قامت الوكيل المساعد لقطاع الثقافة والتراث الوطني الشيخة مي بنت محمد آل خليفة عصر أمس بجولة تفقدية حول منطقة القبور المتشابكة القريبة من مستوطنة سار التي أنهى فيها فريق بعثة التنقيب الاردنية اعماله أمس، وذلك خلال موسم التنقيب الجاري الذي ينظمه القطاع الثقافة والتراث الوطني مع عدد من البعثات العربية والاجنبية.
وفي هذا الصدد، كشف القائم بأعمال ادارة الثقافة والتراث الوطني يوسف بومطيع أن البعثة الاردنية ستعقد ورشة خاصة للمعنيين يوم الثلثاء المقبل في متحف البحرين الوطني عن ملاحظاتهم من خلال تقديم عرض كامل للموقع المنقب من جانبهم من أجل تبادل الخبرات الى جانب أن فريق تنقيب بحريني كان قد زار الاردن في اعمال تنقيب مماثلة وهو ما يعزز اوجه التعاون في هذا الجانب الذي بدأ مع مواسم مختلفة انطلقت منذ العام 1976.
من جانبه، قال مدير البعثة والخبير الآثاري هاني الفلاحات إنه تم التنقيب عن 183 قبرا والعثور على 111 قطعة اثرية من أوانٍ وجرار فخارية وحجر صابوني ورؤوس سهام برونزية اضافة الى خاتم وسوار برونزي، مشيرا الى أن «ما تم جمعه من داخل القبور لا يختلف كثيرا عما عثر عليه في مواسم تنقيب سابقة وخصوصا أن هذه المقابر تخص العامة وليست مَلكية كما أنها ضمت قبورا ملحقة للاطفال ووضعت بداخلها جرار فخارية ومجموعة من الاصداف».
واضاف الفلاحات لـ «الوسط» أن «المدافن المتشابكة القريبة من المستوطنة بها اكثر من ألف قبر تنتشر في منطقة المدافن المتشابكة التي تشبه خلية النحل وهي ترجع الى افراد الطبقة السفلى من عامة المجتمع الدلموني الذي كانت له طريقة اخرى في دفن اصحاب الطبقة العليا، وذلك في مدافن منفردة كبيرة الحجم ترجع الى مرحلة دلمون المبكرة (2500 - 1750 ق. م) وهي معروفة بفترة الازدهار الاقتصادي لمملكة دلمون، إذ كان العام 1750 (قبل الميلاد) التاريخ الفاصل بين دلمون المبكرة ودلمون المتوسطة في جزيرة البحرين وهو التاريخ الافتراضي الذي هجر فيه الدلمونيون الاصليون المستوطنة».
كما اوضح الفلاحات أن المعبد الصغير الذي يتوسط القبور المتشابكة جاء على شكل مربع وعلى ارتفاع لا يتجاوز نصف متر وفيه فتحات لأربع جهات وكان بداية يشبه معابد الحقبة الساسانية، لكن تبين لاحقا أنه يعود الى مرحلة دلمون المبكرة الا أنه يوجد معبد كبير يتوسط المستوطنة التي كانت ايضا قريبة من حركة الموانئ والتجارة، إذ كان يعتقد أن الساحل البحري اكثر قربا مما هو عليه في وقتنا الحالي.
إلى ذلك، قال الخبير الانثروبولوجي عبدالحليم الشياب: «إن اختفاء الجماجم في القبور المتشابكة قد يرجع الى نظرية التي تقول إن ارض البحرين كانت تمثل ارضا للخلود الابدي لأهالي وادي الرافدين القدماء الذين كانوا ينقلون جثث موتاهم إليها، وذلك لاعتقادهم بالرابط الابدي مع قبورهم الاخرى في العراق وهو ما يعزز أن مقبرة البحرين التاريخية كانت تضم الانسانية جمعاء اضافة الى أن طريقة الدفن للمدافن المتشابكة بدت مختلفة عن تلك الموجودة في موقع مدافن عالي، إذ إن الدفن يتم مباشرة على الارض ثم تبنى الجدران عليها وهو ما يشير ايضا الى كثافة المنطقة السكانية في مرحلة ما».
يذكر أن «سار» هو اسم القرية والمنطقة التي اصبحت اليوم من المناطق السكنية الراقية، وهو يعني سنة أو دورة وهي مشتقة من مصطلح سومري لم يتغير عبر آلاف السنين لهذه المنطقة الأثرية لبقاء الاسم في الذاكرة البحرينية نظرا إلى أهمية المكان الحضارية.
وتقدر مساحة مستوطنة سار بحوالي 22.500 متر مربع، إذ نقب فيها حوالي 40 منزلا دلمونيا بالكامل من قبل البعثة البريطانية البحرينية في فترة التسعينات وهي عبارة عن بيوت بغرف صغيرة مبنية من الحجر الجيري المحلي والطين والرمل.
العدد 1633 - السبت 24 فبراير 2007م الموافق 06 صفر 1428هـ