دعت المتحدثات فائزة الزياني وفوزية الرويعي وأنيسة فخرو - وهن من المترشحات في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي - في ندوة «جمعية الرفاع الثقافية الخيرية النسائية» عن تجربة المرأة في الانتخابات إلى تشكيل لجان نسائية للدعم، وإيجاد استراتيجية وطنية على مدى الأربع سنوات المقبلة لزيادة الوعي السياسي والاجتماعي بين النساء، والتوجه نحو جيل الشباب، والتأكيد على ضرورة تفاعلهم مع التجربة البرلمانية في البلاد، من خلال المؤسسات التعليمية والشبابية، وتأسيس قنوات اتصال مباشر مع عضوات المجلس الوطني، والاستفادة من الأخطاء التي شكلت ثغرات في الحملات الانتخابية، وتفعيل دور صندوق تنمية المرأة والاتحاد النسائي والمجلس الأعلى للمرأة والتواصل الحقيقي مع أفراد الشارع البحريني للتعرف على مشكلاته المهمة من خلال ملامسة حقيقية للواقع.
في بداية الندوة قدمت المتحدثات استقراء للتجربة النسائية وأسباب عدم وصول المرأة إلى كرسي مجلس النواب، كما قدمن استشرافا للمستقبل من خلال وضع تصور لضروريات وآليات لابد من توافرها لتحقيق الأهداف ومنح المرأة فرصة الوقوف إلى جانب الرجل في اتخاذ القرار.
الاسلاميون يكتسحون
الناظر في تشكيلة المجلس الوطني يرى بوضوح الثقل الإسلامي بتياراته المختلفة، وعن أسباب هذه الشعبية للإسلاميين قالت الزياني التي ترشحت عن الدائرة الأولى في محافظة العاصمة: «الديمقراطية دخلت بثقل كبير في البحرين والدليل انتخابات المجالس البلدية والمجلس الوطني في العام نفسه... ومن خلال ملاحظة تشكيلة المجلس نرى أن للإسلاميين نصيب الأسد وهنا سؤال يطرح نفسه بقوة: لماذا فاز الإسلاميون بغالبية ساحقة مثل ما حدث؟ السبب هو أن الجمعيات الإسلامية قريبة من المواطن من خلال أنشطة ومشروعات اجتماعية موجهة للمواطن لمساعدته على تحمل أعباء الحياة تشمل قطاعات مختلفة من الأفراد. فعلى رغم أن التجربة البرلمانية لها ثقلها وعمقها إلا أن المواطن البحريني ما زال مشغولا بأموره المعيشية والهموم اليومية وهذا ما أراه حيا أمامي نتيجة لطبيعة عملي بوزارة العمل والشئون الاجتماعية. هذه الأنشطة والمشروعات كونت للجمعيات الإسلامية ورموزها قاعدة جماهيرية تمتد منذ السبعينات، كما أنهم يتمتعون بتنظيم كبير وتغلغل واضح بين أفراد المجتمع، إذ يكفي أن نذكر اسم فرد واحد منهم حتى نجد أن اسمه «مألوف ومحبوب»، في حين اننا مارسنا حملاتنا الانتخابية بشكل فردي ولم يتم الترتيب لها مسبقا بفترة زمنية طويلة». وقد شاطرتها الرأي الرويعي التي ذكرت أن « الجمعيات الإسلامية خاضت حربا معنوية، بدل أن تقف على الحياد، وأصدرت قرارات وفتاوى ضد مشاركة المرأة في الانتخابات».
المرأة عدو المرأة
أمر آخر يفرض نفسه بقوة في محاولة معرفتنا لأسباب فشل المرأة، وهو المرأة نفسها بحسب ما قالته الزياني في استعراضها لتجربتها الانتخابية: «هناك عدد كبير من النساء في البحرين ينظر للمرأة نظرة دونية وترى النساء خصوصا من الطبقات الدنيا والعامة غير المثقفة أنها أقل من أن تتولى منصبا يمكنه أن يحدث الفرق في المجتمع. كما أننا نواجه مشكلة الوصاية من ولي الأمر الذي يفرض - في كثير من الأحيان رأيه في انتخاب مرشح دون آخر. وهناك مجموعة من النساء كن يزرن المنازل ويبثن فكرة أن المرأة ليس لها إلا المنزل وتربية الأبناء وليست قادرة على اتخاذ القرار». ودللت على ذلك من خلال ما وجدته في الميدان من ضعف الوعي بالدور السياسي والاجتماعي للمرأة. ولسبب لا تعلمه قالت الزياني إن «التجربة أثبتت أن المرأة مغضوب عليها من قبل المجتمع والجمعيات الإسلامية لسبب غير معروف».
غياب الجمعيات
اتفقت المترشحات الثلاث على أن غياب الدور الفعال للجمعيات السياسية ككل وبالتالي منتسبي تلك الجمعيات عن المساهمة الحقيقية في الحملات الانتخابية للمترشحين قلل من فرص وصول المرأة إلى المجلس. وقالت أنيسة فخرو عن ذلك: «إن الحملات الانتخابية تكلف مبالغ باهضة لا يستطيع الفرد أن يتحمل نفقاتها لوحده، بل لابد من وجود دعم حقيقي من الجمعيات السياسية. لقد التقيت بوفود انتخابية من لبنان وكندا وبلجيكا والنرويج أكدت على أن الحكومات تخصص موازنة خاصة للمشروعات والحملات الانتخابية، وفي أحايين كثيرة تتولى الأحزاب مسئولية الإنفاق على الحملات الانتخابية لمترشحيها. وهذا ما يجب أن يحدث في البحرين إذ أن المترشح ينفق مبالغ كبيرة في حملته التي قد تنجح وقد تفشل».
كما أن للجمعيات دور كبير في دعم المرشح، ففي حين كان هناك فريق عمل يتكون من أكثر من 30 شخصا من الجمعية السياسية تدعم زملائي في الدائرة، لم أجد سوى 5 أفراد للعمل معي. لقد كان دور الجمعيات ودعمها للمرشح كبيرا جدا وكان ليمثل فارقا كبيرا في التجربة.
وقد كان للمقاطعة دور كبير في تقليص حجم الجمعيات. وأكدت الرويعي على مساندة جمعية الرفاع لها في حملتها.
مقاومة التغيير
ومن الأسباب التي حالت دون وصول المرأة إلى مجلس النواب بحسب رؤية فوزية الرويعي هو حداثة التجربة، إذ قالت: «التجربة تحدث لأول مرة في البلاد، والديمقراطية واتخاذ القرار النابع من الاقتناع أمور جديدة على الشارع البحريني.
وأول فعل تجاه أي تغير هو مقاومته وهذه الطبيعة البشرية. والتخوف من التجربة جاء نتيجة ما حصل في انتخابات المجالس البلدية التي شاركت فيها 31 سيدة في حين لم يشارك في الانتخابات البرلمانية سوى 8 نساء فقط، شكلن نسبة 4 في المئة إلى 96 في المئة من الرجال.
ولعل هذه النسبة في حد ذاتها تحد كبير للمرأة في البحرين.
وأسهم الموروث الثقافي بشكل كبير إذ أن الفكرة السائدة هي أن الرجل هو الأصلح للمواقف الصعبة، والمجتمع الذي نعيش فيه مجتمع ذكوري شئنا أم أبينا»
العدد 118 - الأربعاء 01 يناير 2003م الموافق 27 شوال 1423هـ