العدد 131 - الثلثاء 14 يناير 2003م الموافق 11 ذي القعدة 1423هـ

الألعاب الإلكترونية والمفاهيم الخاطئة

هناك مشكلة تكمن في أن الألعاب الإلكترونية، ولا سيما منها تلك المخصصة لأجهزة الكمبيوتر، هي في مجملها من إنتاج أجنبي، وأميركي تحديدا، وهي لذلك تحمل الكثير من المفاهيم الخاطئة، وتعوِّد الشباب على العنف والحقد والكراهية، لا بل إن بعضها يحمل في طياته إساءة إلى الكثير من بلداننا الإسلامية والعربية، اذ تدور المعارك في بلدان عربية ويكون القتلى من هذه الجيوش، فيما يكون البطل الذي يقتلهم ـ وهو اللاعب نفسه ـ بطلا أميركيا !

هذه الظاهرة يمكن ملاحظتها ببساطة في أي محل للألعاب، أو حتى محلات بيع الأقراص المدمجة، وهذا يعني أن على الواحد منا أن يقدم ـ بيديه ـ لأولاده بضاعة مسمومة، من أجل أن يقضوا أوقاتهم معها، من دون حسيب ولا رقيب ولا موجه، اللهم إلا ما يمكن أن يقدمه الوالد لولده من تحذيرات أولية قد لا تفيد في التغلب على الصور الخادعة التي تحملها هذه الألعاب.

بداية لابد من القول إنه لا يمكن الحديث بشكل جدي عن «ألعاب الكترونية عربية» فهذا النوع من الألعاب غير موجود في السوق، وإذا كان هناك بعض الألعاب، فهي بسيطة وغير متقنة ولا تلبي طموح الجيل الشاب، اذ تقدم له لعبة ثلاثية الأبعاد تحاكي الواقع وترسم أمامه صورة عالم متكامل يمكنه أن يتحرك خلاله، كما يحصل في الألعاب الأجنبية.

وتعتبر هذه واحدة من أهم الثغرات التي تواجه صناعة البرامج العربية، وهي ثغرة لا يستهان بها، ولا يبدو أن إغلاقها يقع على رأس أولويات المبرمجين العرب، الذين يعطون الأولوية ـ بإنصاف ـ إلى قضايا مهمة أخرى يعملون على معالجتها، ولا سيما مع التطور الهائل في عالم البرمجيات، والتي يتطلب اللحاق بها مجهودات جبارة يبدو أن المبرمجين العرب غير قادرين على بذلها بسبب ضعف الإمكانات.

أمام هذا الضعف العربي كان هناك استمرار للهجمة الإعلامية الأميركية الغربية على شبابنا، وتنوعت الألعاب التي تصل إلى أيديهم كل يوم، وفيها ما يمكن اعتباره فضيحة بكل ما للكلمة من معنى، كتلك اللعبة التي يقوم فيها اللاعب «بتدمير معسكرات الإرهابيين التي أنشأتها المنظمات التخريبية في جنوب لبنان».

إزاء هذا الواقع المعقد باتجاهيه، الهجومي الغربي والإنكفائي العربي، كان لابد من التصدي لهذه المعضلة من خلال حل من اثنين: إما منع هذا الألعاب بشكل نهائي، وهذا أمر غير متيسر إضافة إلى أنه في بعض جوانبه مناف للمنطق، أو العمل بالاتجاه المعاكس عبر إيجاد البديل ـ الذي يقدم المتعة لشبابنا ـ إضافة إلى كونه يقدم ألعابا تتناسب مع واقعنا ولا تصطدم مع القيم الحضارية والجهادية لأمتنا.

هذا التوجه سار فيه مثل مكاتب عربية قليلة من خلال وضع خطة تقوم على إصدار عدد من الألعاب الإلكترونية التي يمكنها أن تسد الفراغ الموجود في ساحتنا العربية مع الحفاظ على الثوابت الأساسية التي تحافظ على مبادئ الأمة وقرارها الجهادي بمحاربة الصهاينة الغاصبين.

هذا المشروع ليس وليد ليلة وضحاها، وكذلك نتائجه لن تكون سريعة وفورية، لأن انطلاق مشروع بهذا الحجم يتطلب بنية تحتية كبيرة جدا سواء على مستوى الطاقات البشرية أو على مستوى البرامج الكمبيوترية الخاصة التي ينبغي توفيرها قبل انطلاق في رحلة الألف ميل.

إلا أن هذا الواقع لا يعني الجمود أمام هذه المتطلبات، وإنما بدء العمل على رسم الخطوط الرئيسية للمشروع، وهذا ما حصل.

زهير الغتم

العدد 131 - الثلثاء 14 يناير 2003م الموافق 11 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً