من الصعب ألا تدخل صالة العرض لمشاهدة فيلم «Confessions of a Dangerous Mind» من دون التوقعات المدوخة لعانس جاءت من فيلم «The Dating Game».
جورج كلوني هو المخرج، وهذا أول إخراج سينمائي له. تشارلي كوفمان كتب السيناريو فيما نفذ ستيفن سودربرغ الإنتاج. ومن نجوم الفيلم جوليا روبرتس ودرو باريمور وكلوني نفسه.
وعندما تخرج من الصالة لاحقا، الأرجح أنك ستحس بالالتباس الصاخب لفيلم «The Gong Show».
وعلى رغم الأداء الطاغي الذي يقدمه سام روكويل في دور تشاك باريس، منتج البرامج التلفزيونية الخفيفة التي درجت في ستينات وسبعينات القرن الماضي، الفيلم فيه مفارقات جيدة في لهجته. ومن الصعب ان تلتزم بفيلم غير واثق من نفسه.
الفيلم بمعظمه سرد قصير النظر وغير مألوف يروي صعود باريس باعتباره منتجا تلفزيونيا وعمله السري في الوقت نفسه قاتلا يعمل لحساب الـ «سي. آي. إيه» - وهذا على الأقل ما زعمه في العام 1982 في كتابه: «اعترافات عقل خطر: سيرة ذاتية غير مأذونة» الذي اقتبس الفيلم منه العنوان والموضوع.
إلا ان كلوني يفصل بين المقابلة والأخرى بشخصيات حقيقية من عالم الفن والترفيه الذين عملوا مع باريس. إذ يتحدث كل من ديك كلارك، ومقدم برنامج «Dating Game» جيم لانغ، وجاي مورغان عن ذكر ذكرياتهم مع باريس الذي يبلغ الآن 73 عاما من العمر، وكأنهم في فيلم وثائقي.
وتبدو مادة الفيلم وكأنها صنعت خصيصا لكوفمان، الذي ركز في السنوات الأخيرة - بدرجات متفاوتة من النجاح - على قصص تقارب الواقع، مثل «Being John Malkovitch» و«Adaptation» ولكنه وكلوني لا يستطيعان ان يقررا ما إذا كانا يريدان إلقاء نظرة شمولية على حياة باريس، أو صنع فيلم مغامرات نفسية جدي. ويبدو انهما يريدان الأمرين معا من دون ان يحقق أيا منهما.
ولسوء الحظ ان هنالك فيلمين مماثلين هذه السنة، ففيلم «Auto Focus» ببطولة غريغ كينيار في دور بوب كرين نجم «Hoganصs Heroes»، ويروي قصة شخصية أخرى من الشخصيات التلفزيونية في الستينات الذي عاش حياة سرية مشبوهة. على الأقل نعرف ان ذلك كان حقيقة. فكرين لديه أدلة كثيرة مسجلة على أشرطة الفيديو ليثبت زعمه. (مثل كرين، باريس كانت النساء نقطة ضعفه، ووجد من المستحيل ان يبقى وفيا لصديقته التي تلعب درو باريمور دورها).
إلا ان فيلم «Dangerous Mind» يشبه أكثر فيلم «A Beautiful Mind» الذي فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم في 2002 وهو من بطولة راسل كرو في درو العالم الرياضي المصاب بالفصام جون ناش.
أما باريس فلعله كان يتخيل ان وكالة الاستخبارات المركزية «سي.آي.إيه» جندته بواسطة عميلها (جيم بيرد أي كلوني). ولعله كان يؤمن فعلا أنه يقيم علاقة دولية حقيرة مع الجاسوسة باتريشيا (جوليا روبرتس) التي يبدو انها استمتعت جدا بالدور الهزلي.
ويتأرجح كلوني المخرج وكوفمان بين تقديم باريس معتوها متوهما، وبين كيل المديح له باعتباره عبقريا لم يفهمه الآخرون. ومرة أخرى لعله كان الاثنين معا.
ودعك من ذلك الهراء عن الـ «سي.آي.إيه» فباريس هو شخصية مدهشة من دون شك. فقد كان يقوم بعمل ما عندما أيقن قبل أكثر من 30 سنة أن الناس لا يتوانون عن إذلال أنفسهم لمجرد عرض وجوههم على شاشة التلفزيون. وإذا نظرنا الى ما نسميه اليوم «البرامج التلفزيونية الواقعية» يتضح لنا أنه كان مصيبا في اعتقاده.
وقد برع روكويل كثيرا في بث الحياة في باريس، فأداؤه هو أحد الأشياء الصلبة القليلة في الفيلم. إنه لا يحاول أن يفرض أي انطباع عن الجمهور كما فعل جيم كاري في دور اندي كوفمان في فيلم «Man on the Moon» إلا أنه اتقن تقليد الصوت والسلوك، والأهم من ذلك يبدو أنه فهم روحية باريس، وهذا شيء ربما لم يفهمه باريس نفسه.
الفيلم من توزيع «ميراماكس» ويستغرق عرضه 115 دقيقة
العدد 184 - السبت 08 مارس 2003م الموافق 04 محرم 1424هـ