العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ

بغداد تستعد لحرب الخليج الثالثة

يبدو ان ما يتحدث عنه المحللون ليس بعيدا عن مشاعر عامة الناس ولا حتى عن توجهات الحكومة، فإذا كان العراقيون قد بدأوا ينهون تهيئة مستلزمات الطوارئ لمواجهة ظروف الحرب من تخزين الوقود والاغذية وتحضير الفوانيس وحفر الآبار، فإن الوزارات الحكومية والادارات الرسمية كذلك بدأت الاستعدادات للحرب وباشرت بتنفيذ خطط الطوارئ، مع تقنين في الكهرباء وإنشاء لجان خاصة لمتابعة الأزمة في الطوابق الأرضية من الأبنية. وقد شهدت وزارة الإعلام العراقية الخميس الماضي تنفيذ خطة الطوارئ للتحسب من اندلاع الحرب المرتقبة ، فقد أطفئت مصادر التيار الكهربائي التقليدية واستبدلت بها بمصادر بديلة، وحددت الاتصالات بموجب خطة محددة لتقنين التعامل بالهاتف، ولم تقتصر هذه الممارسة على مقر الوزارة ذي الطوابق العشرة، بل قامت الدوائر الإعلامية كافة بهذه الممارسة للوقوف على استعداد المؤسسات الإعلامية العراقية للعمل في ظروف الحرب، وشعر المراسلون الصحافيون في المركز الإعلامي بوطأة هذه الممارسة عندما أطفئت الأضواء داخل أروقة المركز.

ويعتبر المسئولون العراقيون مثل هذه الممارسات من ضرورات مواجهة الحرب التي بات الكثيرون منهم على قناعة بأنها حتمية وكانت الصحف العراقية قد واصلت الصدور في ظروف حرب الخليج الثانية العام 1991، الا ان الإذاعة العراقية ومحطة التلفاز الرسمية، أصيبتا بأضرار جسيمة، جعلت الخدمة الإذاعية مقتصرة على مدينة بغداد والمدن القريبة منها، ومن غير المعروف قدرة الإمكانات العراقية على مواجهة ظروف الحرب المرتقبة ومن المرجح ان تكون المؤسسات الإعلامية العراقية من الأهداف المتوقعة لاي حرب مقبلة، وهناك من يعتقد من العاملين في الحقل الإعلامي ان استمرار بث الإذاعة والتلفزيون الرسمي خلال فترة الحرب، من الأمور المشجعة على مقاومة العراقيين لهذه الحرب ولم يكن هذا التحسب العراقي ناجما عن فراغ ، بل استعدادا لحرب تقول الإدارة الأميركية في تقارير مسربة انها ستقصف 300 من الأهداف في اليومين الأولين من بدء الحرب.

وقسمت القوى العاملة إلى وجبات عمل في أكثر من موقع بديل، بما يكفل استمرار العمل من دون انقطاع ، واشرف وزير الإعلام شخصيا على هذه الممارسة، ولم تصدر أية تصريحات رسمية عنها، واكتفى مصدر إعلامي بالقول، نريد الاستعداد لكل ظروف الحرب المرتقبة.

وأضاف، ان تجربة حرب الخليج الثانية وظروف الحصار، قد دربت العراقيين على مواجهة كل الاحتمالات ، وممارسة مثل هذه التدريبات للكادر الإعلامي، أسوة بالآخرين من الكوادر الوظيفية في مختلف الوزارات العراقية، يهدف الى تقليل الخسائر المرجحة في الجانب العراقي نتيجة القصف الجوي ، فضلا عن تدابير ترتيب وجبات العمل لمواصلة النشاط الإعلامي الذي يعمل لأربع وعشرين ساعة، ولم تقتصر هذه الممارسات على جهاز الدولة الرسمي فحسب، بل مارس الجهاز الحزبي، ذات الأطر العامة للإخلاء ذاتها، والمواقع البديلة، ونصب المفارز المسلحة عند تقاطع الطرق.

وتأتي هذه الممارسة في إطار خطة طوارئ قامت الحكومة العراقية بالعمل على مفرداتها، لحشد الجهد الرسمي للدولة بما يعادل وجبة عمل يومية لمدة ست ساعات، والتناوب بين الأفراد القادرين على الوصول الى مقرات عملهم وتامين وصول غير القادرين منهم والضروريين لاستمرار العمل، وتخصيص مصادر طاقة بديلة عبر تخزين خاص من الوقود والغذاء وأدوية الإسعافات الأولية.

من جانب آخر تفاوتت الأصداء العراقية عن المعلومات التي قدمها كولن باول أمام مجلس الأمن الأربعاء الماضي، وفي الوقت الذي ركز الرد العراقي الرسمي على اعتبار هذه المعلومات غير ذات أهمية، ويمكن الى المفتشين في الانموفيك والوكالة الدولية للطاقة الذرية التأكد منها، اعتبر المحللون في بغداد ان هذا الخطاب المتضمن هذا الحجم من المعلومات هو مناورة علاقات عامة، صحيح ان بوسع المرء أن يشكك في الأدلة غير ان ما يجب ان يوضع في الاعتبار ان وسائل الاقناع على هذا الصعيد لا علاقة لها بالصور لا بالمكالمات الهاتفية المسجلة كما ان الاعتبارات هنا لا علاقة لها ايضا بما اذا كان العراق يملك فعلا أسلحة دمار شامل وبما يخفيه منها بقدر ما تمثله هذه المناورة الاستعراضية من اداة ضغط على الدول التي يفترض ان يكون بمقدورها مواجه التصميم الاميركي . واعتبر رئيس مركز دراسات دولية في جامعة بغداد محمد جواد علي أنه بات معروفا ان قدرة روسيا والصين على الصمود في وجه التصميم الاميركي، أقل من القدرة الفرنسية والالمانية لأسباب تبدأ بالاقتصاد، ولا تنتهي عند المشكلات التي تعانيها هاتان الدولتان مع اقلياتهما. وباريس على أي حال لم تكن تخطط لمناطحة أميركا، بقدر ما كانت تعتبر ان هناك مصالح موضوعية تحتاج الى من يعبر عنها. وعلى هذا الاساس يعتقد جواد ان خطاب باول يمهد لصدور القرار الثاني بعد تقريري بليكس والبرادعي في 14 الجاري، وبالتالي فإن الحرب بحسب توقع رئيس مركز دراسات دولية، ستكون نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل. ويرى استاذ العلوم السياسية في جامعة صدام منعم العمار ان المعلومات التي قدمها باول يمكن ان توظف في مجال تسويق الأ

العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً