حصلت الوسط على وثيقة سرية دعمتها بآراء محتملة عمّا تقوم به منظمات الإغاثة الوطنية والدولية جهودها في الأردن وسائر الدول المحاددة للعراق إجراء احترازيا لمواجهة تداعيات حرب مدمرة تلوح نذرها في الأفق، بينما تحشد واشنطن ولندن أساطيلهما الحربية على تخوم هذا البلد المحاصر منذ إثني عشر عاما.
وتنسق الهيئات الدولية للهلال والصليب الأحمر ومنظمات الإغاثة العالمية أنشطتها تحت مظلة الهيئة الخيرية الهاشمية، التي دخلت في حال تعبئة تحسبا لاندلاع الحرب. وكان المدير العام لجمعية الهلال الأحمر الأردني محمد الحديد أكد أن جاهزية كوادر الجمعية عالية منذ حرب الخليج الثانية العام 1991، حين اضطر الأردن لاستضافة مليون ومئة ألف شخص فروا من العراق والكويت إلى بلدانهم عبر المملكة، معتبرا أن جمعية الهلال الأحمر الأردني قادرة على معالجة عشرة آلاف حالة نزوح أو لجوء أو إغاثة في مواجهة «أي أزمة انسانية محتملة».
وأوضح ان الخدمات التي تقدمها الجمعية تتمثل بالخيم والبطانيات والمدافئ والمواقد. وقد أعد مجموعة من اعضائها والمتطوعين البالغ عددهم 600 شخص نصب مخيم من ألف قطعة متحركة خلال أقل من ساعتين بحسب المعايير الدولية. وأكد أن الجمعية أجرت تدريبات ميدانية على هذا الأمر في مأدبا قبل ثلاث سنوات.
وبحسب مدير عام الجمعية، من السابق لأوانه تصور السيناريوهات المحتملة لمسار الحوادث في حال نشوب حرب، مشيرا إلى احتمال عبور مواطنين من دولة ثالثة مثل المصريين والسودانيين أو من دول آسيوية. ويرى أنه لا يوجد حتى الآن دلالات تشير إلى احتمال تدفق لاجئين عراقيين إلى ما بعد نقطة الحدود الأردنية، التي تبعد نحو 550 كم غرب بغداد جلها مناطق صحراوية. ويبلغ طول الحدود الأردنية - العراقية نحو 190 كم. وقد حصن الأردن حدوده مع العراق في أعقاب حرب الخليج الثانية ضمن خطط مكافحة التهريب، إذ حفر خنادق ونشر ستائر رملية وسير دوريات مكثفة من البادية الملكية والجيش.
ويتقدم منظمات الإغاثة والاسناد غير الحكومية «الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر» و«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» وأذرع الأمم المتحدة الإنسانية، التي وضعت خطط طوارئ لإسعاف وإيواء مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين في حال اندلاع الحرب.
إلى ذلك تنبأت المفوضية العليا للاجئين تشريد ولجوء نحو نصف مليون عراقي تحت وطأة المعارك وحال الفوضى المتوقع أن تعم العراق في أعقاب القصف الأميركي المكثف على أراضيه. وتشير الدلائل الأولية، بحسب الدراسة، إلى أن إيران وتركيا ستستقبلان جل أعداد اللاجئين لاسيما من جنوب العراق الذي تقطنه أكثرية شيعية ومن كردستان الشمالية.
ويقول مندوب الإعلام الإقليمي في مقر بعثة الاتحاد الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا سباستيان كاغلييه إن بعض المنظمات الإنسانية تقاسمت الوظائف والبقع الجغرافية التي ستحتاج إلى عمليات إنقاذ وإغاثة عاجلة.
وهكذا أنيطت باللجنة الدولية للصليب الأحمر مهمة متابعة عمليات الإغاثة داخل العراق تحت إشراف جمعية الهلال الأحمر العراقي، في حين وضع الاتحاد الدولي خطط إغاثة بالتنسيق مع جمعيات الهلال الأحمر في كل من الأردن وسورية وتركيا وإيران والكويت والسعودية.
ومن المتوقع أن تبلغ كلفة عمليات الإغاثة المناطة بأذرع الاتحاد الدولي في المراحل الأولية من الحرب 54 مليون دولار. وينتمي إلى الاتحاد الدولي، وهو أكبر حركة إغاثة عالمية، 179 دولة.
من جانبها استعدت جمعية الهلال الأحمر العراقي لإغاثة 70 ألف شخص كمرحلة أولى في الساعات الأول من المعارك. وقد بدأ تدفق مواد الإغاثة إلى العراق عبر الأردن منذ عدة أيام إذ انطلقت عدة شاحنات من مناطق التخزين في الزرقاء (25 كم شمال شرق عمان) باتجاه الاراضي العراقية. وسيصار إلى تخزين مواد الإغاثة غير الغذائية من قبيل الخيم والمواقد والمدافئ بحسب كاغلييه، في ستة مخازن داخل العاصمة وفي البصرة (550 كم جنوب بغداد) وكركوك وإربيل (أقصى الشمال) والموصل (440 كم شمال بغداد) ومحافظة عنبر.
عربيا، أبرمت جمعية الهلال الأحمر العراقية اتفاقا مع دولة الإمارات العربية المتحدة للمساهمة في عمليات الاسناد والإغاثة داخل العراق. وفي الأردن، وصلت جاهزية الاتحاد الدولي إلى استيعاب 5000 حالة إغاثة في المرحلة الأولى من حالة الطوارئ. وينتظر وصول كامل التجهيزات في غضون أسبوعين إذ ستخزن في مخزنين تابعين لجمعية الهلال الأحمر الأردني. وتوقع غالييه إقامة مخيمات عبور داخل الحدود الأردنية على بعد نحو خمسين كم من الأراضي العراقية، في حال تدفق لاجئين من دولة ثالثة. في حال تفاقم الأزمة، ترك الاتحاد خيار مضاعفة حجم المساعدات لتستوعب 40000 شخص إضافي، تخصص لعمليات إغاثة إما داخل الأردن أو في سورية أو العراق. في المرحلة الأولى استعدت الطواقم السورية بالتنسيق مع الاتحاد الدولي لإغاثة 5000 لاجئ محتمل. ورفعت تركيا جاهزية أطقم الإغاثة الوطنية إلى 80000 شخص، في حين استعدت إيران، بالقدرات الذاتية أيضا، لإغاثة ما بين 30000 و100000 لاجئ محتمل والكويت 20000 لاجئ. ولن تستوعب السعودية أي فارين من العراق مع أن لها مخيمات إغاثة تدعى رحمة على الحدود مع العراق منذ حرب الخليج الثانية، بحسب مصادر دبلوماسية عربية في عمان.
أما فيما يتعلق بالمتطوعين الذين يدورون في فلك الاتحاد إقليميا، فهناك 70 ألف متطوع في إيران و4000 في تركيا و3000 في العراق و2000 في سورية و1000 في السعودية و500 في الكويت، فضلا عن المتطوعين المحليين البالغ عددهم 600 في إطار جمعية الهلال الأحمر الأردني.
من جانبه أكد مساعد رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عمان معين قسيس، أن البعثة رفعت درجة جاهزيتها للتعامل مع النتائج الإنسانية لأي عمل عسكري قد يقع. وقال إن عمل البعثة سيتركز داخل العراق (و) عبر الحدود (مع الأردن) إن دعت الحاجة لذلك».
وأشار قسيس إلى استغلال البنية التحتية للجنة الدولية كقاعدة لوجستية في سبيل إنجاح عمليات الإغاثة والإنقاذ، كما كان الحال في أعقاب حرب الخليج الثانية. لجنة الصليب الأحمر، الموجودة في الأردن منذ الحرب العربية -الإسرائيلية العام 1967، عززت قدراتها الاستيعابية وجاهزيتها منذ حرب الخليج الثانية، حسبما أوضح قسيس، الذي أكد أن اللجنة تعمل حاليا على زيادة مخزونها من المواد الطبية». وستشرف اللجنة، بالتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر العراقي، على عمليات الإغاثة داخل العراق كإسعاف الجرحى وتأمين مياه صالحة للشرب للتجمعات السكنية وحماية المشردين والنازحين. وتبقى لجنة الصليب الأحمر قادرة على تأمين وإحضار أي مواد إغاثة وتعبئة كوادر إنقاذ بفضل المرونة التي تتمتع بها. ويعمل لصالح اللجنة داخل العراق 350 مندوبا من بينهم 40 من دول مختلفة والبقية من الموظفين المحليين.
ومن بين عمليات الإغاثة نقل الرسائل بين العراقيين والبحث عن المفقودين وتوحيد شمل العائلات المشتتة نتيجة وقوع الحرب.
أما جمعية الكاريتاس، فقد أعربت عن نيتها تجهيز عيادة متنقلة قادرة على استيعاب عدة آلاف من الحالات الطارئة، فضلا عن العيادات الخمس داخل الأردن التي تخدم بين 200 و250 من المغتربين العراقيين شهريا، حسبما أوضح مدير عام الكاريتاس جمال حتر، والذي قال إن هذه الجمعية الإنسانية، التي تتخذ من الفاتيكان مقرا لها، تحول 1500 حالة سنويا للعلاج في مستشفيات المملكة.
ويقيم في الأردن نحو 300 ألف عراقي بحسب تقديرات غير رسمية، غالبيتهم هجروا بلادهم المحاصرة بحثا عن لقمة العيش. إلى جانب ذلك استنفرت الكثير من منظمات الإغاثة غير الحكومية من قبيل Save The Children, Mercy Corps (US) , Oxfam ,
Medecins du Monde الفرنسية
العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ