العدد 131 - الثلثاء 14 يناير 2003م الموافق 11 ذي القعدة 1423هـ

نريد المزيد من التنسيق الفعلي يا وزارة العمل

كغيري من العاطلين الذين يقفون في طوابير الانتظار أملا في ان يأتي عليهم الدور فيحظون بفرصة خدمة الوطن، لم أكن أصدق نفسي وأنا أقرأ في صحيفة «الوسط» خبر فتح باب التوظيف في مهنة حارس أمن في وزارة التربية، وبالنسبة لي - كما هو الحال بالنسبة إلى غالبية العاطلين في البحرين - فإن هذه تعد فرصة العمر، فالحصول على مثل هذه الوظيفة يعني الاستقرار الوظيفي والراتب المضمون، فماذا يمكن لي ان أطلب أكثر من حياة كريمة تكفيني مد يدي إلى غيري وتحفظ ماء وجهي عن ذل الحاجة.

إلا ان وزارة العمل لم تكن تنظر إلى الموضوع من الزاوية ذاتها، فبالنسبة للوزارة فإن هذه الوظائف تعد فرصة لخفض عدد العاطلين الزائف أصلا، والذي لم يعبر قط عن العدد الحقيقي للعاطلين، ما أفقد وزارة العمل الكثير من صدقيتها، فمن يمكنه ان يصدق ان عدد العاطلين عن العمل يقل عن عشرين ألفا، فما بال وزارة العمل تصر على ان عدد العاطلين يقل عن العشرة آلاف دائما وأبدا!!! أعود إلى صلب الموضوع، فبعد وقوفي ربع ساعة على قارعة الطريق في انتظار أحد المحسنين لينقلني إلى الوزارة - إذ أني لا أملك مواصلات خاصة - وصلت وقد ملأني الأمل في ان أجد ما يعوضني عن سنين الحرمان التي عشتها عاطلا، وعند مقابلة رئيس المرشدين في مكتب خدمات التوظيف أخبرني بأنه لا علم له بالموضوع إلا انه أمرني بتسجيل اسمي لدى الموظف لكي يرسله مع باقي الأسماء إلى وزارة التربية إذا طلبت منه قوائم الباحثين عن عمل، ثم ذهب إلى رئيس المكتب إذ أمضى خمس دقائق لأفاجأ بقدومه مرة أخرى ليخبرنا بأن القوائم قد أرسلت إلى الوزارة منذ أسبوعين وان ما كتب في الصحيفة هو ان التوظيف سيكون بالتنسيق مع وزارة العمل فقط، وان الموضوع قد خرج من يد وزارة العمل الآن وعلى المتضررين الرجوع إلى وزارة التربية، وعندما طلبنا منه معرفة الأسماء التي تم ترشيحها إلى تلك المهنة كان رده بأنه لا صلة له بها وان علينا مراجعة وزارة التربية.

ذهبت إلى وزارة التربية مع مجموعة من اخواني العاطلين الذين أصابتهم خيبة الأمل والشعور بالإحباط، ولم تكن ردود المسئولين في وزارة التربية تحمل سوى المزيد من الاحباط وخيبة الأمل فقد تم تحويلنا مجددا على وزارة العمل وكأن الدوران بين وزارات الدولة هو مصيرنا المحتوم الذي كتب علينا، وبالتالي فلم يكن أمامنا من خيار سوى ان نعود أدراجنا لوزارة العمل لنرى مجموعة كبيرة من الشباب قد تجمعت لتطالب بأن تسجل أسماؤها للوظيفة الموعودة، وبعد أخذ وشد فتح باب التسجيل مرة أخرى، هدأت أعصاب المراجعين وانتظموا في طوابير لتسجيل أسمائهم، ولما جاء دوري أخبرني الموظف بعد ان سجل معلوماتي ان أذهب إلى الاستقبال للتأكد من حالتي المسجلة لدى الوزارة، والتي حملت في طيها صدمة جديدة، فقد أظهر الجهاز بأني مؤمن عليّ لدى التأمينات الاجتماعية، مع العلم بأني عاطل منذ عامين، وبالتالي فإن عليّ الذهاب إلى التأمينات الاجتماعية لكي أعدل وضعي لديهم ثم أعود مرة أخرى لكي أنقل رسالة إلغاء التأمين إلى موظفي وزارة العمل، وسؤالي هنا: إذا كان الموظف يستطيع التعرف على حالتي لدى التأمينات الاجتماعية فما فائدة رسالة إلغاء التأمين، ألا يكفي الموظف ان يطالع الشاشة لكي يستطيع التعرف على معلوماتي الجديدة؟ عموما لم أشغل بالي بهذا الموضوع، قبلت بقضائي وقدري هذه المرة مثلما قبلت به طيلة حياتي.

قطعت رحلة «التأشير» مرة أخرى إلى التأمينات التي فاجأتني بأني مؤمن عليّ في شركة المقاولات (...) والتي وظفتني لمدة أسبوعين فقط، وذلك بهدف ان أغير بطاقتي السكانية، وبمجرد ان غيرتها انقلبت معاملة الشركة لي رأسا على عقب فقد حصلت الشركة على مرادها، وأصبح بإمكانها أخذ تأشيرات عمل لعمال أجانب (فيزا)، وأنا مربوط بهم لمدة ثلاثة شهور بحكم القانون الذي يمنع تغيير البطاقة قبل مضي ثلاثة أشهر، ما يجعلني مجبرا على القبول بالأمر الواقع. اختصر القصة في أن اصراري على العمل لم يكن بمقدار اصرار أصحاب الشركة على «زحلقتي» خارجها بعد ان حققوا مرادهم من توظيفي، ووجدت نفسي عاطلا. مرة أخرى، نعود إلى التأمينات الاجتماعية إذ أخبرني الموظف بأن الشركة قد استفادت من التأمين في إخراج المزيد من رخص العمل خلال العامين الماضيين وانها ستستمر في دفع التأمين حتى أقوم أنا بإلغائه، وبالتالي فلابد لي من أن أقدم الاستقالة، تعني رحلة تأشير أخرى إلى المنزل ورحلة بحث عن استقالة كنت أعتقد ألا قيمة لها أصبح عمرها سنتين ورحلة تأشير أخرى إلى التأمينات الاجتماعية تلاها نقاش مطول مع الموظف الذي ألغى التأمين مشكورا، إلا انه رفض إعطائي رسالة تفيد إلغاءهم التأمين، إذ ان وزارة العمل لم تنسق مع التأمينات الاجتماعية بهذا الشأن، ولم ينفعني كثرة توسلي للموظف في ان ينهي معاناتي وان يصدر لي هذه الرسالة التي لن تضره شيئا، فما كان مني إلا ان قطعت رحلة تأشير جديدة إلى وزارة العمل لأقابل موظف الاستقبال مرة أخرى شارحا موضوعي إليه، فقام بالاتصال بالتأمينات الاجتماعية ليتبين صحة أقوالي ثم قام بتحري حالتي في بيانات وزارة العمل.

أسأل في ختام مقالي أسئلة عدة، أولها: لماذا لم يكن هناك تنسيق فعلي بين وزارات الدولة؟ فلا وزارة التربية والتعليم نسقت مع وزارة العمل ولا وزارة العمل نسقت مع التأمينات الاجتماعية والضحية الوحيدة لغياب هذا التنسيق هو المواطن، وتساؤلي الثاني لم لم تكن هناك شفافية في الموضوع ولماذا كان العاطل هو آخر من يعلم؟ فبعد ان بعثت الأسماء إلى وزارة التربية أعلن عن خبر التوظيف بل ان الموضوع كان سريا حتى على موظفي الوزارة، فمن هو المستفيد من هذه السرية؟، فلا الوطن ولا المواطن مستفيدان من هذه الأفعال التي لا تتناسب مع ما يتطلع إليه الناس بل لابد للوزارة من ان تعلن عن القائمة الكاملة لكي يتسنى للجميع معرفة حالهم ومراقبة عمل الوزارة، إلا إذا كان هناك فائدة شخصية من الموضوع تصب في نفع أشخاص معينين، وثالث هذه التساؤلات هو لماذا لا يسمح للمراجعين بمقابلة رئيس مكتب خدمات التوظيف، وهل لهذا علاقة بجنسية رئيس المكتب الأصلية، وهل تم تسجيل أسمائنا لإرسالها إلى وزارة التربية أم لتهدئة الوضع وشغل الناس فقط؟ وأخيرا لابد لي من التساؤل ببالغ العجب، هل كل ما يحصل من أجل وظيفة مدير أم من أجل وظيفة حارس أمن، وهل أصبح البحريني يقاتل للقمة العيش بدل ان يسعى للتفوق على باقي الأمم؟.

عاطل عن عمل

العدد 131 - الثلثاء 14 يناير 2003م الموافق 11 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً