العدد 250 - الثلثاء 13 مايو 2003م الموافق 11 ربيع الاول 1424هـ

توكي الياباني... هل نجا من خطر الانقراض؟

طوكيو - سانادا كونيكو 

تحديث: 12 مايو 2017

انه طائر لا يختلف احد على جماله وان اختلفت أسماؤه، ففي اليابان يسمونه توكي ويعرفه العلماء المتخصصون باسم نيبونيا نيبون. أما ترجمته عن الانجليزية فهو أبو منجل الياباني ذو العرف. ان توكي يعاني من خطر الانقراض ولم يخفق في سماء اليابان منذ سنوات كثيرة، وقد بذلت جهود جسيمة لانقاذه من شفا السقوط في هاوية الانقراض فأثمرت اول فقس صغير العام 1999، ان هذا الفقس الصغير هو اول طائر للتوكي ينتج عن عمليات تكاثر صناعي في اليابان. في المقال الآتي نلقي نظرة على الجهود المبذولة لانقاذ طائر توكي.

يتصف توكي بجسم رشيق ومنقار طويل أسود وريش جميل واذا ما طار زاد جمالا وخصوصا عندما تسقط أشعة الشمس على جناحه الممتد فتبرز لونه المتدرج بين البرتقالي والوردي، ان هذا اللون الأنيق يسمى باليابانية توكي - ايرو أي لون توكي وهو لون يحظى بتقدير كبير بين اليابانيين منذ قرون قديمة.

وينتمي توكي الى فصيلة اللقلقيات من عائلة طيور Threskiormithidae ويبلغ طوله حوالي 75 سم من طرف منقاره حتى نهاية ذيله ويبلغ باع الجناج حوالي 1140 سم، واعتاد ان يصنع عشه في جماعات في الغابة وان يتغذى من مياه حقول الارز والمستنقعات، إذ يأكل الحشرات في الصيف والاسماك الصغيرة والاصداف خلال الشتاء، وكان توكي طائرا شائعا في شرق آسيا، وقد أضيف اسم نيبون (أي اليابان) الى اسمه لأن اول نوع لهذه الطيور تمت دراسته في اللقاءات الاكاديمية بأوروبا في بداية القرن التاسع عشر كان طائر توكي الياباني. وفي العام 1922 قررت المنظمة اليابانية للطيور اختيار الاسم العلمي نيبونيا نيبون وأعلنته اسما رسميا للاستخدام العلمي. على انه من سخرية القدر ان هذا الاسم لم يشتهر الا بعد ان قارب الطائر على الانقراض، ويعيش توكي اليوم حرا في الطبيعة في مكان واحد فقط من العالم هو بلدة يانغ بمقاطعة شانكس بالصين.

وقد تهاوى عدد طيور توكي في اليابان في حوالي نهاية القرن التاسع عشر نتيجة الصيد غير المحظور والتطوير المدني. ومع بداية الثلاثينات كانت الاعداد المتبقية منه قليلة للغاية، إذ تشير التقارير الى ما لا يزيد على 60 الى 100 طائر توكي في اقليم شبه جزيرة سادو بمحافظة نيغاتا. وقد صنف توكي بوصفه طائرا يابانا يحظى بالحماية الفطرية العام 1952 وبوصفه طائرا دوليا يحظى بالحماية الفطرية في العام 1960. في حوالي ذلك الوقت أسست القرى في جزيرة سادو مناطق تغذية لطيور توكي كما اشترت الحكومة اليابانية احدى الغابات واضفت عليها صفة رسمية باعتبارها غابة قومية لمعيشة توكي، ومع ذلك فانه في نهاية السبعينات كان المتبقي من طيور توكي في اليابان كلها أقل من عشرة.

وكانت سادو، وهي جزيرة في بحر اليابان، هي آخر موطن لمعيشة توكي في اليابان، وفي العام 1967 تم تأسيس مركز سادو للحفاظ على طائر توكي في قرية نيبومورا لحماية طيور توكي والعمل على تكاثرها. وفي العام 1981 تم اصطياد آخر خمسة طيور حرة من نوع توكي ووضعت في الاسر مع طائر توكي أسير واحد يسمى كين بغرض احداث تكاثر صناعي، ولكن للأسف لم يحدث أي تكاثر وتوكي الياباني الوحيد المتبقي الآن هو نفسه وعمره 35 سنة أي انه تعدى سن الانجاب.

أما الخبر السعيد فهو ان توكي اكتشف وجوده من جديد في الصين بعد ان كان من المعتقد انه اندثر هناك، وقد قامت الحكومة الصينية بحماية النوع من الانقراض بحظر قطع اشجار المنطقة او استخدام المبيدات الحشرية ونجحت في احداث تكاثر صناعي، ومع حلول شهر يوليو/تموز 2001 عاد الطائر إلى الوجود من جديد إذ وصل عدد طيور توكي الى 155 طائرا حرا و175 طائرا في الاسر.

وفي العام 1999 أهدت الصين الى اليابان زوجا من توكي يحملان اسم «يويو» و«يان يان» واصبحا فيما بعد والدين لتوكي صغير اسمه «يويو يويو» وهو اول توكي يفقس بالحضانة الصناعية، وقد كان الميلاد الجديد مبعثا للاحتفال في انحاء اليابان كافة وسرعان ما ظهرت اصوات تنادي بسرعة إعادة الطيور إلى الحياة الحرة. وفي العام 2000 فقس طائران آخران ثم من زوجين من الطيور فقس 11 طائرا العام 2001. وبلغ عدد سكان المركز من طيور توكي في لحظة كتابة هذا المقال (سبتمبر/ايلول2002) 25 طائرا.

يقول المسئول عن المركز تشيكا تسوجي كوكوي: «اننا نأمل ان يبلغ عدد توكي 100 طائر خلال خمس سنوات. واذا زاد العدد فعلا طبقا لخطتنا فإن خطواتنا المقبلة ستكون توفير بيئة طبيعية لها في الخلاء، وهناك منظمات اخرى على المستوى القومي ومستوى المحليات والقطاع الخاص تعمل جميعا جاهدة لتحقيق هذا الهدف، اننا نأمل بقوة ان تؤتي تلك الجهود ثمارها».

على ان تحقيق هذا الهدف هو امر بالغ الصعوبة، ان العاملين بالمركز لا يجدون وقتا للراحة والاستمتاع بنجاحهم في التفقيس والتكاثر الصناعي، فهناك مشكلات كثيرة لابد من حلها قبل ان تتمكن الطيور من العودة إلى العيش في الخلاء، من ذلك حماية الطيور من اعدائها الطبيعيين مثل الغراب وطائر الدلق، وتوفير مناطق غذاء لها واعدادها للاعتماد على انفسهما وتفادي الاخطار المحيطة بهم.

وبدأت وزارة البيئة مشروعا نموذجيا مدته ثلاث سنوات لتدعيم علاقة التعايش بين الانسان والطبيعة وتشجيع اسلوب من الحياة اليومية على المستوى المحلي. ان مشروع العام 2002 يشجع على اجراء البحوث لايجاد الوسائل لاعادة توكي الى بيئته الطبيعية وعلى عقد مناقشات بين المتخصصين وممثلي الحكومة والسكان المحليين. من الواضح ان الجهود الهادفة نحو اطلاق هذه الطيور لتعيش في الطبيعة ستكتسب طاقة وحيوية أكبر وقد أصبح الناس الآن أكثر وعيا بالاجهاد الذي يصيب البيئة الطبيعية من جراء الافراط في التطور المدني، وعندما تسترد البيئة عافيتها سيعود اليابانيون للتعايش من جديد في انسجام مع طائر توكي.

بالاتفاق مع نيبونيا - نافذة على اليابان





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً