العدد 180 - الثلثاء 04 مارس 2003م الموافق 30 ذي الحجة 1423هـ

الشعائر الحسينية: من«التوابين» إلى «مواكب العزاء»

في نوفمبر/ تشرين الثاني 684م، بعد أربع سنوات من استشهاد الإمام الحسين (ع)، تكونت مجموعة من أهل الكوفة بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي أطلق عليهم اسم «التوابين» معلنين توبتهم من خذلانهم الامام الحسين (ع).

اجتمع التوابون في الكوفة وساروا إلى كربلاء وقضوا نهارا كاملا وباتوا عند قبور الشهداء يندبون ويبكون لما حدث في كربلاء مبدين أسفهم على خذلانهم الامام الحسين (ع) وتركه يموت عطشانا على يد جيش يزيد بن معاوية، وأقسموا ان يخرجوا لمواجهة الجيش الاموي وان يستشهدوا جميعا ليلحقوا بالحسين (ع).

اتخذت حركة التوابين في أول أمرها طابعا سريا، ولكن عندما سمعوا بموت يزيد بن معاوية خرجوا لمواجهة الجيش الأموي في يناير/ كانون الثاني 685م وساروا بمحاذاة نهر الفرات إلى الشمال باتجاه دمشق، والتقوا الجيش الأموي في «عين الوردة» وقاتلوا قتالا شديدا ولم يتراجعوا لانهم اقسموا ألا يعودوا إلى الكوفة إلا مستشهدين. وبهذا بدأ «التوابون» حركة داخل أنصار أهل البيت تدعو إلى الحزن على عدم مناصرة الامام الحسين (ع) عندما كان باستطاعتهم فعل ذلك. وكان اول من أرخ حركة التوابين هو المؤرخ أبومخنف المتوفى في العام 774م.

مواكب العزاء الجماهيرية بدأت في الظهور في العام 963م في بغداد ايام سيطرة البويهيين على الدولة العباسية. فقد كان معز الدولة البويهي هو الحاكم الفعلي للدولة العباسية آنذاك وكان من محبي أهل البيت (ع)، ولذلك سمح بخروج أول موكب عزاء في بغداد كما ينقل ذلك المؤرخون.

ويذكر المؤرخون انه في العام 963م في العاشر من محرم أغلقت الاسواق في بغداد وتوقفت الأنشطة التجارية وتوقف القصابون عن بيع اللحوم، وقلل الناس شرب الماء، وأقيمت الخيام على جوانب السوق، وخرجت مجموعات من النسوة يبكين بالقرب من الخيام التي صممت على نمط خيام الحسين (ع) في كربلاء، وعم الحزن بغداد في ذلك اليوم بعد ان قام عدد من الاطفال والنسوة بتمثيل طلب الماء وهم عطاشى تذكيرا بعطش الحسين (ع) وأهله.

وكان البويهيون قد سيطروا على الدولة العباسية من العام 945 إلى العام 1055م، وسيطروا على بلاد واسعة من العالم. والبحرين كانت خلال بعض تلك الفترة محكومة من قبل «القرامطة» الذين كانو يدينون بالولاء للدولة الفاطمية بالقاهرة (والمنافسة للدولة العباسية). ولكن «ابوالبهلول» -حاكم البحرين آنذاك - ثار ضد القرامطة وقلب الحكم عليهم وارتبط بالحكم العباسي، ومنذ تلك الفترة (قبل قرابة الف عام) بدأت تنتقل مراسيم عاشوراء التي كانت تقام في بغداد إلى البحرين.

غير أن بعض الممارسات العزائية التي طرأت على المواكب الحسينية ترجع إلى القرن التاسع عشر. ففي ذلك القرن بدأت بعض الممارسات (مثل الضرب على الرؤوس واسالة الدم) تظهر في كربلاء والنجف، ومن هناك انتقلت إلى مناطق اخرى في العالم الاسلامي. وهذه الممارسات التي ظهرت منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا انتشرت بعد ان أصبح السفر إلى كربلاء اكثر سهولة، وبدأ الزوار من بلدان مثل اذربيجان والهند يصلون بأعداد كبيرة إلى المدن المقدسة في العراق. وكثير من الذين قدموا من آسيا الوسطى والهند كانوا قد تحولوا إلى الدين الاسلامي قبل فترة وجيزة وجلبوا معهم ممارسات كانت لديهم مثل استخدام النار واستخدام السيوف واسالة الدماء ونقلوها إلى الاوساط الاسلامية على رغم معارضة كبار علماء الدين لها

العدد 180 - الثلثاء 04 مارس 2003م الموافق 30 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً