أكدت مصادر عراقية مطلعة أن المداولات جارية بين الأطراف العراقية والأميركان لإعداد صيغة الحكومة المؤقتة المقبلة. وقالت هذه الأوساط إن طبيعة الاتصالات تكشف بأن مسعود البارزاني ربما يكون أكثر حظا من غيره في تشكيلها.
ويذكر أن أول اللقاءات التي تمت في هذا الخصوص، كان اللقاء الأخير الذي أجراه جاي غارنر مع البارزاني للتباحث في تفاصيل المقترحات الأميركية، وكذلك سماع رأي الجانب الكردي فيما يخص تشكيل الحكومة المؤقتة، وصرح البارزاني بأن اللقاء كان مثمرا بصورة كبيرة، مؤكدا أن الحكومة المقبلة ستضم كل أطياف المجتمع العراقي.
وتوقعت بعض الشخصيات العراقية أن يثير اللقاء الذي جرى بين غارنر والبارزاني حساسية الزعيم الكردي الآخر جلال طالباني، وذلك لأن غارنر اجتمع بالبارزاني منفردا من دون إشراك طالباني.
وقالت المصادر إن الأميركيين ربما سيدعون البارزاني إلى تشكيل الحكومة حال الانتهاء من أعمال المؤتمر الموسع للفصائل العراقية الذي سيعقد في نهاية الشهر الجاري في بغداد، بعد أن يطرحوا على المؤتمر حصيلة الاتصالات واللقاءات التي جمعت الأطراف المختلفة، التي تضع البارزاني في قمة المرشحين لإدارة الحكومة المؤقتة التي سيقرها الاجتماع المقبل.
وذكرت المصادر أن هناك مرشحين آخرين هم أقل حظا، منهم أحمد الجلبي وعدنان الباجة جي وطالباني وأحمد الحبوي (المقيم في مصر) وعبدالعزيز الحكيم وغيرهم.
انشقاق اليعقوبي عن الصدر
من جانب آخر شكل الشيخ أحمد اليعقوبي في النجف «حركة الفضلاء» بعد أن أعلن انسحابه من «حركة الصدر» التي يقودها نجله السيد مقتدى الصدر، بعد ان حدثت مشكلات في صفوف الحركة الرئيسية حينما اغتيل السيد مجيد الخوئي.
وتشير المصادر إلى أن اليعقوبي كان من اقرب المحيطين بالسيد محمد الصدر قبل اغتياله في العام 1999، ولكنه في الآونة الأخيرة ابدى امتعاضه لما يحدث وخصوصا فيما يتعلق بقضية الأمن والادارات المدنية التي يجرى حاليا تشكيلها في النجف في لقاءات تعقد تباعا في نادي الموظفين بالمدينة.
ويبدو أن الصراعات الداخلية في «حركة الصدر» دفعت الشيخ اليعقوبي إلى تأسيس هيئة جديدة مدعيا أنها ستكون معتدلة في طروحاتها.
وقد التف حول «حركة الفضلاء» عدد لا يستهان به من علماء الدين الشيعة في النجف، وأبدى عدد آخر من محافظات العراق استعداده للتعاون معها. أما على صعيد موقف الجهات السياسية فقد فضلت معظمها «السكوت» لكي لا تحسب على طرف دون آخر، ولكي تتجنب عملية تشجيع الصراعات بين الاطراف الإسلامية أو غيرها.
ومن جهته نفى متحدث باسم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية التكهنات التي ذكرت أن رئيس المجلس السيد محمد باقر الحكيم سيبقى فقط زعيما روحيا للمجلس بينما سيتولى شقيقه القيادة السياسية. ووصف التقارير التي تقول ذلك بأنها لا أساس لها.
وعلى صعيد متصل وصف الرئيس الأميركي جورج بوش الرئيس الجديد للإدارة الأميركية المدنية في العراق السفير بول بريمر بأنه رجل يحمل خبرة كبيرة وأن الإدارة الأميركية بكامل مسئوليها تثق في قدرته على الاضطلاع بمهمته.
عواصم - وكالات
أخذت أوجه الحياة وحال الإعمار تعود تدريجيا لنواحي مناطق العراق فمن جهة عملت قوات الغزو على إطلاق سراح 150 عراقيا وضعتهم القوات كأسرى حرب في معسكر بوكا الاميركي في أم قصر جنوب العراق والذي يحتوي على 2000 أسير، في وقت أعلن ضابط أميركي ان ثلاثة جنود أميركيين أصيبوا بجروح من جراء انفجار قنبلة عنقودية على الأرجح في قاعدة شمال العراق. أما على صعيد الإدارة الحكومية المؤقتة قال مسئولون ان بولندا اقترحت على أميركا ان يعمل الجنود البولنديون والألمان والهولنديون في قوة لحفظ السلام في منطقة من مناطق العراق في فترة ما بعد الحرب.
اجتمع ممثلو مختلف القوى السياسية ووجهاء البصرة وجمع من ذوى الكفاءات وأصحاب المهن في المؤسسات المدنية للمطالبة بتغيير الإدارة التي يعتزم البريطانيون تنصيبها في البصرة.
وقالت قناة «الجزيرة» الفضائية انه من المقرر ان ينتهي هذا الاجتماع الذي دعا إليه ممثلون عن القوات البريطانية لانتخاب إدارة محلية تمثل مختلف شرائح المجتمع في البصرة وتحديد موعد لهذه الانتخابات.
ومن جهة أخرى أطلقت القوات الأميركية سراح حوالي مئة وخمسين أسيرا عراقيا من معسكر اعتقال قرب مدينة أم قصر في جنوب العراق الذي يضم حوالي ألفي أسير من أفراد الجيش العراقي ويعض ممن ارتكبوا أعمال سلب ونهب اثر انهيار النظام العراقي السابق. على صعيد آخر أعلن ضابط أميركي ان ثلاثة جنود أميركيين أصيبوا بجروح من جراء انفجار قنبلة عنقودية على الأرجح في قاعدة شمال العراق.
وأفاد شهود ان الجنود الثلاثة تابعون لكتيبة مدفعية تعمل في إطار فرقة المشاة الرابعة الأميركية وهم كانوا يعبرون أرضا خلاء في قاعدة اميركية عندما انفجرت القنبلة، وأعلن الضابط الطبيب روبرت تايلر الذي كان أول الواصلين إلى المكان ان احد الجرحى في حال حرجة إذ أصيب بشظايا في العين والرأس بينما أصيب الثاني إصابة بليغة في كوعه والثالث أصيب إصابة طفيفة في صدره.
كما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن جنديا أميركيا لقي مصرعه في العراق إثر انطلاق النيران من سلاحه بطريق الخطأ. بذلك يصل العدد الرسمي المعلن للجنود الأميركيين الذين قتلوا في العراق إلى 140. كما هز انفجار قوي صباح أمس إحدى محطات بيع المحروقات في بغداد من دون ان يتسبب في حدوث إصابات بين آلاف العراقيين الذين كانوا ينتظرون دورهم لشراء المحروقات.
كما أعلن مسئول بولندي رفيع المستوى ان المناطق الأربع التي تعتزم الولايات المتحدة إنشاءها في العراق ستكون تحت قيادة عسكرية أميركية واحدة، ويفترض ان تتولى بلاده إدارة احداها.
وصرح رئيس مكتب الأمن الوطني ماريك سيفيتش الذي يقوم بزيارة إلى واشنطن للإذاعة «ان العراق سيقسم إلى أربع مناطق تجرى أدارتها في إطار قيادة أميركية واحدة ستقوم بتنسيق كل شيء، ولقد أبدينا استعدادنا لتولي قيادة أحدى هذه المناطق. و لا يزال كل الباقي مفتوحا حتى الآن بما في ذلك مسألة ما إذا كانت بولندا قادرة على توفير ما يكفي من الوسائل لإدارة منطقة». وفي مقابلة مع صحيفة «واشنطن تايمز» أعلن وزير الدفاع البولندي جيرزي زمايدزينسكي انه يأمل في وجود وحدات ألمانية ودنماركية في القطاع الذي عهد به إلى بولندا. في وقت أعلن وزير الدفاع البلجيكي ان أول رحلة مساعدات إنسانية للاتحاد الأوروبي أقلعت متوجهة إلى بغداد.
وأوضح الناطق باسم الوزارة جيرار هارفينغ ان طائرة من طراز سي-130 تابعة للجيش البلجيكي أقلعت وعلى متنها عشرة أطنان من المساعدات التي قدمتها بالخصوص جمعية «ايكو» الوكالة الإنسانية التابعة للاتحاد الأوروبي.
كما دعا رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيلينبرغر في بغداد «القوة المحتلة» في العراق إلى بذل المزيد لإقرار الأمن في العراق وهو الموضوع الذي تعتبره اللجنة الدولية من الاولويات للتمكن من القيام بواجباتها. وقال كيلينبرغر ان القوانين الدولية «تفرض واجبات على القوة المحتلة».
والواجبات هي حسب ما قال المسئول في الصليب الأحمر في مؤتمر صحافي هي «إقرار القانون والأمن وضمان العيش الكريم للسكان وحماية البنى التحتية الأساسية» مثل المستشفيات.
على صعيد آخر نفى وزير خارجية العراق الأسبق عدنان الباجه جى أي علاقة خاصة له مع الأميركيين على الإطلاق وان اتصالاتهم معه لم تكن لها خصوصية ولكنها جرت فى إطار الاتصالات الأميركية بكل التيارات والقيادات والألوان العرقية في العراق.
وانتقد الباجه جي في تصريحات لصحيفة «عكاظ» السعودية «دور الولايات المتحدة الأميركية بالعراق لعدم قدرتها على حفظ الأمن والسلام هناك أو توفير الخدمات الأساسية للعراقيين وان تحركها كان بطيئا جدا ما أحدث استياء وتذمرا كبيرين بين العراقيين كما لم تتمكن إدارة غارنر من إدارة دفة الأمور بالعراق وأوضح انه سيعود إلى العراق خلال يوم واحد ويشارك في مؤتمر بغداد المقبل للفئات العراقية معربا عن سروره البالغ لعودته لوطنه بعد 33 عاما قضاها في المنفى مؤكدا ان اهتمامه الأول سيكون عودة الأمن إلى العراق.
واشنطن - أ ش أ
ذكرت صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية أن الحكومة الفرنسية زودت سرا مسئولين عراقيين كانوا فروا إلى سورية بجوازات سفر سمحت لهم بالهروب إلى أوروبا.
وقالت الصحيفة في عددها الصادر أمس انها علمت من مسئولين في الاستخبارات الأميركية أن مسئولين فرنسيين في سورية زودوا عددا غير معروف من العراقيين الذي عملوا في حكومة صدام حسين بجوازات السفر هذه، مشيرة إلى أن هذه الجوازات تعد وثائق خاصة في الاتحاد الأوروبي وذلك لكون فرنسا إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد وهو الأمر الذي يحول دون القبض على هؤلاء العراقيين.
وأوضحت الصحيفة أن هذه المساعدة الفرنسية أغضبت مسئولي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووزارة الخارجية فضلا عن الاستخبارات الأميركية لكونها قوضت عملية البحث عن كبار مساعدي صدام حسين الذي كانوا هربوا من العراق بأعداد كبيرة بعد سقوط العاصمة العراقية بغداد في التاسع من شهر أبريل /نيسان الماضي.
وبشأن رد الفعل الفرنسي على هذه الأنباء أشارت الصحيفة إلى أن المتحدثة باسم السفارة الفرنسية ناتالي لويزيو في دمشق نفت ذلك، مؤكدة أن السلطات الفرنسية لم تمنح أي تأشيرات سفر من سورية أو أي مكان آخر لأي مسئول من النظام العراقي السابق منذ اندلاع الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق.
لندن - مهدي السعيد
حسمت قضية التشكيلة المقبلة للحكومة الانتقالية المزمع اعلانها في العراق في منتصف الشهر الجاري، فقد وافقت الاطراف العراقية المعنية كافة بأمر هذه الحكومة على الصيغة التي طرحها مدير الادارة المدنية الاميركية جي غارنر - وستضم الحكومة تسعة اشخاص عرف منهم حاليا خمسة ممثلين لقوى سياسية من جماعة الستة، وهم: مسعود البارزاني وجلال الطالباني وأحمد الجلبي واياد علاوي وعبدالعزيز الحكيم، ومن المرجح إضافة أحد الشخصيات المسيحية وآخر من التركمان ثم تجري اقناع الشريف علي بن الحسين راعي الملكية الدستورية بالانضمام إلى التشكيلة على ان يمثل السنة بدلا من عدنان الباجه جي الذي رفض الاشتراك في هذه الحكومة انتظارا لانتخاب حكومة اخرى باشراف الامم المتحدة، كما ويحتمل ان يضاف شخص تابع من التكنوقراط المستقلين. واقترنت عملية الاسراع في مداولات تشكيل الحكومة المؤقتة مع اعلان جي غارنر عن توقعه بوصول الدبلوماسي الاميركي بول بريمي الاسبوع المقبل لتولي مهام العملية السياسية لعراق ما بعد الحرب، إذ سيكون مشرفا وبصورة أكبر على متابعة الوضع السياسي وعمل الحكومة المؤقتة. وفضلا عن ذلك استكملت الولايات المتحدة ترتيب الهيئات الادارية والاستشارية والعسكرية المختلفة التي ستتابع عمل القطاعات الحكومية كافة في البلاد، وأعلن في واشنطن أن الجنرال ديفيد ميكيرنان القائد العام للقوات البرية ومقره بغداد سيكون الحاكم الاعلى في العراق، اما الجنرال بول غارنر فسيكون رئيسا لادارة مدنية انتقالية في العراق يعاونه نحو 800 خبير عراقي واميركي يتوزعون على مختلف قطاعات الاعمار، يضاف الى ذلك، فان سفيرة واشنطن السابقة في اليمن باربرة بودين ستكون مسئولة عن ادارة بغداد ووسط العراق.
وتضم القائمة التي ستتولى الادارات العراقية اشخاصا آخرين مثل ديفيد دانفورد منسقا للشئون الخارجية وروبين رافيل منسقا للشئون التجارية وتيم كارتي مستشارا في وزارة الصناعة وزامير غادهيان (من اصل اوكراني) منسقا للشئون النفطية.
وعبرت بعض الشخصيات العراقية المستقلة عن قلقها من المستقبل، إذ اشارت الى عدم وجود ضمانات اكيدة في توزيع المراكز القيادية والادارية بصورة عادلة وطبقا لقاعدة الكفاءات وليس الولاءات.
وربما سيكون المؤتمر الموسع المقبل الذي سيعقد نهاية الشهر الجاري مثارا لمزيد من الجدل بشأن مستقبل الحكومة المؤقتة ومستقبل العراق ككل
العدد 243 - الثلثاء 06 مايو 2003م الموافق 04 ربيع الاول 1424هـ