يزعم البعض أنه ليس من السهل الانفتاح على فئة لطالما كانت متشددة على الفئة الأخرى و(ربما يستبعد كثيرون إمكان تحسن العلاقة بين السلفيين والشيعة، لما بين الطرفين من اختلاف وتضاد في مسائل عقائدية حساسة، ولوجود تاريخ مثقل بالمشاحنات بينهما، ولأن من طبيعة المدرسة السلفية الصرامة والتشدد فيما تراه خلافا عقديا). وهذا الكلام مردود عليه...
فهناك جدل قائم لابد أن نصل إلى حقيقة شافية حوله توضح لنا من هم السلفيون الحقيقيون الذين يتعبدون بما جاء به السلف الصالح ؟
في واقع الأمر أن كل المسلمين هم سلفيون فالكل منهم يأخذ التشريع من الكتاب والسنة المطهرة مع اختلاف الطريقة لكل فئة منهم، فالشيعة يأخذون التشريع من القرآن ومن السنة المطهرة وهم الرسول وأهل بيته الإثناعشر وهم كما يعتقدون بعصمتهم وهم السلف الصالح بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. والسنة يأخذون تشريعهم من الكتاب والرسول والصحابة وهم السلف الصالح كما يعتقدون فإذا اتفق الجميع بأنهم سلفيون مع تغير الطريقة.
إذا كان الجميع من الفئتين سلفيون ويتعبدون بما جاء عن الرسول والسنة المطهرة كل حسب طريقته التي يراها بخلاف ما يراها الطرف الآخر...
فهل السبيل هو التقاطع والحراب بين الفئتين وفتح الهوة المتسعة لأعداء الإسلام لكي ينفذوا منها؟ بطبيعة الحال لا يقبل أي عاقل مسلم بأن يكون احتراب بين أي طرفين مختلفين وخصوصا وأن القرآن والسلف الصالح من المسلمين ينبذون الاحتراب المبني على خلاف في العقيدة أو المذهب ولنا في ذلك أدلة كثيرة ومنها:فمن القرآن الكريم الذي جاء بالآيات التي تنص على عدم جواز الصراعات في الدين فقد قال عز وجل (لا إكراه في الدين) وفي آية أخرى (لكم دينكم ولي دين)وكما ورد في أحاديث عن الرسول الأكرم(ص)وأثر عن السلف الصالح في فن التعامل والتعايش مع المخالف. وقد تعايش عليه الصلاة والسلام مع اليهود والنصارى في المدينة إذ قال لهم لكم حقوق المواطنة في داخل الدولة الإسلامية مادمتم مسالمين معنا. وكيف تعامل الإمام علي عليه السلام مع الخوارج إذ تعامل معهم بمبدأ لكم علينا ما لم تبدؤنا بقتال. فهناك الكثير من الحوادث والعبر التي تنص على رص صفوف المسلمين على اختلاف مذهبهم وانتمائهم العقدي لكي لا تتسع هوة الخلاف بين المسلمين وينفذ منها أعداء دين الله، ولأن في التنازع والاحتراب روح الفشل والخسران وفي التعايش والتعاون النصر والغلبة على من أراد الإساءة إلى الإسلام . فالسبيل هو التعايش وعدم التحارب.
عيسى محمد العيد
العدد 2318 - الجمعة 09 يناير 2009م الموافق 12 محرم 1430هـ