رفض الشيخ صلاح الجودر الربط بين التجنيس والأحداث الجارية في مدينة حمد، معتبرا أن الأحداث سببها الأول هو التَّساهل في سياسة نبذ العنف وتطبيق القانون التي كان من الأولى التركيز عليهما وإشاعة ثقافتهما في المجتمع.
وحمّل الشيخ صلاح الجودر النواب مسئولية عدم تطبيق القانون في البحرين على الجرائم والأحداث التي تطول الناس وممتلكاتهم بسبب عدم جدية مجلس النواب في تناول ومناقشة هذه القوانين والإصرار على تطبيقها.
كما ألقى الجودر باللائمة على بعض الجمعيات التي اعتبرها السبب الرئيس في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم، بانتهاجها نهجا خاطئا في معالجة القضايا المجتمعية وذلك بتأخر إصدار بياناتها والإفصاح عن مواقفها تجاه هذه القضية أو تلك، إذ تصدر بياناتها في العادة بعد معرفة الرأي الرسمي بشأن الموضوع وهو ما يسهل انزلاق الأحداث وتحولها إلى الشارع الذي يصبح حينها صاحب الكلمة الأولى في حسم الأمور.
جاء ذلك خلال محاضرة بعنوان: «أحداث مدينة حمد» ألقاها الشيخ صلاح الجودر في مجلس خليفة الكعبي بالبسيتين. وحدد الجودر في بداية محاضرته الأساليب المتبعة في مجتمعنا لعلاج القضايا الحساسة من مثل أحداث دوار 19 في مدينة حمد، ورأى أن هناك رأيين، الأول يقوم على اتباع سياسة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جورج بوش، إما معي أو ضدي. والثاني يقوم على سياسة النبي (ص) التي عالج بها المجتمع الإسلامي منذ بداية الدعوة وهو انصر أخاك ظالما أو مظلوما.
ورأى الجودر في تبني دعوة بوش عودة للجاهلية الأولى وابتعاد عن نهج النبي (ص) الذي أصر على تخطي تلك العقبات على رغم كل الرواسب الجاهلية التي جاء الإسلام لمحوها عندما تجاهلها وصم الآذان عنها واختار تجاوزها والتقدم إلى الأمام من دون أي اعتبار لها.
وأوضح الجودر أن قضية مدينة حمد هي في الأساس لا تتعدى شجارا عاديّا بين الجيران يحدث في كل منطقة في البحرين وغير البحرين، غير أن المختلف في الأمر هو التصعيد الذي صاحب القضية والذي ربما كان وراءه مقاصد سياسية، وأيضا التخاذل الواضح عن علاج القضية ووأد الفتنة في مهدها عندما اختار بعض النواب سياسة ضرب الباب على الناس ما عاد بنتيجة عكسية وهي الدفع نحو التأزيم بدلا من الحل.
ودلل الجودر على كلامة بأحداث كثيرة وقعت في مختلف مناطق البحرين لكنها لم تصل إلى ما وصلت إليه أحداث مدينة حمد، فقد كانت هناك مشكلة في جدحفص مثلا تصادم فيها فريقان دينيان ولكن المشكلة وجدت طريقها للحل لسبب بسيط وهو أن لا أحد اختار الاصطفاف مع هذا الفريق أو ذاك ما أفسح المجال للعقلاء في حل المشكلة واحتوائها بسرعة، كما أن مثل هذه القضايا حدثت في المحرق وعالي والرفاع وعسكر وغيرها لكن الأمور آلت في النهاية إلى الحل المتزن الذي جاء على يد عقلاء القوم الذين أخذوا بهدي النبي (ص) بنصرة الأخ ظالما أو مظلوما وليس وفق مرئيات بوش الجاهلية.
كما حمل الجودر الفعاليات الرسمية والجمعيات العاملة مسئولية تدهور الوضع بسبب تأخرها المتعمد في إبداء رأيها في مثل هذه الأحداث قبل استفحالها، وقال إن سياسة الصمت أو إغلاق الهواتف تهربا من السؤال هي في النهاية محصلة للإفلاس والتبعية، إذ تنتظر تلك الشخصيات والجمعيات سماع الرأي الرسمي في القضية قبل تدخلها في الموضوع برأيها المستقل.
ورأى الجودر أن مثل تلك التصرفات تؤدي إلى فقدان السيطرة على الوضع وتسليم الأمور إلى الشارع الذي عليه أن يبادر لعلاج هذه الأزمات وفق مرئياته المستندة إلى خبرته المتواضعة التي لا تبتعد كثيرا عن استخدام العنف.
وردّا على أسئلة الحضور بشأن القانون الذي يتحدث عنه وعن دور القانون وسيادته بعد عجزه الواضح عن علاج قضايا أكثر حساسية من قضية مدينة حمد من مثل تطبيق قانون الأحكام الأسرية أو علاج مشكلة دور للعبادة غير مرخصة التي تجاوز عددها 500 دار، قال الجودر إن هناك برلمانا منتخبا من قبل الشعب وهو صاحب الاختصاص في تفعيل هذه القوانين، لكن إذا كان البرلمان عاجزا عن تفعيل القوانين بما يتفق مع حاجة الناس فإن الأمور بالضرورة ستئول إلى مثل ما آلت إليه اليوم.
ودلل الجودر على كلامه بتقرير ديوان الرقابة المالية الذي قدمته الحكومة إلى مجلس النواب بكل ما فيه من فساد ولكن المجلس للأسف الشديد لم يتخذ أي إجراء بخصوص المتورطين.
وفي ختام المحاضرة، أكد الجودر أنه يحمل ذات المخاوف التي عبر عنها الحضور من مثل شح الموارد في مقابل التجنيس العشوائي وضروة ضبط حق الهجرة والنظر في الاعتبار لحقوق مواطني هذه الأرض.
وشدد الجودر على أن الحلول المنطقية موجودة إذا ما كانت هناك نوايا صادقة تبحث بحق عن الحلول والتي عليها وقف التحريض وعدم استغلال مثل تلك الأحداث لإنتاج المزيد من الأحداث والشغب
العدد 2296 - الخميس 18 ديسمبر 2008م الموافق 19 ذي الحجة 1429هـ