إنني سعيدة بأن أكون هنا في البحرين لأتحدث عن ملاءمة دستوركم الجديد مع معاهدات حقوق الانسان وخصوصا فيما يتعلق بحقوق المرأة.
تُعنى حقوق الانسان بالكرامة الاساسية لكل شخص، رجال ونساء، وهي حقوق متوجبة لنا منذ ولادتنا. ان حقوق الانسان ترتبط بنا كبشر وهي جزء لا يتجزأ من وحدة وتمامية وكرامة الانسان رجل وأمرأة على حد سواء. ولذلك هي حقوق لا يمكن أن تمنح أو تلغى بناء على رغبة من أي نظام سياسي. إنها حقوق متجذرة أساسا في الطبيعة البشرية، وفي الوقت نفسه هي التي تقود عملية التنمية المستمرة باعتبارها ضرورية للحياة الانسانية الكريمة.
إن الشعار «حقوق المرأة هي حقوق الانسان» قد تم حسمه الآن عالميا، اذ أن قوة الشعار تكمن في بساطته. إنه يوحي بالمعنى البسيط بأن القوانين والتقاليد التي تنكر فرص الحياة المتكافئة للنساء تعتبر مهينة لإنسانيتهن الحقيقية، كما اشارت إلى ذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان بأنه «يجب وضع اسباب وجيهة حقيقية قبل أن يعتمد اختلاف في المعاملة بسبب الجنس ويجب ضمان الانسجام مع روح المعاهدة الاوروبية لحقوق الانسان».
وهذه الالتزامات تصاحب الافراد مباشرة لانهم المعنيون بها اساسا. حقوق الانسان. ومن ثم القاعدة الحقيقية للحديث عن حقوق الانسان هي افتراض وجود طبيعة بشرية كونية شاملة لجميع الناس. ولا يمكن منطقيا المناداة باعلان عالمي ما لم تكن تلك الحقوق عالمية.
إن جذور الاعلان العالمي لحقوق الانسان والقيم التي يجسدها تتعدى الغرب، اذ تحتوي كثير من الثقافات والأديان على مبادئ متأصلة في الجدل عن طبيعة الانسان.
بالتأكيد، تشتمل جميع الأديان العظيمة على عناصر تشير إلى اتجاه حقوق الانسان. البوذية، المسيحية، الهندوسية، الاسلام، اليهودية وأديان أخرى - سعت جميعها لوضع دساتير اخلاقية متماسكة وشاملة مؤسسة على قانون مقدس. وتشتمل جميعها على افكار سائدة عن كرامة الانسان كما تهتم بواجبات والتزامات المواطنين تجاه رفقائهم في الانسانية، والطبيعة وفي الواقع مع الله والخلق برمته.
وما كان للاعلان العالمي أن ينادي به إن لم يكن شاملا في حماية الأفراد مهما يكن جنسهم، ثقافتهم، اعراقهم ودياناتهم. وقد تحدث القرآن في آيات كثيرة عن كرامة الانسان و«بني آدم» من دون تفريق في العرق، واللون، والجنس أو الدين «ولقد كرمنا بني آدم».
في الواقع، ينظر إلى دستور البحرين المعدل بأنه يشكل كثيرا من خيوط حقوق الانسان الموجودة اصلا في الاسلام والمهم الآن أنه يجب ان يستخدم الدستور كوسيلة من خلالها يعد التشريع لسلسلة كاملة من حقوق الانسان، لجميع الناس - رجال، نساء وأطفال في مملكة البحرين.
بالاضافة إلى ذلك، يعتبر مبدأ حقوق الانسان أمرا باقيا مع الانسانية. وهذا المبدأ بدأ في مطلع العام 1215 مع الوثيقة العظمى (وثيقة الحقوق التي أكره النبلاء الانجليز الملك جون على اقرارها) ومازالت مستمرة الى اليوم مع دمج مباشر للمعاهدة الأوروبية لحقوق الانسان بواسطة قانون حقوق الانسان البريطاني لعام 1998.
ومع ذلك، من المناسب القول، أنه استغرق وقتا طويلا قبل ان تعرف حقوق الانسان لدى النساء في وطني (بريطانيا) مقارنة بالرجل. فحتى نهاية القرن التاسع عشر لم تمتلك النساء المتزوجات أية حقوق على ثروتهن الخاصة. وحتى منتصف القرن العشرين لم تكن لديهن الفرصة في رعاية اطفالهن بعد الطلاق وحتى العام 1991، عندما اسقط مجلس اللوردات في قرار يمثل نقطة تحول حكم القانون السائد السابق في انجلترا بأن الرجل لا يغتصب زوجته، ويعاقب الزوج اذا ثبت انه اجبر زوجته على الجماع معه.
وفي الواقع أنه في خلال الثلاثين عاما الماضية فقط قد بدأنا النقاش المفتوح لمشكلات العنف ضد النساء بواسطة أزواجهن في المنزل. اليوم في بريطانيا، تتعامل المحاكم والسلطات مع العنف المنزلي كجريمة خطيرة. عندما بدأت ممارسة مهنة المحاماة قبل 26 عاما، كان ينظر للعنف المنزلي وكأنه ليس خطرا كالعنف مع الغريب، ولكن في السنوات الاخيرة أعترفت محاكمنا بأن العنف المنزلي أكثر خطورة اذ أنه انتهاك اساسي للثقة.
وقد تحسنت المواقف فيما يتعلق بالنساء المشاركات في الخدمة والحياة العامة. وفي العام 1913 قضت محكمة الاستئناف في انجلترا بأن النساء غير مؤهلات للعمل كمحاميات في المحكمة العليا لأن ذلك الحق منح تحت تشريع «اشخاص وتشير هذه الكلمة للرجال فقط. واستمر الوضع حتى نهاية العشرينات حين حررت النساء من ذلك الحكم بواسطة مجلس الملك (priry Councl) في قضية في كندا قرار يمثل نقطة تحول في الاستئناف يختص بحقوق النساء كأشخاص يترشحن للحكومة المنتخبة مجلس الملك له صلاحيات استثنائية في عدة بلدان تابعة للكومنويلث. وفي هذه القضية حذر رئيس مجلس اللوردات والرئيس الاعلى للقضاء، لورد سانكي ضد اتباع العادات التي هي قابلة للتطور الى تقاليد تصبح أقوى من القانون وتبقى غير قابلة للاعتراض بعد أن ينتفي السبب الذي أوجدها، واستنتج: «لأولئك الذين يتساءلون لماذا تشمل كلمة «اشخاص» على إناث، الاجابة المختصرة لماذا لا تشملهن؟» ولكن تواكب التقدم مع الصبر والتريث».
لا يمكن تغيير المجتمع بين عشية وضحاها ولكن شكل تعريف حقوق الانسان قيما معينة في المجتمع - إذ عرفت القيم بواسطة المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان بأنها التعددية، التسامح والانفتاح الفكري - وبدأت عملية تغيير ستأتي بالتقدم. أأمل أن الشعب البحريني يستمر في السعي الى التقدم بينما يستقبل انجازاته اليوم.
أحد أهم أهداف المجلس الأعلى للمرأة هو تنمية وترقية حقوق النساء. وانني احثه من هذا المنطلق للقيام بأمرين.
أولا: ان يعمل كمنبر تتعلم منه النساء عن حقوقهن ويتشاورن حول أولوياتهن وهمومهن. وثانيا: أن يأخذ على عاتقه ضم ودعم النساء للانخراط في الحياة السياسية والعامة في البحرين. تعتبر هذه مهمة كبرى في منطقة جغرافية (الخليج والمنطقة العربية) تمثل النساء فيه 3 في المئة فقط من البرلمانيين، وإذ اكثر من نصف السكان الاناث يعتبرون في أمية وحيث أن ليس لكل النساء الحق في الترشيح. ولكنه أمر ضروري وفعال أن تلبي الحكومات الحديثة احتياجات ومصالح المجتمع ويعني ذلك النساء بالاضافة إلى الرجال فرديا وجماعيا يمكننا بل يجب علينا أن نعمل لتأكيد أن الحياة العامة، القانون، والاعمال جميعها تعكس وتمثل تنوع المجتمع في القرن الحادي والعشرين. إنه بحق تحد، ولكنني اعتقد أن الشعب البحريني قادر تماما في مقابلته.
زوجة رئيس الوزراء البريطاني
العدد 122 - الأحد 05 يناير 2003م الموافق 02 ذي القعدة 1423هـ