تدافعت الأيام وتلاحقت بشكل متسارع على منظمي انتخابات لجنة متدربي معهد البحرين للتدريب، ففي صباح يوم الأربعاء المقبل 27 نوفمبر/تشرين الثاني تُجرى اولى انتخابات اللجنة ويُولد الحلم الذي راود الكثير من المتدربين بتشكيل لجنة منتخبة تعبر عن أفكارهم وتوجهاتهم وطموحهم. وقد تم اعلان فوز ستة أعضاء بالتزكية هم ممثلو قسم التدريب الفني، وسيجرى انتخاب ثلاثة أعضاء هم ممثلو قسم التدريب الإداري وقسم الفنون والتصميم.
هذه اللجنة هي احد افرازات العمل الطلابي والإرادة المشتركة بين إدارة المعهد والمتدربين جاءت لتواكب مسيرة التطوير والتحديث وعصر الانفتاح والديمقراطية التي تشهدها المملكة بقيادة عظمة الملك المفدى، ولتنطلق مع الحركات الطلابية التي برزت في الآونة الأخيرة مثل مجلس طلبة جامعة البحرين واللجان الطلابية التابعة للجمعيات الأهلية والعمل على تأسيس الاتحاد الطلابي ومجلس طلبة كلية الخليج للسياحة والفندقة وغيرها من الجهود الطلابية التي تصب في تنمية وتطوير مستوى الخدمات التعليمية وخدمة الطلبة.
وقد بدأت القصة حين تقدمت مجموعة من المتدربين بمقترح لتشكيل لجنة تمثلهم وتكون معبرة عن توجهاتهم قبل سنة ونصف، وتقبلت إدارة المعهد هذه الفكرة ورحبت بها وطلبت من المتدربين أن يتقدموا بتصور كامل لمهمات وعمل اللجنة. وتحقق للمتدربين ما أرادوا بعد مناقشة وحوار جماعي تمخضت عنه اللجنة التأسيسية للجنة متدربي معهد البحرين التي صاغ أعضاؤها النظام الأساسي ومنها تبلورت الصورة الحالية للجنة.
تمثيل المتدربين
وقد صيغت أهداف اللجنة لتوافق احتياجات ورغبات المتدربين بحيث تكون بمثابة الممثل الشرعي لهم للمساهمة في تطوير سير التدريب بالمعهد. وهي كأي قوة طلابية تسعى إلى الرقي أكاديميا وثقافيا وعلميا بمجتمع الطلبة وتهيئة الأجواء المناسبة لهم للتحصيل الأكاديمي. وتتمثل مهمات اللجنة بشكل أساسي في تمثيل المتدربين لدى إدارة المعهد ومتابعة قضايا المتدربين ومناقشتها مع الجهات المعنية داخل المعهد، واقتراح البرامج الهادفة لتحسين التحصيل المهني للمتدربين والعمل على تشجيع عطاء المتدربين في المجالات الابداعية والأنشطة اللاصفية وغيرها من المهمات التي تهدف إلى بناء شخصية المتدرب، وتحقق التوافق والانسجام بين ادارة المعهد والمتدربين. ويثير بعض المتدربين مسألة المسمى إذ يعتقد منهم أن اطلاق اسم «لجنة» على صوغ العمل الطلابي هو انقاص ويحد من عطائها وصلاحياتها، ويرد المدير المساعد لخدمات المتدربين ورئيس لجنة الإعداد بدر بودواس على هذه التساؤلات بقوله: «ليس المهم المسمى... ولكن المهم هو المضمون وماذا ستقوم به اللجنة؟».
الاجتماع مع الادارة
وتمتلك لجنة متدربي معهد البحرين صلاحيات هي غائبة عن مثيلاتها، إذ يحق لها «التنسيق والإعداد مع الإدارة كلما دعت الحاجة الى مناقشة المواضيع التي تهم المتدربين، وتقوم بدورها أيضا بتوصيل ارشادات وتوجيهات الإدارة إلى اللجان والمتدربين والتأكد من تنفيذها»، ولم تتضح حتى الآن الآلية التي ستطلب من خلالها اللجنة عقد اجتماعات مع الإدارة ومن الذي يحدد أهمية وأولوية جدول الأعمال، ويبدو أنَّها (اللجنة) ستعمل «موصِّلا» جيدا لأفكار وقرارات الإدارة بحسب ما ورد من مهمات موكلة إلى اللجنة. كما عمدت اللجنة التأسيسية إلى عدم السماح لأعضائها بترشيح أنفسهم في فترة الانتخابات الحالية، ومنح الفرصة للمتدربين الآخرين لخوص هذه التجربة.
تشكيل اللجنة
وتتكون اللجنة من تسعة أعضاء يتم انتخابهم مباشرة من قبل المتدربين وتكون مدة العضوية سنة تقويمية كاملة تبدأ من 1 يناير/ كانون الثاني وتنتهي في 31 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام. وتم تقسيم المعهد بحسب أقسامه الكبرى الثلاثة (قسم التدريب الإداري، وقسم التدريب الفني، وقسم الفنون والتصميم) للتمثيل الانتخابي في لجنة متدربي المعهد. واعتماد التمثيل مبني على أساس من النسبة والتناسب بين أعداد المتدربين المسجلين في كل قسم وبين نصابهم من التمثيل في اللجنة ذاتها بحيث يكون هناك ستة ممثلين لقسم التدريب الفني، و2 لقسم التدريب الإداري، وممثل لقسم الفنون والتصميم. وللجنة مقر وموازنة لم تقدر بعد، تحددها ادارة المعهد لاحقا.
طبيعة عمل اللجنة
وتحيط المرحلة المقبلة من عمل اللجنة هواجس وتخوفات تتعلق بتفاعل الطلبة مع اللجنة وتفهمهم لطبيعة ومجال عملها. ويقول بدر بودواس: «الفرصة متاحة للطلبة لتشكيل لجنة منتخبة تعمل على خدمة المتدربون، وهي المرة الأولى التي تجرى فيها انتخابات للجنة داخل المعهد... والأهم هو كيف سيطور المتدربون هذه التجربة»؟. وبسؤالي له اذا كان المعهد سينسق ويستفيد من التجارب الطلابية الأخرى... يجيب: «لن نبدأ من الصفر في بناء قاعدة العمل الطلابي مع المتدربين، سنستفيد من تجارب المجالس واللجان الطلابية التي سبقتنا في هذا المجال...».
ويتابع بودواس حديثه: «هذه اللجنة تعني الكثير للمتدربين وتهمهم، وسيؤثر مستوى مشاركتهم على قيمة أداء اللجنة، والشخص الذي سينتخبه المتدربون سيتحمل مسئولية كبيرة وهي تمثيل المتدربين وايصال أفكارهم ومقترحاتهم إلى ادارة المعهد، وهو تكليف وليس تشريفا».
وأوضح أن الفترة الماضية شهدت عملا متعاونا ومكثفا بين الادارة والمعهد للقيام بحملة اعلامية تعريفية للمتدربين توضح لهم أهمية المشاركة الفاعلة في انتخابات اللجنة وأنشطتها المقبلة بطباعة كتيبات ومطويات وعمل لقاءات مباشرة بين أعضاء لجنة الاعداد والمتدربين. وعن طبيعة العلاقة التي تربط المعهد بلجنة المتدربين يقول بودواس: «العلاقة هي علاقة ثقة ومشورة وتنشد تطوير أداء المتدربين لتحقيق أكبر استفادة من الامكانات الموجودة». وأكد أن ادارة المعهد ستهئ كل الأجواء المناسبة والتسهيلات ليقوم أعضاء اللجنة بمهماتهم وواجباتهم.
اكتساب مهارات جديدة
ويقول مقرر اللجنة وممثل دوائر التدريب الإداري عبدالمنعم الشيخ: «ان المشاركة في انتخابات اللجنة سواء بالترشيح أو الانتخابات هي شيء ايجابي لابد أن يعيه المتدربون» مؤكدا أن القيمة المضافة في المشاركة هي «تعلم مهارات الحياة واكتساب خبرة عملية في الادارة والتعامل مع الآخرين إلى جانب تحمل المسئولية والمحافظة عليها لدى المتدرب تجاه نفسه وزملائه الآخرين».
ويتابع عبدالمنعم حديثه بقوله: «المعهد سيعد المتدربين بشكل غير مباشر لمعرفة متطلبات الحياة العملية ومفردات العملية الانتخابية للمستقبل واعدادهم وتهيئتهم ليكونوا كوادر عاملة وفعَّالة في مواقع أخرى في المجتمع، وهو شيء رائع أن يخوض المتدربون هذه التجربة. نترقب أن تكون هذه اللجنة فاعلة وتقدم برامج تعزز العملية التدريبية داخل المعهد، وعلينا ألا ننتظر نتائج سريعة».
تجربة مغايرة...
ويتحدث عضو اللجنة التأسيسية للجنة متدربي معهد البحرين محمد الملا قائلا: «السؤال الذي بحاجة إلى اجابة هو ماذا ستقدم اللجنة إلى المتدربين...؟ وماذا نريد منها؟ هل نحن لجنة ندير المعهد؟ تعدينا هذه المرحلة من التفكير وهناك انسجام بيننا كمتدربين وادارة المعهد». ويبين الملا أن تجربة المعهد أفضل بكثير من تجارب أخرى اذ سمح للمتدربين وضع نظامهم الأساسي والذي سيعرض على اللجنة العامة إلى جانب أن جميع أعضاء اللجنة «منتخبون وليس بينهم مُعيَّنون».
ويكمل حديثه: «المتدرب الحالي تنصع لديه صورة معينة عن المرحلة والتجارب السابقة... ولكن علينا أن ننظر للأمور بايجابية، والمعهد يمنحنا مساحة كبيرة من التعبير والعمل لتقديم ما هو أفضل».
تجربة معهد البحرين للتدريب في خوض العمل الطلابي مازالت حديثة وطرية، وهي بحاجة إلى وقت حتى تتضح معالمها... وهناك داخل المعهد متدربون ينتظرون إلقاء بطاقات التصويت في صناديق الاقتراع التي هي الآن فارغة.
بداية الفكرة
في محاضرة للصحافية سوسن الشاعر في معهد البحرين للتدريب قام متدرب صارخا: «نريد لجانا طلابية» وتلا ذلك تصفيق حار من جميع الحاضرين، الأمر الذي جعل المدير يبدأ العمل في إنشاء لجان طلابية هي الأولى من نوعها في معهد البحرين للتدريب، ولكنها فشلت لأنها أهملت إشراك المتدرب في عملية التأسيس لتلك اللجان. وتعكس هذه التجربة تلمّس الإدارة لمطالب المتدربين.
استغل بعض المتدربين فرصة حشد التأييد لتأسيس الإتحاد الطلابي عبر جمع توقيعات مؤيدة لتأسيسه في تلك الفترة بأن قاموا بتوعية القاعدة بمفاهيم العمل الطلابي البسيطة، وكان الشعار تلك العملية هو «نحن لا نريد توقيعك بقدر ما نريد منك أن تفهم الفكرة»، وهذه العملية كانت الباعث من جديد لفكرة تأسيس لجان طلابية في المعهد.
السعي من أجل إقرار اللجان
في رسالة تضمنت مطالب المتدربين بتأسيس لجان طلابية منتخبة تم رفعها من قبل 18 متدربا إلى دائرة شئون المتدربين أدركت الإدارة أنها أمام طريق لا رجعة فيه نحو العمل الطلابي، وهي بدورها قالت في ردها إنها تريد مقترحا كاملا للجان الطلابية كما يتصورها المتدربون، وهذا شاهد على حجم الثقة المعطاة للمتدرب من قبل إدارة المعهد، وشاهد على إن الإدارة ليست عازمة على تكرار تجربتها السابقة بعيدا عن المتدربين.
بعد أن رفع المتدربون مقترحا كاملا لمشروعهم متوجا في دستور اللجان، كانت هناك الكثير من معالم البيروقراطية في السير قدما بالمشروع وكان أن تنبه المتدربون إلى ضرورة عدم الانتظار حتى تأسيس اللجان للبدء في برامج عملهم ونشاطاتهم، وعلى ذلك فقد برزت للوجود بعد مدة وجيزة لجان مؤقتة مثل لجنة الصحافة ولجنة الكمبيوتر، والتي ساهمت في تعزيز ثقة الإدارة بالمتدربين وبجديتهم في العمل كما لم تسلم هذه اللجان من وجود العقبات المتمثلة في مظاهر البيروقراطية.
البدء في تدشين اللجان
اجتمعت في آخر الفصل التدريبي الثالث العام الماضي لجنة مكونة من ممثلين للإدارة وممثلين للمتدربين تولوا مهمة إعداد جدول زمني وتوفير ما يلزم من أجل البدء في تدشين اللجان الطلابية في السنة التدريبية الجديدة.
وتم الاتفاق على أن تكون هناك لجنة انتخابات تتكون من بعض الإداريين وبعض المتدربين مهمتها إدارة عملية الانتخابات التي ستكون في يومي 23 و24 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري على أن يتم انتخاب تسعة أعضاء ليكون أعضاء اللجنة العامة للجان الطلابية والتي ستكون بداية عملها في أول السنة الميلادية الجديدة.
محمد الملا
عضو اللجنة التأسيسية للجان الطلابية
العدد 80 - الأحد 24 نوفمبر 2002م الموافق 19 رمضان 1423هـ