العدد 249 - الإثنين 12 مايو 2003م الموافق 10 ربيع الاول 1424هـ

المعلومات والاتصالات... صناعة تبحث عن أب

عند تشكيل أية وزارة تتركز الاسئلة وعلامات الاستفهام على مدى كفاءة هذا الوزير أو ذاك. نادرا ما اثير تساؤل بشأن مسئوليات وصلاحيات وزارة ما... وأكثر ندرة هي الاسئلة المتعلقة بالقطاعات التي لم تحدد لها وزارة أو هيئة على رغم ضرورة وأهمية ذلك.

ومن أكثر القطاعات حيوية في الاقتصاد الحديث هو قطاع تقنيات المعلومات والاتصالات (Information and communication Technologies). هذا القطاع الذي بات يحظى بأهمية متزايدة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي في آن. ولعل كون آل غور يأخذ على عاتقه تنمية هذا القطاع عندما كان نائبا للرئيس الأميركي كلينتون هو أحد المؤشرات القوية التي تؤكد أهمية هذا القطاع على الصعيد السياسي. هذا القطاع الحيوي لا يعرف المواطن البحريني حتى الآن من هي الجهة المناط لها رعايته والتخطيط له وتطويره.

ولتأكيد الثقل الذي يحتله هذا القطاع في الاقتصاد القومي يمكن الحديث أولا عن دولة مثل الولايات المتحدة التي أصبحت صناعة البرمجيات ثالث أكبر صناعة في الولايات المتحدة، ويتلقى العامل فيها مرتبا يبلغ ضعف ما يتلقاه في أية صناعة أخرى. وعلى صعيد القيمة المضافة تأتي صناعة البرمجيات في المرتبة الثالثة بعد صناعة السيارات والالكترونيات.

ويقدر معهد الدراسات الاستراتيجية في واشنطن أن بوسع اقتصاد الولايات المتحدة أن يضيف ما قيمته 721 مليار دولار - ما يقارب من 10 لإجمالي الناتج المحلي بحلول العام 2005 بفضل صناعة الاتصالات والمعلومات.

أما في دولة مثل كندا فقد اسهمت صناعة تقنيات المعلومات والاتصالات في العام 2000 بما يقارب من 57,5 مليار دولارا من إجمالي الناتج القومي، وهو ما يقدر بحوالي 7,3 في المئة من قطاع الأعمال وحوالي 6,2 في المئة من إجمالي الدخل القومي. وخلال الفترة بين 1997 - 2000 شهد هذا القطاع نموا يعادل 68,7 في المئة، وكان حينها أعلى بكثير من المعدلات التي شهدتها القطاعات الأخرى التي لم تتجاوز معدلاتها الـ 30 في المئة.

وفي العام 1999 استقطب هذا القطاع 469 ألف عامل شكلت حوالي 4 في المئة من قوة العمل الكندية. وخلال الفترة بين 1994 - 1999 زادت العمالة في هذا القطاع بحوالي 32,5 في المئة وهي نسبة تفوق ثلاث مرات النسب التي شهدتها القطاعات الاقتصادية الأخرى خلال الفترة ذاتها.

وفي كل هذه الدول ارتبطت هذه الصناعة والجهة المسئولة عن وضع سياساتها ورسم استراتيجياتها بأعلى المؤسسات في الدولة المعنية.

حتى في منطقة الخليج العربي، ويمكن أن نأخذ دبي نموذجا حيا إذ يأخذ مسئولية قطاع المعلومات والاتصالات الشيخ محمد بن راشد المكتوم بشكل مباشر. ومن دون الدخول في تفاصيل الارقام يكفي الإشارة إلى المشروعات الآتية: مدينة دبي للانترنت التي استقطبت أمهات شركات هذا القطاع من أمثال مايكروسوفت وآي بي إم وسيكو ولوسنت... الخ. ومدينة دبي للإعلام التي استقطبت هي الأخرى الكثير من الفضائيات العالمية والعربية ووسائل الاتصال النشيطة في الشرق الأوسط مثل السي ان ان - والإم بي سي، ورويتر.

نعود بعد هذه الجولة القصيرة في قطاع المعلومات والاتصالات الى البحرين لنجدها صناعة تائهة تبحث عن مسئول أو وزارة أو مؤسسة ترعاها... ولو افترضنا جدلا ان الجهات المعنية بها هي:- هيئة تنظيم الاتصالات والجهاز المركزي للإحصاء والمعلومات ووزارة المواصلات فمن الطبيعي أن أيا من هذه المؤسسات، مع تقديرنا للجهود التي تبذلها كل منها في نطاق عملها، فإن المهمات المناط بتلك الهيئات تنفيذها لا تصل إلى الرؤية التي نتحدث عنها. فالأولى تنحصر مسئوليتها في تنظيم هذا القطاع أو بالاحرى تنظيم قسم صغير منه وهو الاتصالات، أما الثانية فهي تغطي دائرة أوسع إذ تشمل المواصلات وهو قطاع كبير بحد ذاته يغطي المواصلات البرية والبحرية والملاحة الجوية، أما الثالثة فعلى رغم كل انجازاتها التنظيمية التي حققتها، لكنها لا تزال تتعامل مع المعلومات من الزاوية الاحصائية وليس الصناعية.

الأهم من ذلك كله، أن البحرين، على رغم صغر حجم سوق تقنيات الاتصالات والمعلومات المحلية فيها، لكنها أيضا سوق واعدة وقابلة للنمو والتطور لا يمكن الاستهانة بها متى ما وضعت لها الاستراتيجية الصحيحة. وهي إلى جانب ذلك تمتلك مقومات أخرى من شأنها متى ما وجدت الجهة التي ترعاها وتخطط لها أن تزدهر وتترك مردودات إيجابية على الاقتصاد الوطني. ومن بين هذه المقومات ارتفاع نسبة انتشار الحاسوب الشخصي وعدد مستخدمي الانترنت في صفوف مواطنيها، ووجود عدد لايستهان به من الايدي العاملة المحلية الماهرة في هذه الصناعة، ناهيك عن قطاع مصرفي متطور كيفيا وضخم كميا، هو من أكثر القطاعات في العالم حاجة إلى خدمات هذه الصناعة واستهلاك لمخرجاتها. ناهيك عن قربها بل ملاصقتها لسوق المنطقة الشرقية، وهي سوق بحاجة إلى خدمات ومنتجات كثيرة ومتنوعة ذات علاقة مباشرة بصناعة تقنيات الاتصالات والمعلومات.

كل ذلك يدفعنا للإشارة إلى ضرورة التفكير في مدخل سليم يؤسس لصناعة تقنيات اتصالات ومعلومات متينة ومتطورة وذات جدوى للاقتصاد الوطني. ولا يمكن أن يكون هذا المدخل سليما ما لم تكن هناك جهة حكومية مسئولة عنه. ترى من هي هذه الجهة المسئولة عن صناعة الاتصالات والمعلومات في مملكة البحرين؟ علامة الاستفهام هذه تكبر مع تقدم الوقت... والوقت أغلى رأس مال لايحق لنا التفريط فيه

العدد 249 - الإثنين 12 مايو 2003م الموافق 10 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً