العدد 184 - السبت 08 مارس 2003م الموافق 04 محرم 1424هـ

علاء ولي الدين... آخر ظرفاء السينما المصرية

رحيل مباغت بعد رحلة فنية قصيرة:

ذبح علاء أضحية العيد في منزله، ومازح الحاضرين قبل أن ينسل إلى غرفته لينال قسطا من الراحة بعدما شعر بصداع خفيف، طالبا من أهل بيته أن يمهلوه بضع دقائق من الراحة في سريره، من دون أن يعرف أحد أنها ستكون نومته الأخيرة، وكان النجم المصري الشاب يستعد خلال إجازة عيد الأضحى للانتهاء من فيلمه الجديد «عربي تعريفة» الذي كان مقررا عرضه ضمن أفلام الموسم الصيفي المقبل، غير أن القدر لم يمهله ليرحل مخلفا صدمة مروعة في الوسط الفني المصري وخصوصا في أوساط جيله من النجوم الشبان.

ولد الفنان الراحل في أسرة فنية فوالده هو الممثل المعروف سمير ولي الدين الذي اشتهر هو الآخر ببدانته، وشارك في عدد قليل من الأفلام التي قدمتها السينما المصرية فترة الخمسينات، وكان علاء، بحسب ما قال في أكثر من حوار صحافي، يحرص منذ طفولته على الذهاب مع والده إلى بلاتوهات التصوير في الأعمال التي كان يشارك فيها ويقول: «من هنا نشأت علاقة مباشرة بيني وبين السينما فكنت أقف بالساعات أمام المرآة في بيتنا أمثل مشاهد من الأفلام الشهيرة التي كنت أشاهدها في دار العرض القريب من بيتنا». واستمرت علاقة علاء ولي الدين بالسينما من بعد حتى أتاح له النجم الكبير عادل إمام أول فرصة بمشهد وحيد في فيلمه الشهير «الإرهاب والكباب»، وبدا منذ اللحظة الأولى التي أطل فيها على الشاشة أن الممثل الجديد يملك حضورا عاليا أهَّله لأن يرشحه النجم الكبير للمشاركة أيضا وبمشهد وحيد في فيلميه التاليين «المنسي» ثم «النوم في العسل»، لينطلق علاء ولي الدين بعد ذلك ويشارك بدور ثانوي في فيلم «سمع هس» مع النجم ممدوح عبدالعليم والنجمة ليلى علوى، وهو الفيلم الذي يعتبره علاء بداية عمله الحقيقي في السينما وإن لم ينكر الدور الذي لعبه عادل إمام في تقديمه إلى الجمهور المصري عبر أفلامه الثلاثة الشهيرة، في أدوار دفعت مخرجين كبار إلى الإستعانة به في مشاهد قصيرة كان حضوره فيها لافتا حتى أنها ظلت عالقة في أذهان جمهور السينما لسنوات طويلة.

ومثلما كانت سمنته المفرطة سببا في شهرته السينمائية السريعة كانت سببا في إصابته مبكرا بمرض السكري، إذ عانى علاء بسبب بدانته المفرطة من ذك المرض اللعين منذ سنوات بعيدة، من دون أن يَشْعُر أحد بذلك، حتى اجتاز حديثا أزمة صحية حرجة كان قد تعرض لها بسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم، ثم عاد ليواصل عمله في العرض المسرحي «حكيم عيون»، ويمازح زملاءه في العرض بخفة ظله المعهودة قائلا: «يبدو أنكم ستغارون مني لأن دمي كله سكر». غير أن إصابة النجم الشاب بوعكات متتالية دفعت الأطباء المعالجين إلى تحذيره بشدة ومطالبتهم له بضرورة إنقاص وزنه والامتناع عن تناول بعض الأطعمة واتباع نظام غذائي معين بغرض فقد عدة كيلوجرامات من الدهون، إلا أن علاء كان يقابل ذلك بضيق شديد قائلا: «لا أتصور نفسي نحيفا... إنهم يريدون أن يجعلوا مني شخصا آخر لا أريده فأنا أحب سمنتي ولا أتصور أن أفقدها في يوم».

ويعد فيلم «عبود على الحدود» الذي قدمه علاء ولي الدين قبل ثلاث سنوات أحد أشهر أفلامه التي دفعته إلى مصاف نجوم الصف الأول في السينما المصرية، وكان الفيلم قد حظى منذ الأسابيع الأولى لعرضه في دور العرض السينمائية بمصر وبعد ذلك في عدد من الدول العربية، بحضور جماهيري كثيف وارتفاع ضخم في إيراداته التي غطت حينها على إيرادات الجزء الثالث من سلسلة أفلام عادل إمام «بخيت وعديلة»، وقيل وقتها إن التلميذ تفوق على أستاذه، فيما انطلقت بعض الأقلام النقدية لتهاجم الفيلم لحساب النجم الكبير، وإن كان ذلك لم يمنع من احتفاء نقـّاد آخرين به إلى درجة أن بعضهم كتب يطالب علاء بجزء ثان من الفيلم على غرار سلسلة أفلام الفنان الكبير الراحل إسماعيل يس «في الجيش... في البحرية... في الطيران».

وعلى رغم الاحتفاء الكبير بعلاء ولي الدين بعد هذا الفيلم، ونجاح فيلمه التالي «الناظر صلاح الدين» الذى جسد فيه ثلاث شخصيات دفعة واحدة في استعراض لقدراته الفنية، فقدم الابن والأب والأم بخفة ظل عالية، فإن فيلمه الأخير «بن عز» لم يحقق النجاح الجماهيرى المنتظر، على رغم مشاركة الراقصة دينا في بطولته باعتبارها عامل جذب لشباك التذاكر، ما أدى إلى غيابه عن سباق النجوم الجدد في الموسم الماضي، وتراجعه بضع خطوات للخلف، ووقتها برر علاء ذلك بقوله: أنا راض تماما عن فيلمي «عبود على الحدود» و«الناظر»، وعندما قدمت «بن عز» كنت أتمنى أن يحظى الفيلم بالاحتفاء الجماهيري الذي حظي به الفيلمان السابقان لكن ما حدث كان خارج الحسابات، لذلك قررت التريث قليلا والتدقيق في اختيار السيناريو المقبل حتى أظل متجددا في نظر جمهوري ولا أقع في مطب التكرار، فالضحك عندي له هدف ومضمون ورسالة، والسينما بالنسبة إلي ضمير أمة وليست مجرد بحث محموم عن الإيرادات.

ومنذ انطلاقته السينمائية شكل علاء ولي الدين والمخرج شريف عرفة ثنائيا ناجحا، إذ قام عرفة بإخراج الأفلام الثلاثة التي قدمها علاء وبرع فيها في استخدام أدواته الفنية على نحو لافت، ويرجع علاء النجاح الجماهيرى الذي حققته أفلامه التي أخرجها عرفة بقوله: «شريف فنان كبير وأنا أستريح نفسيا وفنيا معه، كما أؤمن بفكره ولغته السينمائية، وكل عمل قدمته على شاشة السينما أدين بالفضل فيه الى شريف عرفة الذي كانت له بصمات واضحة فيما قدمته من أعمال قليلة، وأتصور أن الذين تتبعوا خطواتي الفنية لابد وأنهم يدركون صدق ما أقول، وهذا لا يقلل طبعا من استفادتي من خبرات غيره من الأساتذة الآخرين الذين عملت معهم في أفلامي السابقة، فأنا اعتبر نفسي محظوظا لأنني عملت مع مخرجين أصحاب قدرات خاصة، استفدت من خبراتهم في تطور أدائي وتتلمذت في مدارسهم الفنية الخاصة». ومنذ بدأ علاء ولي الدين يصعد سلم النجومية في مصر بخطوات منتظمة، ظل بالنسبة إلى الجميع من زملائه مثالا للنجم الملتزم الخلوق، فلم تتداول الصحافة الفنية عنه في يوم أنه شارك في مؤامرة أو انتقص من قدر زميل له بل انه كان يمازح كل من يسأله عن المنافسة الشرسة بين أبناء جيله قائلا: «كل واحد بياخد نصيبه» مشيرا إلى ما تربطه بالجميع من صداقة حميمة «كلنا أصدقاء جدا وتربطني بالجميع علاقات وطيدة، مع هنيدى وأشرف عبدالباقي وآدم، وكل منا له رؤيته ووجهة نظره، والتنافس شيء مشرع بين الأشقاء والأصدقاء في كل شيء وليس في المسرح والسينما فقط، والزمن في صالحنا وليس ضدنا، بشرط أن ننتقي أعمالنا بدقة شديدة حتى نحافظ على ما حققناه من نجاح»... ويقول علاء في طيبة اشتهر بها: «أنا شخصيا أتمنى أن يكون في مصر مليون نجم لأننا شعب نحب الفن، ومن ثم فإن ظهور نجوم وأبطال جدد سينعش السينما ويخلق منافسة جادة من شأنها أن تعيد هذا الفن الجميل إلى سابق عهده».

وبعيدا عن السينما قدم علاء اربع مسرحيات هي «كعب عالي» مع النجمة يسرا ومن بعدها «حكيم عيون» ثم «الابندا» وأخيرا «لما بابا ينام» التي شارك في بطولتها مع عدد من النجوم الجدد، ويقول علاء عن تجربته المسرحية الأخيرة: «العمل في المسرح مع فريق عمل يضم يسرا وهشام سليم وحسن حسني وأشرف عبدالباقي وفي ظل وجود نص متكامل وسليم ومخرج يملك أدواته ومنتج لا يبخل على العمل يجعلك تشعر بقيمة ما تقدمه، لذلك فأنا سعيد بمشاركتي مع كل هؤلاء النجوم فالقصة ليست بطولة مطلقة من عدمه والمهم دائما هو موضوع العمل»

العدد 184 - السبت 08 مارس 2003م الموافق 04 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً