العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ

هل يفترض بالحكومة الفرنسية تمويل بناء المساجد على أراضيها؟

تثير مسألة تمويل بناء المساجد في فرنسا الجدل بشأن مدى علمانية الدولة الفرنسية التي تسير منذ الجمهورية الاولى وفقا لسياسة فصل الدين عن الدولة، وتطبق قانونا بهذا الشأن صدر في العام 1905 يجعل من فرنسا دولة علمانية تحظر اعطاء أي أجر او مساعدات مالية للأديان والعبادات. لكن وفي تلك الفترة، لم يكن الإسلام موجودا بعد على الأرض الفرنسية، بينما يقدر المسلمون اليوم في فرنسا بنحو 4 إلى 5 ملايين مسلم هم بحاجة إلى تأدية صلاتهم في مساجد محلية مقبولة على غرار غيرهم من المؤمنين من الطوائف الأخرى من المسيحيين واليهود الذين كانت لهم مراكز عبادتهم في فرنسا منذ ما قبل الجمهورية الأولى بكثير. فما هو الحل؟

هذا السؤال تناولته الصحافة الفرنسية بشكل واسع ومتكرر خلال الأسبوعين الأخيرين لما يشكله موضوع الإسلام منذ ما بعد حوادث 11 سبتمبر/أيلول من جدل وما يثير من مخاوف لدى الغرب الذي يربط بينه وبين «الإرهاب».

صحيفة «لوموند» سألت كيف لا تكون قضايا المسلمين في فرنسا في أولوية الاهتمام الفرنسي وقد اصبح الإسلام الديانة الثانية في فرنسا؟ وماذا يفعل المسلمون لبناء مساجد إذا لم تكف مساعدات وتبرعات المؤمنين لذلك؟

وكتبت في افتتاحيتها تشير إلى انتهاكات لقانون 1905 إذ أن الدولة والجماعات الدينية المحلية يضطرون من اجل الحصول على تمويل غير مباشر لبناء أمكنة جديدة للعبادة إلى تشجيع قيام جمعيات وروابط ذات صفة ثقافية. وهكذا ادعى الوزير جاك لانغ العام 1988 انه يموّل متحفا للفن المقدس ليستطيع الحصول على مساعدة مالية من 762 ألف يورو لبناء كاتدرائية ايفري التابعة أصلا للكنيسة.

فلماذا يرفض اليوم للبعض ما تم منحه لآخرين؟ أليس من الأفضل تقديم مساعدات محدّدة مشروطة لبناء المساجد بدلا من أن تتلقى الروابط والجمعيات الإسلامية إعانات مالية من واهبين كرماء من دول الخليج؟ اذ من يستطيع ضمان ان هذه الاعانات لا تتم مقابل إنشاء حركات أصولية في هذه المساجد؟.

لذلك - تؤكد لوموند - لابد من إعادة النظر في قانون 1905 وان تسعى الدولة إلى تنظيم هيئة تمثيلية للمسلمين في فرنسا بما يترتب على ذلك من اتخاذ التدابير اللازمة. فالعلمانية - كما تضيف لوموند - ليست قالبا صافيا وكاملا طالما أن هناك استثناءات وطالما هناك حاخامات ورهبان وقساوسة تدفع لهم الدولة هنا وهناك.

وتشير «ليبراسيون» إلى وجود عدد متزايد من المسئولين الفرنسيين الداعين إلى إعادة النظر في قانون 1905 بشأن فصل الدين عن الدولة من دون أن يعني ذلك انتهاكا للعلمانية. وقالت ان الحكومة تريد إنهاء المسألة الشائكة المتعلقة بتمويل بناء مساجد ومصلى. وان الشعور السائد هو أن الظروف التي يؤدي فيها المسلمون صلاتهم ليست مقبولة، وان قانون 1905 الذي يجيز تمويل ترميم وصيانة الابنية القائمة قبل هذا التاريخ (أي الكنائس بشكل خاص) يعاقب الاسلام.

يضاف إلى ذلك أن هناك خوفا من أن تؤدي المساعدات المالية لبناء المساجد التي تتلقاها بعض الروابط الإسلامية إلى سيطرة إسلام أصولي في مراكز عبادة المسلمين. وتنقل في هذا الشأن عن وزير الدولة الفرنسي بيار بيديه قوله: «كفانا رياء.. وانه من الأصح أن تموّل المساجد من الأموال العامة للدولة بدلا من أن تموّل من قبل دول أخرى... ولذلك لابد من اعادة النظر في قانون 1905».

غير أن شخصيات فرنسية أخرى دعت إلى عدم الاكتفاء بالنظر إلى الأمر من قناة قانونية ضيقة وحسب، تمنح من خلالها الدولة اعترافا قانونيا لعدد معين من الأديان.

وترى هذه الشخصيات ومنها الفيلسوف الفرنسي ريجي دبريه ضرورة الاعتراف بالدين باعتباره واقعا اجتماعيا لا يقتصر فقط على دائرة معينة خاصة... والسعي بالتالي إلى تعليم الواقع الديني في المدارس لأن تجاهل وجود هذا الواقع يهدد «بإنتاج الأصولية أو الغباء».

يذكر أن في فرنسا 1600 مسجد ومصلى، لا تتجاوز مساحة معظمها 30 مترا مربعا، وتقوم في أمكنة مؤقتة وهناك بضعة مساجد فقط تم بناؤها بتمويل سعودي بنسبة 90 في المئة مثل مسجد «ليون» الذي كلف بناؤه مبلغ 6,4 ملايين يورو.

أما المساعدات الحكومية فتملك البلديات إمكانات كثيرة للمساعدة في تمويل بناء المساجد: مثل تقديم الأرض مقابل مبلغ رمزي ولمدة طويلة، أو تأجير أماكن عامة تابعة للبلدية. وهناك بعض رؤساء البلديات الذي يتحايلون على القانون بتمويل روابط وجمعيات تشكل ستارا للمساجد

العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً