ردت محكمة الاستئناف أخيرا دعوى تقدمت بها مفروشات بوكنان ضد عدد من شركات التأمين تطالبها بدفع تعويض ـ بموجب بوليصة الـتأمين ـ عن محلها الذي تعرض لحريق هائل أتى على كامل محتوياته في صيف 1997. واستنادا إلى تقرير أعده خبراء توصل بعد الكشف على المحل ومعاينته الى أن الحريق كان سببه تماس كهربائي وليس مفتعلا، وبررت الاستئناف رفضها للدعوى «كون محكمة أمن الدولة حينها أصدرت حكمها بإدانة عدد من المواطنين»، واعتبرت سبب الحريق عائد إلى «حوادث شغب» كما ورد في تقرير وزارة الداخلية.
وخلصت الاستئناف إلى أن الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة التي ألغيت في فبراير/ شباط العام 2001 تعتبر أحكاما نهائية، ما يعني بناء على ذلك سقوط الحق في تعويض المؤسسة باعتبار أن بوليصة التأمين لا تغطي الأضرار الناجمة عن حوادث الشغب.
الوسط - عبدالجليل عبدالله
أعرب رئيس مجلس إدارة «مفروشات بوكنان» حسين بو كنان، عن استيائه من حكم محكمة الاستئناف برفض الدعوى التي أقامتها الشركة ضد مجموعة من شركات التأمين، مطالبة بدفع مبلغ التأمين على مقرها الرئيسي الذي تدمر كليا بمحتوياته في العام 1997 بسبب حريق، نسبته محكمة أمن الدولة - حينها - إلى عدد من المواطنين وأدانتهم، في حين تصر الشركة أن السبب الحقيقي للحريق هو تماس كهربائي، كما كشف تقرير صادر من خبراء يعملون في شركة بريطانية تولوا عملية الفحص الفني للمبنى.
وكان رفض محكمة الاستئناف للدعوى على أساس أن حادث الحريق حسم عن طريق محكمة أمن الدولة، التي قالت «الاستئناف» إن أحكامها نهائية. ما فوت حق التقاضي بالرجوع إلى شركات التأمين.
و فور صدور الحكم، أبدى بوكنان مدى تضرر الشركة بسبب «تداعيات قانون أمن الدولة»، و قال: «على رغم إلغاء قانون أمن الدولة وما ترتب عليه، لا تزال شركة المفروشات عاجزة عن الحصول على مبلغ التأمين من قبل شركات التأمين».
وأوضح أنه بعد اندلاع الحريق الذي أتى على المبنى وما يحتويه، قامت الشركات المعنية بإجراء التحقيق لمعرفة سبب الحريق، و«تمت الاستعانة بشركة بريطانية متخصصة لتحديد أسباب الحريق بواسطة أساليب مختبرية علمية، ما أتضح - بعد معاينة الموقع والكشف عليه فنيا - أن سبب الحريق كان تماسا كهربائيا، كما بينه التقرير الصادر من الشركة البريطانية المحايدة، وليس لحوادث الشغب أي صلة به».
وأضاف «بعد الحصول على التقرير، توجب إكمال الإجراءات بالحصول على تقرير آخر من التحقيقات الجنائية لتأكيد عدم وجود تناقض مع التحقيق المختبري، وعلم أن الجهة الأخيرة وصلت إلى نتيجة أن مصدر الحريق غير معلوم لديها، ما يعني أن تقريرها لا يتناقض مع تقرير الشركة البريطانية».
موضحا أن ما تريده شركات التأمين لإنهاء إجراءات الدفع «الحصول على تقرير التحقيقات الجنائية لترفقه بتقرير المختبرات البريطانية»، إلا أن معاناة مجلس إدارة مفروشات بوكنان «تكمن في أن مباحث امن الدولة كانت اتهمت عددا من الشباب وأجبرتهم على الاعتراف أمام محكمة أمن الدولة بأنهم مسئولون عن الحريق، على رغم إنكارهم السابق للمحكمة، واللاحق بعد الإفراج، عنهم كما يتأكد ذلك من شهاداتهم ومن المحامين الذين تولوا الدفاع عنهم» بحسب بوكنان.
و قال أيضا: «حاول مجلس الإدارة استئناف الحكم لكن المحاكم رفضت ذلك باعتبار أن أحكام محكمة أمن الدولة نهائية ولا يمكن النظر فيها من قبل محاكم أخرى».
مستنكرا في الوقت ذاته أن تكون المحاكم «لا تزال غير متمتعة باستقلالية في عملها عن محكمة أمن الدولة، على رغم من وجود كل الأدلة والإثباتات التي تشير إلى سبب الحريق».
وناشد بوكنان جلالة ملك البلاد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة «إصدار توجيهاته السامية إلى المحاكم الاعتيادية للنظر في مثل هذه القضايا بصورة محايدة ومستقلة عن ما صدر سابقا بشكل غير عادي لأسباب سياسية معروفة». معربا عن أمله في أن «تلاقي القضية انفراجا كي تتمكن الشركة من استرجاع مبلغ التأمين»، وهي- على حد قوله - أموال «مستحقة لها كما تثبت الوثائق المحايدة».
وكانت محكمة الاستئناف أكدت رفضها إعادة النظر في القضية في الثاني من مارس/آذار الماضي.
من جانبه أبدى المحامي عبدعلي العصفور رأيه القانوني في القضية، وقال في إشارة إلى أن اعترافات المتهمين بإشعال الحريق كانت منزوعة «لغياب الدستور وقت حدوث الحريق وخصوصا المادة (22) التي تشير إلى بطلان اعتراف المتهم تحت الضغط تكون جميع الاعترافات المنتزعة باطلة ولو كانت أخذت في الوقت الحاضر لأصبحت قانونية في ظل العمل بالدستور».
وأوضح أن المحكمة تملك تقريرين عن سبب الحادث، الأول رسمي وصادر من أمن الدولة يتمسك بأن الحريق وقع نتيجة حوادث شغب، والثاني من شركة ذات خبرة بينت أن السبب هو تماس كهربائي، لذلك كان يتوجب على المحكمة انتداب خبير محايد للكشف على التقريرين باعتبارهما دليلين متوازيين بالقوة نفسها».
إلى ذلك قال أحد المحامين إن «حكم محكمة الاستئناف صحيح مهما كان مخالفا للواقع لأن المحكمة مقيدة بالحكم الجنائي، وطالما أنه أوضح أن الحريق بسبب حوادث شغب فإن حكم الإدانة يقيد محكمة الموضوع، وإن استند إلى قانون امن الدولة ومحكمته سيئة الصيت».
فيما رأى المحامي محمد جواد أن «الاستئناف لا يجوز أن تأخذ بمحكمة أمن الدولة التي لم تكن توفر أدنى الحقوق للمتهم، إذ كان انتزاع الاعترافات وتلفيقها للمواطنين أمر وارد»، موضحا أن القانون ألغي لسوئه، «وبإلغائه بطلت جميع التهم والاعترافات التي أسندت للمواطنين بالاكراه والتعذيب».
معلقا أن حريق شركة بوكنان ربما يكون «استغل سياسيا في ذلك الوقت، وتم تحويله من حريق ناتج عن تماس كهربائي إلى حريق مفتعل ناتج عن حوادث شغب»
العدد 221 - الإثنين 14 أبريل 2003م الموافق 11 صفر 1424هـ