قالت استشارية طب عائلة ومنسقة الصحة النفسية في الرعاية الصحية الأولية شريفة بوجيري إن هناك علاقة وثيقة بين التقدم في السن والإصابة بالخرف، إذ تورد معظم المصادر أن نسبة الإصابة بالخرف بعد سن الخامسة والستين تبلغ 5 في المئة، وقد ترتفع النسبة إلى 10 في المئة في حال التأخر في التشخيص لبعض الحالات البسيطة.
وأشارت بوجيري إلى أن الإصابة بمرض الزهايمر تمثل ثلثي حالات الإصابة بالخرف، وينتج مرض الزهايمر عن تلف مستمر في خلايا المخ التي لا يمكن استبدالها، مما يؤدي إلى عدد من الأعراض، متمثلة في حدوث ثغرات في الذاكرة القصيرة المدى، اذ يجد المصاب صعوبة في تذكر اسماء الأشخاص، الأماكن، المواعيد أو الأحداث القريبة، ووجود صعوبة متزايدة في أداء المهمات الجديدة أو المعقدة، وفقدان الرغبة أو الانسحاب من الأنشطة المعتادة، وحدوت تغيرات في الشخصية والعاطفة مثل الشعور بالاحباط والكآبة وفقدان الثقة بالنفس او الشعور بالقلق، ووجود صعوبة في اختيار الكلمات المناسبة أو فهم الحديث الموجه للمصاب، لافتة إلى أن نسبة الإصابة بمرض الزهايمر تزداد بشكل مطرد بعد سن الخامسة والستين لتصل الى نسبة تتراوح بين 20-35 في المئة بعد الخامسة والثمانين.
وأفادت الدكتورة بوجيري بأن عوامل الخطر للإصابة بمرض الزهايمر تشمل عدد من العوامل مثل التقدم في السن، والإصابة بمتلازمة داون، ووجود تاريخ عائلي للمرض، وعوامل بيئية، كالتعرض لإصابات شديدة في الرأس مثل الملاكمين، والتدخين, والإصابة بالسكري, وارتفاع ضغط الدم, وارتفاع مستوى الكولسترول، وقلة تناول الخضروات والفاكهة الغنية بالمواد المضادة للأكسدة، والإفراط في تناول الكحول لمدد طويلة، بالإضافة إلى وجود جينات معينة، مما يوفر الاستعداد الوراثي للإصابة بالمرض.
أما بالنسبة إلى شدة الإصابة، فأوضحت الدكتورة بوجيري أنها تكون 30 في المئة بسيطة, و40 في المئة متوسطة, و50 في المئة شديدة، وتزداد شدة الإصابة بمرور السنين، مشيرة إلى أن تشخيص مرض الزهايمر يعتمد بالأساس على استبعاد الأسباب الأخرى التي قد تسبب الأعراض المذكورة مثل الكآبة، والأعراض الجانبية لبعض الأدوية, وانسداد الأوعية الدموية للمخ، وأمراض الغدة الدرقية، ونقص الفيتامينات، وفقر الدم, وهبوط نسبة الأوكسجين في الدم وأورام المخ. مفيدة بأنه من أجل الوصول للتشخيص، يجب القيام بفحص اكلينيكي, والقيام باختبارات لقياس قدرات الذاكرة والتفكير واللغة عن طريق الطبيب أو الأخصائي النفسي, كما قد يتطلب فحوصات أخرى إذا ما رأى الأخصائي ضرورة ذلك، ويساعد التشخيص المبكر للمرض على التخطيط لمستقبل المصاب والاستفادة من العلاجات المتوفرة حاليا للمرض.
وأضافت الدكتورة بوجيري: «على الرغم من أنه لا يوجد علاج شافي للمرض، إلا أنه يوجد العديد من الأدوية التي تخفف من الأعراض وتمنع تقدم المرض لمدة تتراوح بين 6 شهور إلى سنة، وتكون الاستفادة القصوى للأدوية في الحالات البسيطة والمتوسطة، وعلى الرغم من أنه لا يوجد دليل على الاستفادة من التداوي بالأعشاب أو تعاطي جرعات كبيرة من فيتامين E إلا أن الالتزام بنظام غذائي وأسلوب حياة صحيين قد يساهمان في تحسين سير المرض».
وأوضحت بوجيري أنه يجب على أقارب المصاب بالزهايمر التحدث معه بهدوء وبصوت واضح وباستخدم كلمات بسيطة وجمل قصيرة، ووضع روتين يومي مستمر يبدأ من الصباح وينتهي بالمساء ولا يختلف من يوم لآخر، مما يساعد في تهدئة المريض، كما يجب أن يهتم الشخص الذين يقوم برعاية المريض بنفسه بأن ينال كفايته من الراحة والنوم حتى يكون قادر على مساعدته وأن يحرص على مشاركة آخرين من أفراد العائلة في رعاية المريض حتى لا تقع المسؤولية على عاتق شخص واحد فقط، ويجب تقبل المرض ومعرفة أن الحالة تسوء من سنة لأخرى، وأن رعاية مريض الخرف وخاصة في المراحل المتقدمة عندما يصبح هناك إعاقات بدنية وعاطفية وتغيرات في شخصيته هي من الأمور الشاقة والمتعبة على أي شخص حتى لو كان بصحة جيده، كما يجب أن يقوم كل فرد من العائلة بالاهتمام بالمريض والقيام بزيارته والترويح عنه مع الحرص على أن تكون الزيارات قصيرة حتى لا يتعب المصاب، ومساعدة المصاب في اختيار الكلمات عندما يعجز عن ذلك، وتكرار بعض الإجابات أو تغيير الموضوع في حالة تكرار السؤال، وعدم مجادلة المريض عند ذكره معلومة مختلقة أو غير صحيحة، واستخدام الكتابة لتنبيه وتذكير المريض بأشيائه الخاصة ووضع العديد من الساعات الكبيرة التي تساعد المريض على معرفة الوقت، مشيرة إلى أن المصاب قد يتعرض إلى التوهان وعدم القدرة على الرجوع إلى المنزل في حالة خروجه, لذا يجب أخذ الحيطة في البيت كوضع الأقفال على الأبواب، وكذلك الحرص على أن يحمل المصاب معه دائما بطاقة تحتوي على اسمه وعنوانه ورقم الهاتف، بالإضافة إلى شغل وقت المريض بأنشطة كالأعمال اليدوية وممارسة الرياضة لرفع معنوياته وتحسين نفسيته، كما يجب الانتباه إلى وجود الأعراض المصاحبة للاكتئاب وإخبار الطبيب عنها، حيث يمكن علاج الاكتئاب بالأدوية، باعتبار أن بعض المرضى يصابون بالاكتئاب، وخصوصا في المراحل المبكرة
العدد 2208 - الأحد 21 سبتمبر 2008م الموافق 20 رمضان 1429هـ