العدد 161 - الخميس 13 فبراير 2003م الموافق 11 ذي الحجة 1423هـ

«جيش» قوامه عشرون ألفا من العاطلين ينتظر دخول سوق العمل

لم يكن يتوقع الخبير الاستشاري في منظمة العمل العربية أسامة عبدالخالق وهو يعلن حصول البحرين على المركز الأول في انخفاض معدلات البطالة على مستوى الأقطار العربية، أن هناك «جيشا» من العاطلين في البحرين بلغ عددهم حوالي عشرين ألف، اعتصم منهم حوالي ثلاثمئة عاطل خلف قضبان أبواب وزارة العمل والشئون الاجتماعية، ينتظرون توظيفهم، ويتشبثون ببريق أمل لحل أزمة البطالة في البحرين. ونظم العاطلون عن العمل مطلع الشهر الجاري اعتصاما استمر مدة أسبوع، رفعوا خلاله اللافتات التي تطالب بتعجيل ادماجهم في سوق العمل، وايجاد حلول جذرية وناجعة لمشكلة البطالة.

وبعد انتهاء الاعتصام، قابل وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي، ممثلين عن المعتصمين وهما الشيخ علي بن أحمد الجدحفصي والشيخ محمدعلي بن منصور العكري اللذان نقلا له هموم ومطالب العاطلين، ووعدهم الوزير باحتواء هذه المشكلة، واستعرض مشروعا لاستراتيجية وطنية للسيطرة على ظاهرة البطالة في البحرين ستعرض على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل.

وشهدت البحرين موجة من الاعتصامات المنادية بالقضاء على البطالة في عهد ميثاق العمل الوطني، بدأه العاطلون بمظاهرات أمام وزارة العمل والشئون الاجتماعية في ابريل/نيسان من العام 2001، وتمخض عنه (البرنامج الوطني لتوظيف وتدريب البحرينيين) الذي قدم برامج تدريبية ومكافآت مالية للعاطلين مدة ستة أشهر، وخصص للمشروع 25 مليون دينار بحريني. وما إن خفتت جذوة الملايين، تعود المطالب نفسها مع الاعتصام الأخير، ويرفع المعتصمون لافتات تنادي بتحسين الأوضاع المعيشية لهم، ووضع أحد أدنى للأجور، وإحلال العمالة البحرينية محل العمالة الوافدة. وكانت المفاجأة أن من بين الذين رفعوا اللافتات خريجين من حملة شهادات الدكتوراه والماجستير، وهي الحادثة الأولى من نوعها في البحرين.

وتقدر أعداد العاطلين في البحرين بنسبة تتراوح بين 13 و15 في المئة من مجموع القوى العاملة في السوق بحسب الإحصاءات الرسمية التي أعلنت حديثا، ويقدرها مراقبون بنسب أعلى تراوح نسبة 20 في المئة. وتمثل القوة العاملة البحرينية في القطاع الخاص والمؤمن عليها في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ، نحو ثلث إجمالي قوة العمل المقدرة 184,562 حتى ديسمبر/ كانون الأول 2002، أي بنحو 58,570 بحرينيا. اما إحصاءات التعداد السكاني للعام 2001، فتبين أن اجمالي قوة العمل في البحرين بلغ 308 آلاف تقريبا منها 127 ألفا للبحرينيين (بنسبة 41 في المئة) و181 ألفا لغير البحرينيين (بنسبة 59 في المئة).

معدل البطالة بين البحرينيين شهد تذبذبا كبيرا وفروقا واسعة في الفترة 2000 حتى 2003، فقد استمرت الارقام الرسمية في ذكر أن نسبة البطالة تتراوح بين 1,5 و2 في المئة، اي نحو 1600 عاطل من البحرينيين. وفي ابريل 2001 تم تقديرها بنحو 6 إلى 10 في المئة، أي بنحو 9,600 للبحرينيين، و طبقا للاسكوا، بنحو 5 في المئة من إجمالي القوة العاملة، أي 15,800 في نوفمبر/تشرين الثاني 2001. و في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي تم التصريح بأن عدد العاطلين عن العمل في المملكة بلغ 17,400 يشكلون نسبة 13,7 في المئة من الأيدي العاملة الوطنية. وفي الشهر الماضي، كان هناك رقمان للبطالة خلال اسبوع واحد فقط، إذ تم التصريح في 12 يناير/كانون الثاني بأن نسبة البطالة بحسب خبير من منظمة العمل الدولية وصل إلى مستوى 12,7 في المئة بين البحرينيين، ثم أعلن سمو ولي العهد في ندوة «معوقات التنمية الاقتصادية» التي عقدت في السادس عشر من الشهر المنصرم بقصر الزاهر، أن معدل البطالة بلغ 15 في المئة أي بنحو عشرين ألف عاطل.

وأوضحت الدراسة التي أعدها الخبير الاستشاري في منظمة العمل العربية أسامة عبدالخالق، تحت عنوان: «المشاكل التي تواجه المشروعات الصغيرة في مجالات الإدارة والتسويق وسبل علاجها»، ان البحرين احتلت المرتبة الاولى من حيث انخفاض معدلات البطالة بين كل الاقطار العربية، تلتها دولة الكويت بنسبة 0,7 في المئة والامارات العربية المتحدة بنسبة 2,6 في المئة. وأشارت الدراسة كذلك الى ان دول الخليج العربي تعد الأفضل عربيا من حيث انخفاض نسب ومعدلات البطالة مقارنة بالدول العربية الأخرى، ويبدو أن هذه النتائج التي حققتها البحرين لا ترضي طموح العاطلين الذين اعتصموا وصرخوا بأعلى أصواتهم: «نريد أن نعيش».

الاتحاد العام لعمال البحرين، وهو جهة نقابية معنية بشئون وأوضاع العمال، كان له موقف تجاه تحركات العاطلين الأخيرة، فقد شدد في بداية الشهر الجاري على أهمية تجاوز الطريقة التقليدية في معالجة أزمة البطالة في البلاد والانتقال من مرحلة الحديث النظري والقرارات والتوصيات التي لا تطبق الى مرحلة التنفيذ الفعلي لوضع حل جذري لهذه الأزمة. وشعر رئيس الاتحاد العام لعمال البحرين عبدالغفار عبدالحسين بخيبة أمل إزاء الطريقة التي يجري التعاطي بها مع أزمة البطالة، مؤكدا ضرورة سرعة التحرك من قبل الجهات المختصة في الحكومة والقطاع الخاص والاتحاد العام لعمال البحرين لحل هذه أزمة البطالة.

وبعيدا عن رد فعل المؤسسات الأهلية، احتل موضوع البطالة مساحة واسعة من أحاديث المجالس والمقاهي لدى أفراد الشارع البحريني، وانتقل فيه الحديث إلى صورة أخرى، إذ غزا صفحات الانترنت، وغرف المحادثة الافتراضية والملتقيات والمنتديات الحوارية. ويحتدم النقاش عن جدوى الاعتصامات التي ينظمها العاطلون، واستخدام وسائل حوارية أكثر نفعا. وكتب أحدهم معلقا على مشكلة البطالة: «مشكلة العاطلين سياسية وان المسيرات السلمية سواء في وزارة العمل أو ديوان الخدمة المدنية أو أي مكان أخر هو اثبات لهذه المطالبة وإنذار بأن هذه المشكلة خطيرة وكبيرة». وكتب شخص آخر: «أنا أعيش التعطل عن العمل ما يقارب عشر سنوات ومازلت أكتوي بها مع العلم أن هذا التعطل دفعني إلى المثابرة من أجل تطوير الذات ولله الحمد الذي وفقني في الحصول على الشهادات التي أعتز بها». ويختلف العاطلون في رغبتهم في العمل في القطاع الحكومي أو الخاص، ويفضل غالبيتهم العمل في وزارت الدولة، لتحقيق أمان واستقرار وظيفي أكثر منه في القطاع الخاص. ولكنهم يتفقون على أن ترفع الأجور إلى الحد الذي يستطيع الشاب أن يكوِّن حياته ويبني أسرته.

مئات العاطلين الذين خرجوا في الاعتصام الأخير، وخلفهم جيش قوامه عشرون ألفا ينتظر التوظيف، مستعدون لمواصلة مسيرة احتجاجهم اذا لم يلقوا أي تجاوب من الجهات الرسمية بحسب تصريح ممثليهم. في هذا الوقت الذي ينتظر فيه العاطلون نتيجة الجولة الأولى، يقوم وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي بعرض استراتيجية للعمل على مجلس الوزراء، وتنشط خلية داخل قبة البرلمان عبارة عن لجنة مؤقتة لاحتواء مشكلة البطالة. وهي تطورات ينظر لها المراقبون بكثير من الترقب لتغيير أوضاع العاطلين في البحرين

العدد 161 - الخميس 13 فبراير 2003م الموافق 11 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً