الأشهر العربية دائما ما تطل على المسلمين بأزمتها القديمة الجديدة في تثبيت رؤية الهلال والتي عادة لا تحسم عند بداية الشهر المختلف على ولادة هلاله، وهنا يأتي مدى واقعية وتأصل الموقف الفقهي الحديث لدى بعض الفقهاء ممن يرون في الأجهزة الفلكية المتطورة دورا في حسم هذه الخلافات التي عادة ما تربك المسلمين في كل عام أكثر من خمس مرات على أقل التقادير.
وقبل اقتراب شهر محرم من كل عام يكون هناك أكثر من استعداد لدى المسلمين، فهو يمثل تظاهرة ثقافية، توعوية، ومنبرا حرا يتناول فيه قضايا المجتمع، مع ربطها لما وقع في أرض كربلاء التي قتل فيها الإمام الحسين بن علي (ع).
أما البحرين، فللموسم الحسيني حضور خاص، وفي كل عام له لفتة عصرية جديدة عادة ما تنقل المراسم العاشورائية إلى مواقع متقدمة مع لغة الواقع، بالطبع لولا بعض الثغرات الموثولوجية التي عادة ما تفقد الموسم شيئا من كارزميته وجاذبية شعاراته وإنسانية مبادئه أيضا، من قبيل «التطبير» (ضرب القامة بالسيف)، والتي كانت محل نقد لاذع لدى كثير من المفكرين والفقهاء، مثل: السيد علي الحسيني والسيد محمد حسين فضل الله، وقديما أيضا كانت محل نقد مراجع دينيين ورموز تصحيحيين مثل السيد عبدالحسين شرف الدين والشيخ مرتضى مطهري الذي قال في موسوعته النقدية «الملحمة الحسينية»، وهو في معرض نقده لبعض ما علق بذكرى عاشوراء «ان البعض منا أخذ يبكي على كربلاء ثانية»، وهو بذلك يعزز موقف المرجع الديني البروجردي الذي هو الآخر دعا إلى إزالة ما علق بالذكرى من سلوكيات وغيرها، إلا ان بعضا من مقلديه وأتباعه فاجأوه بالقول: «نحن نرجع إليك طيلة العام إلا في عشرة محرم».
ومع بداية هذا الشهر بدأت أعلام الحزن والحداد تلف شوارع وقرى البحرين موشاة بكلمات الإمام الحسين باللغتين العربية والإنجليزية، وبدأت رسومات فنية تتصدر مداخل وبوابات بعض المآتم يتقدمها فعالية المرسم الحسيني والذي يعتبر إضافة جديدة لمراسم عاشوراء.
بعض الصناديق الخيرية بدأت استعدادها لحملات التبرع بالدم، والتي كانت محل نقد من قبل وزير الصحة الإسرائيلي الذي انتقد في العام السابق (حملة التبرعات بالدم للشعب الفلسطيني من قبل هذه المراكز في موسم عاشوراء واعتبرها «ارهابية»)، كما جاء في صحيفة «ايديعوت احرنوت» الإسرائيلية. أما على مستوى الخطباء الحسينيين فالعامة من الناس وخصوصا الشباب بدأوا يضغطون باتجاه تطور خطاب المنبر لدى بعض الخطباء، ودعوا إلى تعزيز التاريخ مرتبطا بعملية الواقع ونبض الشارع وهموم الناس على طريقة الشيخ أحمد الوائلي وغيره من المفكرين.
لاشك ان شبح الحرب على العراق ستلقي بظلالها سواء على المنابر أو في قصائد العزاء، وسيكون للتحليل السياسي دور في ذلك، وخصوصا مع وجود ذلك الربط الواضح في استهداف الشعب العراقي، فالبعض بات يقول: بالأمس قتل شعب العراق في كربلاء واليوم ذات الشعب يستهدف في كربلاء ثانية (كربلاء الخليج). بالأمس يزيد واليوم يزيد العصر (بوش).
أما على مستوى الأداء: فمازالت تلك الألغام الإدارية في بعض المآتم تقلق المهتمين بهذه الذكرى، وتدعو إلى إخراج بعض المآتم من الواجهات النفعية والواجهاتية إلى حيث ما رسمه الحسين من مبادئ وحدوية تسامحية قرآنية، تدعو للمبادئ لا للوجاهات العائلية والقبلية.
أما من الناحية الرسمية: فهناك استعداد لهيئة تلفزيون البحرين في تغطية الموسم إعلاميا، كما ستكون هناك فعاليات أخرى ستكون منها ندوة فكرية عن شخصية الإمام الحسين وواقعة الطف في يوم الحادي عشر من محرم ليلا في تلفزيون البحرين
العدد 179 - الإثنين 03 مارس 2003م الموافق 29 ذي الحجة 1423هـ