملكة البحرين، وأبدى رئيس الوزراء الإيطالي إعجابه بالتطورات الشاملة التي تشهدها مملكة البحرين وترحيبه بقرار المملكة بفتح سفارة لها في إيطاليا.
من جانبه أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أهمية الزيارة التي قام بها جلالة الملك للجمهورية الإيطالية، وقال إنها تشكل دفعة قوية لعلاقات البلدين. وأضاف في تصريح لوكالة أنباء البحرين أن الاجتماع الذي تم بين جلالة الملك والرئيس الإيطالي كان حميما وطيبا عكس متانة العلاقة بين البلدين الصديقين حيث تم خلاله الاتفاق على الاستمرار في التشاور والتنسيق السياسي وتأسيس مجلس رجال الأعمال المشترك.
وأضاف وزير الخارجية أن العاهل قد أمر بالإسراع في فتح سفارة لمملكة البحرين في روما.
ووصف وزير الخارجية المباحثات التي أجراها جلالته مع رئيس الوزراء الإيطالي بأنها طيبة وإيجابية وأخذت الوقت الكافي لتغطية الكثير من المجالات التي تهم البلدين الصديقين، إضافة إلى بحث آخر المستجدات والتطورات السياسية على الساحتين الإقليمية والدولية.
اجتماع وزيري الإعلام والنفط مع نظيرهما الإيطاليين قريبا
وأشار إلى أن المباحثات تناولت أيضا التعاون الثنائي بين مملكة البحرين وجمهورية إيطاليا حول التعاون الإعلامي والسياحي بين البلدين والتشاور لعقد اجتماع بين وزير الإعلام جهاد بوكمال ونظرائه في إيطاليا.
كما تم الاتفاق كذلك على عقد اجتماعات بين وزير النفط والغاز عبدالحسين ميرزا مع العديد من الشركات في إيطاليا.
كما تطرق إلى أن الجانبين اتفاقا على تشكيل مجلس رجال الأعمال ودعم التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات.
وأخيرا فإن التحرك الدبلوماسي البحريني لإرساء الأسس والثوابت الكفيلة بتحقيق قيم العدالة والتوازن والسلام والتسامح يثبت بجلاء حكمة قيادة المملكة ومبادئها لتحقيق المصالح العليا للأمتين العربية والإسلامية وبما يسهم في تعزيز مكانة المملكة وتفعيل دورها في صنع السلام والتعايش بين الأديان والحضارات وصيانة الاستقرار الدولي.
العدد 2136 - الجمعة 11 يوليو 2008م الموافق 07 رجب 1429هـ