لم تأتِ الدورة الاستثنائية الطارئة للمؤتمر القومي العربي بأي جديد، سوى كلمة استثنائية. كما انها لم تستطع الارتقاء إلى حجم التحديات المحدقة بالأمة العربية، من محاولات إسرائيل تصفية القضية الفلسطينية، إلى التحضير لتدمير العراق، إلى التخطيط لتطويق سورية ولبنان، إلى تقسيم السودان الخ... وذلك لغياب القدرات الذاتية، ولغياب استراتيجية عربية تستدعي قدرات دول، وليس قدرات تنظيمات ذات حماسة قومية لا أكثر.
جديد المؤتمر الذي انعقد في بيروت يومي 10 و11 الجاري، وفي أحد فنادقه حديثة الافتتاح، أمران أساسيان:
- مشاركة نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز «كضيف استثنائي على المؤتمر».
- مشاركة النائب العمالي البريطاني جورج غالاوي الذي قاد أكبر تظاهرة في لندن ضد ضرب العراق.
أما الملاحظات الأخرى على عدم جديد المؤتمر فليست أيضا بالأمر الجديد... كلام كثير تم القاؤه، خطب رنانة أضجرت المشاركين أنفسهم، فانسحب النائب الأردني السابق المهندس ليث شبيلات «احتجاجا على خطابية المؤتمر وعدم وجود خطة عمل» كما قال، وكان قد انسحب قبله أحد المشاركين المصريين... تلقى المؤتمر برقيات تأييد - كالمعتاد - لكنها هذه المرة أتت من حيث موضع الألم الحقيقي، فكانت من أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المعتقل في سجون العدو الإسرائيلي أحمد سعدات، ومن زميله في الأسر فؤاد الشوبكي، ومن الناطق باسم الكنيسة الارثوذكسية الأب عطا الله حنا...
واقتصرت الخطابات على الكلمات التكرارية منذ ان بدأ المؤتمر عقد دوراته في العام 1990. وكلما ازداد حال الأمة خطورة، يضاف سطر استنكاري للبيان الختامي عن المشكلة الجديدة.
ولأن الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأميركية ليس أمرا جديدا، فإن المؤتمر انعقد في فندق كراون بلازا البريطاني الجنسية، وهي الدولة شديدة التحالف مع أميركا .
كما ان المطالبة بدفع الشارع العربي إلى الخروج عن صمته لم يؤد إلا إلى دفع عشرات المشاركين في المؤتمر (حوالي 150 شخصية) إلى التجوال في شوارع العاصمة لتفقدها وشراء الهدايا وربما بعضها كان من صنع أميركي.
وإذا كانت النوايا حسنة وهو أمر لا جدال فيه ولا انتقاص من جدية ونضالية المشاركين، منعا لأي سوء فهم من جانبنا، فإن المطالبة «باعتماد لغة مغايرة للغة الحكومات» لم تنفع في ان البيان الختامي بدأ وانتهى «بسوف» و«نحن».
يبقى ان زيارة طارق عزيز أحدثت نوعا من المفاجأة، فهو لم يزر لبنان منذ ربع قرن «وان تكن ملائكته حاضرة».
نقل أحد السياسيين اللبنانيين ممن التقوه انه يتحدث بثقة تعطي الانطباع بأن الحرب على العراق لن تكون أمرا سهلا، لا بالنسبة للعراق ولا أميركا.
وأكد هذ المسئول لـ «الوسط» ان عزيز ركز في أحاديثه مع المسئولين اللبنانيين الذين التقاهم على أمور ثلاثة:
- التأكيد على عدم وجود أسلحة دمار شامل، واستعداد بغداد لاستقبال المفتشين للكشف على هذا السلاح.
- تحرك دبلوماسي باتجاه أوروبا والصين وروسيا لمحاولة منع حصول ضربة أميركية.
- الاستعداد للمعركة وكأنها ستحصل. فالترتيبات قائمة في مجتمع وصفه عزيز بمجتمع الحرب منذ 20 عاما.
بقي ان نشير إلى ان السيجار الذي أشعله طارق عزيز في العشاء الذي أقيم على شرفه، أشعل فلاشات كاميرات المصورين... والكثير من الأسئلة
العدد 37 - السبت 12 أكتوبر 2002م الموافق 05 شعبان 1423هـ