قال وزير الأشغال والإسكان فهمي الجودر إنه «سيشكل لجنة تحقيق في شائعات الفساد» التي يقال إن إدارة بنك الإسكان السابقة متورطة فيها، بناء على تقرير مؤسسة نقد البحرين. وأوضح الجودر أنه «لا يستطيع توجيه التهمة إلى أحد، وإذا أثبت التحقيق وجود فساد، سيحال المتورطون إلى النيابة العامة».
الجودر كان يتحدث عقب إقرار مجلس النواب أمس مشروعا غير ملزم للحكومة، يدعوها إلى «إلغاء الفوائد الربوية عن قروض الإسكان». وأثناء الجلسة سأل الوزير النواب: هل تتحدثون عن إلغاء الفوائد، أم جعلها متناسبة والصيغة الإسلامية؟ ورد مقرر لجنة المرافق العامة والبيئة غانم البوعينين بأن المجلس يطلب إلغاء كل ألوان الفوائد ربوية أو غير ربوية، وعلّق النائب عادل المعاودة على ذلك قائلا: «أحذر من أن يستبدل الربا بأسماء أخرى».
من جانبه قال الجودر في رده على سؤال لـ «الوسط» إنه ليس من صلاحياته الموافقة على الاقتراح أو رفضه وذلك راجع إلى الحكومة، لكنه أقر بأن أضرارا ستلحق بالبنك إذا لم يتم إيجاد البدائل.
على الصعيد ذاته فشل نواب أرادوا «فتح باب النقاش على مصراعيه» في مسائل الإسكان، وقاطع رئيس المجلس خليفة الظهراني نائبه الأول عبدالهادي مرهون مرارا، ما اضطر مرهون إلى توزيع ورقته مكتوبة، تساءل فيها: «كيف استطاعت الحكومة وفي فترة قياسية أن تؤمِّن مساكن للمتجنسين حديثا في الوقت الذي عجزت عن أن تسدّ حاجة المواطنين؟». وأضاف أن «شخصيات تستملك أراضي في البحر تعيد بيعها على المواطنين بأسعار باهظة».
القضيبية - عباس بوصفوان
رمى وزير الأشغال والإسكان الكرة في ملعب مجلس النواب، وفضل عدم إعطاء رأي محدد بشأن مشروع إلغاء الفوائد الربوية على قروض الإسكان، وسأل الوزير النواب بعد مداخلاتهم الكثيرة المؤيدة للمشروع، قائلا: هل المطلوب إلغاء الفوائد كليا؟ أم المطلوب جعل أنشطة بنك الإسكان تتلاءم وضوابط الشريعة الإسلامية؟ مضيفا أن المسألة الثانية لا «نختلف عليها».
وأوضح الوزير عقب الجلسة الأسبوعية للنواب التي انعقدت أمس في تصريح إلى «الوسط» أنه أراد بسؤاليه المذكورين معرفة تصور النواب «كيلا تصطدم خطط الوزارة بتصورات النواب، وخصوصا أن هذه الخطط لم يتم إقرارها بعد من طرف اللجنة العليا للإسكان والإعمار، ومجلس الوزراء».
وأجاب رئيس جمعية الأصالة التي قدمت المشروع النائب الثاني عادل المعاودة بالإيجاب على السؤالين اللذين طرحهما الوزير، موضحا أنه «يؤيد اتباع بنك الإسكان الصيغ الإسلامية في تعاملاته، وفي الوقت نفسه التخفيف عن الناس وإلغاء الفوائد عن القروض»، وأضاف: «أحذر مسبقا من أن يستبدل الربا بأسماء أخرى، فأنا ضد الأتعاب الإدارية لأنها مدخل لأخذ الفوائد، والدليل أن هذه الأتعاب لا تطبق تطبيقا واحدا، فإذا زاد القرض زادت الأتعاب»، مضيفا «أؤيد أن تستثمر وزارة الإسكان أموالها في مشروعات مختلفة». وانتقد المعاودة أداء «بعض اللجان الشرعية لأنها تبحث عن بعض الرخص لتسوق بعض المعاملات»، وعن ضعف الموازنة قال المعاودة: «إن التخفيضات التي تمت عبر المكرمات الأميرية والملكية تثبت قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، وإلغاء الفوائد يقنن المكرمات، ومع ذلك فنحن نطمع في المزيد من المكرمات».
وكان مجلس النواب وافق على مشروع الاقتراح برغبة بشأن إلغاء الفوائد على قروض الإسكان. وبحسب قانونيين فإن الاقتراح برغبة إذ أقره مجلس النواب «لا يكون ملزما للحكومة»، إذ تنص المادة 127 من اللائحة الداخلية على أنه «إذا تعذر على الحكومة الأخذ بهذه الرغبات وجب أن تبين للمجلس كتابة أسباب ذلك»، وهو ما طلبه فريد غازي من وزير الإسكان.
«المنبر» غير متحمس
ولوحظ أن أكثر النواب حماسا للموضوع كتلة «الأصالة»، بينما بدت كتلة «المنبر الوطني الإسلامي» أقل حماسا، ويرجع مراقبون ذلك إلى اعتقادها أن مشروع الإسكان ينبغي أن يناقش برمته لا أن تجتزأ مسألة الفوائد، وهو ما بدا من مداخلة النائب سعدي محمد، لكنه يصعب على الجمعية معارضة المشروع لأنه «مطلوب شعبيا»، وما يزيد الأمر حساسية، أن «الأصالة» (المنافس التقليدي للمنبر هي التي قدمت المشروع).
هذا وطرح النائب إبراهيم العبدالله آراء ناقدة للمشروع. بينما حاول رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني عدم السماح إلا لعدد محدود من النواب بالحديث، وقاوم ذلك نواب آخرون في مقدمتهم عبدالهادي مرهون وعبدالنبي سلمان وفريد غازي الذي طرح رأيا قانونيا رجح أن اللائحة الداخلية تسمح لعموم النواب بالحديث وليس فقط مقدميه استناد إلى «مراعاة المصلحة العامة» كما ذكر غازي، ولوحظ أن أعضاء «الأصالة» لم يصوتوا لصالح فتح مجال أكبر للحديث، وهو ما حصر الموضوع في مسألة الربا، ولم يفتح باب النقاش عن قضايا الإسكان برمته، على رغم محاولة البعض ذلك، إذ رفض الرئيس إعطاء عبدالهادي مرهون الفرصة للتحدث بحرية.
النقاشات بشأن موضوع الفوائد ابتدأت بقراءة مقرر لجنة المرافق العامة والبيئة النائب غانم البوعينين لتقرير اللجنة، أشار فيه إلى أن اللجنة استندت في رأيها المؤيد للمشروع إلى مجموعة أسباب من بينها «عدم شرعية عقود القروض الحالية في احتساب الفوائد لمعارضتها أحكام الشريعة الإسلامية التي هي مصدر رئيسي للتشريع، وان وزارة الإسكان كانت تمنح قروضا حسنة من دون فوائد منذ تأسيسها وحتى العام 1978، ومن بين الأسباب عدم تفويت حقوق فئة من المواطنين في الانتفاع من قروض الإسكان بسبب الفائدة الربوية المصاحبة لهذه القروض، ولأن القروض التي منحت للمواطنين لم تقم الوزارة بتحصيلها كاملة، وذلك لتوالي المكرمات الأميرية والملكية والإعفاءات الأخرى، ما يعني أن القروض لم يحتسب عليها فوائد فعلية، إضافة إلى أن منتسبي قوة الدفاع والأمن العام يقومون بدفع 50 في المئة فقط من قيمة القرض، في حين يلزم المواطنون المدنيون بدفع قيمة القرض بالإضافة إلى الفوائد الربوية، وذلك مخالفة للمادة الرابعة من الدستور التي نصت على أن الحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة».
تعارض توجهات الملك
ومن بين الأسباب الأخرى التي ذكرتها لجنة المرافق العامة في تقريرها للموافقة على مشروع إلغاء القروض هو «تكبد المواطنين عبء سداد أقساط شهرية لسنين طويلة نتيجة هذه الفوائد، وعدم تمكنهم من التمتع بحياة كريمة، وهو ما يتعارض مع توجهات جلالة الملك، كما ان غالبية دول العالم ومجلس التعاون الخليجي لا تحتسب مثل هذه الفوائد الربوية على مواطنيها حين الإقراض للمشروعات الإسكانية، ولأن المادة (107) من الدستور أشارت إلى عدم جواز تكليف أحد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم والكلف إلا في حدود القانون، والفوائد الحالية على القروض تعتبر كلفا مالية لم ينص عليها القانون».
وكان أول المتداخلين حمد المهندي الذي دعا إلى إلغاء الفوائد، لأنها مخالفة للإسلام، والدستور، وأوضح أن بريطانيا تسعى إلى تعديل قوانينها بما يتيح مجالا لمواطنيها المسلمين من الاستفادة من القرض التي تلتزم والضوابط الإسلامية.
من جانبه قال النائب عيسى المطوع إن هناك شرائح من مختلف المستويات، وليس فقط من محدودي الدخل، لا يستفيدون من الخدمات الإسكانية لأنها لا تتبع نهج الدين، بينما سار رأي النائب أحمد حاجي في الاتجاه نفسه.
النائب سعدي محمد أيد المشروع، واستدرك قائلا: «ينبغي التفكير فيما يضمن بقاء البنك واستمراره»، واقترح سعدي «تشكيل لجنة تضم نوابا ومستثمرين ومختصين في الشارع وعدد من الأعضاء وتشترك فيها السلطة التنفيذية تكون مهمتها وضع استراتيجية طويلة للبنك».
المجنسين أولا ثم المواطنين
ووزع عبدالهادي مرهون ورقة لم يقرأها كاملة داخل المجلس، بسبب رفض الرئيس، جاء فيها «في حين تمتلئ ملفات الوزارة بقوائم المواطنين الذين ينتظرون دورهم في الحصول على وحدات سكنية وبعضهم مضى على طلبه أكثر من سبعة أعوام بينما أعداد كبيرة من المجنسين حديثا ولم يمض على بعضهم سوى أشهر معدودة قد حصل على وحدة سكنية أو قرض. فهل هذا يعني أن حقوقهم أكثر وأفضل من المواطنين؟ وهذا نستنكره و لا نرضى به بل نرفضه، ونرفض الاستمرار في عملية التجنيس». وتساءل: «كيف استطاعت الحكومة وفي فترة قياسية أن تؤمن مساكن للمتجنسين حديثا في الوقت الذي عجزت عن أن تسد حاجة المواطنين»، وأضاف أن «شخصيات تستملك أراض في البحر تعيد بيعها على المواطنين بأسعار باهظة، وكان بالإمكان توزيعها عليهم، وهم يتكفلون بدفنها والانتفاع منها». واشار إلى «بروز ظاهرة رجوع الشيكات التي يعطيها بنك الإسكان للمقترضين»، كما انتقد مرهون وزارة الإسكان باعتبارها «وزارة مقفلة أمام وسائل الإعلام»، وتساءل «ما مساحة ونسبة الأراضي المملوكة للدولة، وعلى أي أساس استملك الباقي منها للأفراد مثل السواحل والبساتين والأراضي الفضاء في المناطق الجنوبية لدرجة أن العقاريين والمتخصصين في بيع الأراضي كثيرا ما يرددون أنه لم تبقَ أرض غير مملوكة في البلاد غير السماء التي تظللنا»، وأضاف: «هل هناك فرصة لإعادة النظر في هذه الاستملاكات التي تم الاستيلاء عليها خلال السنوات الماضية من دون وجه حق وإعادتها إلى الأملاك العامة بعد انتزاعها من ذوي النفوذ والمنتفعين الذين استغلوا مناصبهم واستولوا عليها عبر مختلف طرق الاحتيال والفساد».
وداخل إبراهيم العبدالله، قائلا: «إن لجنة المرافق العامة التي درست مشروع إلغاء الفوائد قد أخذتها العاطفة في قرارها الإيجابي، ولم تحلل المشروع، وعلينا مراعاة الدولة».
تخفيض الانفاق العسكري
ولاحظ النائب عبدالنبي سلمان أن «سياسة بنك الإسكان ساهمت في إفقار المواطنين، وأسست مفاهيم مغلوطة استفادت منها المصارف التجارية بطريقة فاحشة»، وأضاف أن «بنك الإسكان أنشئ على أسس تجارية، ويجب التفكير في استمرار عمله، لذلك اقترح إعادة هيكلة المصرف، وسياسته التي (أضرت) بـالوحدة الوطنية جراء (التمييز) بينهم في التوزيع».
ودعا النائب فريد غازي إلى تخصيص مزيد من الأموال للمشروعات الإسكانية، وامتدح تقديم اقتراح برغبة وليس اقتراح بمرسوم، والأخير تترتب عليه قاعدة قانونية.
وقال النائب أحمد بهزاد «إن المتتبع لمعدلات الفوائد يستطيع أن يلاحظ أن معدلاتها تتقارب مع تلك القواعد وتتقارب مع تلك التي تفرضها المصارف التجارية، ما يلغي الهدف الاجتماعي الذي ترمي إليه في الأساس».
وأيد النائب صلاح علي: «الاقتراح لأنه مخالف للشرع والدستور... لذلك يجب تحويل المعاملات بما يتناسب مع الشريعة الإسلامية».
وطالب النائب جاسم الموالي بتقديم التمويل الإسكاني على اعتبار أنه خدمة تقدمها الدولة لمواطنيها أسوة بالخدمات الأخرى مثل التعليم والتطبيب، كما طالب بـ «عدم انتقاص عدد القروض الممنوحة وحجمها مستقبلا، وأن تستمر المكارم الملكية بالتخفيض من الممنوحة مستقبلا».
قال وزير الأشغال والإسكان فهمي الجودر خلال جلسة النواب أمس: «يوجد 40 ألف طلب، ويجب دراسة الموضوع من جميع جوانبه، وإلا سيغلق البنك أبوابه»، وأوضح أن «معظم المبالغ التي صرفها البنك في السابق أتت من صناديق إسلامية أو غيرها، وأن الفائدة التي يأخذها البنك من المستفيدين من القروض تسدد إلى الصناديق، ودفع رواتب الموظفين».
وأضاف: «اتُفق على اعتماد أدوات الشريعة الإسلامية، أما إلغاء الفائدة فينبغي النظر إن كانت الموازنة تسمح بذلك أم لا، مع ملاحظة أن كلفة إيصال الخدمات إلى الاراضي تكلف الخزانة العامة من 15 إلى 20 ألف دينار، وهذه لا تحسب على المواطنين».
وأوضح أنه تحصل مكرمات ما يقلل الأقساط، وحين يتوفى عائل الأسرة تتوقف الأقساط، والعاطلون عن العمل أيضا لا يدفعون، وهذا يكلف البنك ملايين الدنانير. مضيفا «يوجد توجه لخدمة ذوي الدخل المحدود، وذلك بأن تسدد الحكومة جزءا من القرض، و يسدد المواطن سعر البيت فقط، ونحن نريد إشراك القطاع الخاص، لكن إلغاء الفائدة يصعب من هذه العملية».
وافق المجلس على تمديد الفترة الممنوحة إلى اربعة موضوعات، منها تمديد إلى لجنة الشئون الخارجية لدراسة مسألة المفقودين والمحتجزين في العراق وغوانتنامو، (اعترض عدد من النواب على ذلك، من بينهم النائب عبدالله العالي).
- الموافقة على الاقتراح برغبة ورفعه الى الحكومة.
- الموافقة على مشروع بقانون بشأن الاسرار التجارية، وتقرر رفعه الى مجلس الشورى.
- صدور بيان تعاطف مع الشعب العراقي
العدد 173 - الثلثاء 25 فبراير 2003م الموافق 23 ذي الحجة 1423هـ