العدد 233 - السبت 26 أبريل 2003م الموافق 23 صفر 1424هـ

أضواء المدينة... شارلي

النهاية العاطفية والتراجيدية في عمل شارلي شابلن الخالد (1931 - City Lights)، تم تصويرها وتمثيلها بشكل متألق. بائعة زهور عمياء (فيرجينيا شيريل) تستعيد بصرها لتعرف ان الرجل الذي أحسن لها هو نفسه المتشرد المضحك الذي يتسكع في الطرقات (تشارلي شابلن). في وقت سابق، يقوم المتسكع بسرقة المبلغ نفسه من المال الذي اعطاه اياه أحد المليونيرات (هاري مايرز)، يخطف رزمة المال ويهرب من الشرطة مسرعا الى منزل الفتاة ليضع في يديها المال كله لتدفع الايجار ولتدفع تكاليف عملية استعادة البصر، حتى انه يعطيها مبلغ مئة دولار كان قد احتفظ بها في جيبه لنفسه، وعندما يودعها يخبرها بأنه سيغيب عنها لبعض الوقت.

تعتقد الفتاة خطأ، وهي عمياء، بأنه مليونير محسن. بعد اطلاق سراح المتسكع من السجن بعد تسعة أشهر، يتسلل الى الشارع ويمر بجانب محل الزهور إذ يرى الفتاة التي كانت عمياء مسبقا من خلال نافذة المحل، وقد استعادت بصرها بشكل خارق. تنظر الفتاة للشخص الكوميدي المأسوي من خلال نافذة المحل وتقهقه ساخرة، يستمر مذهولا وفرحا ويبتسم لها ابتسامة عريضة، لكنه يلاحظ أيضا كيف انها لم تتعرف عليه. تستدير لجدتها في داخل المحل وتصدر تعليقا ساخرا، لكنها لا تتصور بأنه أمير أحلامها الفاتن. نهاية الفيلم البسيطة والمثيرة للمشاعر والتي تتحدث بفصاحة تمتلئ بالحزن واثارة العواطف.

على رغم ان المتسكع يحاول أن يذهب بعيدا ويتجنبها، فانها تتوقف عن الضحك وتشفق عليه. وتناديه من خارج المحل وهي مصممة على مساعدته وتتصدق عليه بوردة بيضاء لاستبدال الوردة البالية الممزقة التي التقطها من المزراب، كما تقدم له عملة معدنية اخذتها من صندوق المحل. عندما تمسك يده وتضع العملة في راحة يده، يتضح لها فجأة من يكون، اذ انها تميز ذلك شعورها المألوف بيديه باستخدام حاسة اللمس شديدة الحساسية لديها. وحين تمرر يديها على معطف الرجل الرث ابتداء من كتفه وصولا الى وجهه، تلاحظ انه الرجل الغامض الذي تبرع لها، متشرد صغير رث الملابس جمع المال من أجل عمليتها. يتعرفان على بعضهما للمرة الأولى، ويجتمعان مرة أخرى وجها لوجه، وفي تلك اللحظة يحمل المتسكع الكثير من المشاعر، الخزي، والخوف، والشجاعة، والألم، والحب، والرحمة، والفرح. في البداية تبدو مرتعبة قليلا، فلقد بدا مختلف تماما عما توقعته - كما انها متأثرة، يبتسم المتشرد وتضيء عيناه حين تتعرف عليه وتقبله بما هو عليه. تسأل بائعة الزهورأنت؟ ويومئ المتشرد موافقا على كلامها ويبتسم بخجل، ثم يشير الى عينيه ويقول تستطيعين أن تري الآن؟ وتومئ بائعة الزهور وتتسع ابتسامتها نعم أستطيع أن أرى الآن ثم تلتقط يده وتضعها على صدرها. ويتجمد المتشرد كربا ونشوة في الوقت ذاته وهو يضع أصابعه على فمه ويضع الزهرة التي قدمتها لها في فمه ويقبض على ساقها بأسنانه، وهي ايمائة بسيطة ولكن ذات مغزى. تكتشف الحقيقة، وتستطيع الفتاة ان ترى بسبب جهوده ولا يمكن أن يقال المزيد. تنعكس ادوارهم الاجتماعية في هذه المواجهة بينهم، تتغير هويته من مليونير محسن الى متشرد فقير، وتتحول هي من فتاة عمياء فقيرة الى امرأة جميلة ناجحة. كما ان اللقطة المقربة لوجه المتشرد ولابتسامته والتي تعتبر من أفضل اللقطات التي تم تصويرها، هي التي جعلت الفتاة تتعرف عليه، أما اللقطة المساوية لها والتي تصور وجهه المتألق الباسم فليس لها ذات الأهمية

العدد 233 - السبت 26 أبريل 2003م الموافق 23 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً