أكد الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الخليجي عصام جناحي أن المشروعات الكبرى في البحرين بدأت بشكل أساسي برأس مال خليجي وأجنبي وأن المستثمرين البحرينيين انضموا إلى سلسلة المشروعات التنموية الكبرى بعد ذلك، مؤكدا أن البحرين «وضعت نفسها على الخريطة الاستثمارية المرغوبة في المنطقة».
الواقع الاستثماري قبل 2000
جناحي الذي يرأس أيضا مجلس إدارتي مرفأ البحرين المالي وشركة البحرين لسحب الألمنيوم، ونائب رئيس مجلس إدارة شركة الخليج للتعمير وصندوق إنجازات للتكنولوجيا، والحائز على لقب الشخصية المصرفية للعام 2003، طرح رؤية واثقة بمستقبل الاستثمارات العملاقة التي بدأت قبل عدة سنوات، وقال: «نحن كنا دائما معتمدين في المشروعات الكبرى على المستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية الأجنبية والخليجية قبل أن نعتمد على المستثمرين البحرينيين، وهذا يعني أن البحرين لديها القدرة لاجتذاب رأس المال الأجنبي لخصائص عدة علينا أن نستمر في الاستفادة منها».
وأضاف «لو نظرنا إلى الواقع الاستثماري في البحرين فمن كان من رجال الأعمال يستثمر قبل العام 2000 في إنشاء الأبراج الضخمة غير فاروق المؤيد؟ أما اليوم فقد دخل الكثير من المستثمرين البحرينيين في هذا المجال، فلو نظرنا إلى الجفير لرأينا الكثير من هذه الأبراج وباستثمارات بحرينية».
وأرجع جناحي الاستثمار في القطاع العقاري إلى انخفاض نسبة الربح على الودائع وزيادة حجم السيولة وقال: «إن حجم الودائع في المصارف ليس كبيرا فلا أحد يقبل بنسبة فائدة 2 أو حتى 5 في المئة في حين يمكنه تحقيق عائد أكبر من 10 في المئة عند استثمار أمواله في السوق».
وتحدث جناحي عن تجربته في تأسيس بيت التمويل الخليجي في العام 1999 ومدى مساهمة القطاع الخاص البحريني في رأس مال المصرف، فقال: «في ذلك الوقت كان عدد المساهمين في المصرف 48 مساهما وكنا نستهدف البحرين ودول مجلس التعاون وجنوب إفريقيا من خلال الاستثمار في البنى التحتية، وكان الجميع يتساءل عن التخطيط في هذه الدول وعمليات التخصيص».
وأضاف «كان هدفنا الدخول في مشروعات مشتقات البنى التحتية كالدخول في قطاع التعليم من خلال إنشاء جامعات خاصة أو مدارس خاصة، وفي القطاع الصحي إنشاء مستشفيات خاصة».
وأوضح أن المستثمرين البحرينيين والخليجيين لم يكونوا يفكرون في الدخول في مثل هذه المشروعات في ذلك الوقت إذ كانوا يفضلون الاستثمار والمضاربة في البورصة».
وقال:» عندما فكرنا في تأسيس شركة آنذاك، عرضنا الفكرة على أحد المستثمرين الإماراتيين ولم يقتنع بالفكرة ورد بأنه يمكن أن يستثمر مليون دولار في شركات تقنية المعلومات وفي خلال أسبوع واحد في بورصة نيويورك يستطيع أن يجني من ذلك ما يقرب من نصف مليون إرباحا، في حين أن استثماره في شركة أخرى في المنطقة تحتاج إلى الكثير من الوقت حتى يحصل على العوائد».
وأضاف «قبل سبع أو ثماني سنوات لم تكن المنطقة تمر بظروف اقتصادية مواتية والتوقيت لم يكن مقنعا للاستثمار في المنطقة ففي تلك الفترة كانت نسبة النمو بسيطة وكان الجميع غير متفائل».
أسواق الأسهم
وأكد أن انتعاش أسواق الأسهم أعطى مؤشرا جيدا لسلامة الوضع الاقتصادي في المنطقة. مشيرا إلى أن التداول اليومي في سوق السعودية يصل إلى 20 مليار ريال، في حين يجري التعامل في أسواق الإمارات بما يقرب من 2 - 3 مليار درهم وفي السوق الكويتية يتم التعامل بأكثر من 100 إلى 150 مليون دينار كويتي وفي قطر في حدود 200 إلى 300 مليون ريال. وقال: «إن التعامل في البورصة يعطي مؤشرا على الوضع الاقتصادي وإن كانت الشركات المدرجة في البورصة تسجل خسائر أو تحقق إرباحا».
تجربة بلكسكو
وعن تجربة بيت التمويل الخليجي في شراء شركة بلكسكو قال جناحي: «في نهاية العام 2000 قام بيت التمويل الخليجي بتملك حصة رئيسية في شركة البحرين لسحب الألمنيوم (بلكسكو) وكانت الشركة تعاني من قلة الربحية إذ لم تتعدَّ إرباحها المليون دينار في حين كانت تحصل على دعم من حكومة البحرين من خلال مدهم بمادة الألمنيوم من شركة ألبا بما يساوي مليونا إلى مليون ونصف دولار أميركي، أي إنها تحقق ما يقرب من 400 إلى 500 ألف دينار أرباحا فعلية، وعندما أرادوا زيادة ربحيتهم قام المدير التنفيذي للشركة بتسريح ما يقرب من 90 موظفا بحرينيا من الشركة للتخفيض من النفقات».
وأكد أن الدخول في أي عمل يتطلب إبداعا خاصا وأن تكون لديك هويتك الخاصة. وقال: «كان التفكير وقتها عند البعض إن أردت زيادة الإرباح التي تجنيها فيجب عليك تقليص النفقات عن طريق تسريح العمالة وذلك ما يمكن أن يقوم به أي شخص، ولكن عندما أخذنا الشركة استطعنا تحقيق ربح بمليون دينار وبعدها بمليون ونصف إذ قمنا بتغيير الإدارة والتفكير السائد لديها وفي الوقت الجاري تحقق الشركة ما يقرب من مليونين ونصف دينار أرباحا».
وقال: «كان الوضع حينها في الشركة تطغى عليه التحزبات ويعمل كل طرف في مواجهة الطرف الآخر، في حين كان يجب العمل بروح الفريق الواحد، ولذلك أجرينا بعض التغييرات في الوظائف القيادية، كما ربطنا مصلحة الشركة بمصلحة العاملين، ونحن أول شركة في البحرين أشركت موظفيها في ملكية الشركة من خلال إعطائهم نسبة من أسهم الشركة».
مرفأ البحرين المالي والمراكز المالية الأخرى
وعن فكرة إنشاء مرفأ البحرين المالي وخطوات تنفيذه ومدى مساهمة القطاع الخاص في البحرين في إنشاء المرفأ، ذكر جناحي أن التفكير في المشروع ووضع المخططات الأولية له استغرقت ما يقرب من 18 شهرا، وقال: «لو لم نقم بالخطوات الصحيحة في هذا المجال لكان موقع المرفأ حتى الآن ليس إلا فرضة قديمة».
يذكر أن مشروع مرفأ البحرين المالي، والذي تبلغ كلفته الإجمالية 1.3 مليار دولار أميركي، يعتبر واحدا من المشروعات الكبرى التي يقوم بها بيت التمويل الخليجي. ويعتبر هذا المشروع الحيوي الكبير مدينة مالية متكاملة وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، وسيكون له إسهامٌ كبير في تعزيز مكانة البحرين باعتبارها المركز المالي لمنطقة الشرق الأوسط. وسيشتمل مرفأ البحرين المالي على عشرة مشروعات رئيسية تقام على قطعة أرض مخصصة لأعمال التطوير بمساحة إجمالية تبلغ مليوني قدم مربع يتم دفنها في البحر.
وقال جناحي: «تخيل انه حتى السنة الثانية من البدء في المشروع لم يستثمر أي من المستثمرين البحرينيين فيه، لأنهم كانوا يفكرون بطريقة سلبية بشأن المشروعات الكبرى ولم يكونوا يثقون بإقامة مثل هذه المشروعات بصورة فعلية بسبب أن الكثير من المشروعات التي يتم الإعلان عنها لم تنفذ على أرض الواقع». وقال: «بعد ذلك بدأنا الترويج للبحرين باسم مرفأ البحرين المالي وكون البحرين العاصمة المالية في منطقة الشرق الأوسط وكنا نتطلع إلى جذب الشركات والمؤسسات المالية الأجنبية لكي تستثمر في البحرين وتفتح لها فروعا في المرفأ».
وعن ما إذا كان مرفأ البحرين المالي سيواجه منافسة من قبل المؤسسات المالية المماثلة في كل من دبي وقطر والمملكة العربية السعودية أوضح جناحي أن لكل مركز مالي توجهه الخاص وسماته الخاصة وان كل مركز يختلف عن الآخر من خلال ما يستهدفه وما يقوم به من أعمال. وقال إن مرفأ دبي المالي لديه الصلاحية للترخيص للمؤسسات المالية الأجنبية للعمل في دبي، وانه يعتبر منطقة حرة وذلك لاستقطاب بنوك الأوفشور، ولذلك فإن مرفأ دبي المالي هو مختص بشكل أكبر في بنوك الأوفشور في حين أن بنك الإمارات المركزي مختص أكثر في مجال المصارف التجارية. إما ما يخص قطر فإن هناك أيضا البنك المركزي، ولكن مركز قطر المالي له صلاحياته الخاصة، فمن خلال هذا المركز حصلنا على ترخيص لإنشاء إنفستمنت بنك بالتعاون مع بنك قطر الإسلامي».
وعما إذا كان يرى أن ذلك يجب أن يحدث في البحرين قال: «عندما قامت دبي بذلك فإن البنك المركزي يوجد في أبوظبي وعندما فعلت قطر ذلك فإنها كانت تريد أن تنشئ مؤسسة لترخيص المصارف الاستثمارية واستقطابها إلى قطر، في حين ان قضية البحرين مختلفة، إذ إن البحرين كانت دائما تسوق لاستقطاب بنوك الأوفشور وكان هدفها استقطاب هذه المصارف بجانب المصارف الاستثمارية وليس المصارف التجارية لأن عدد السكان في البحرين صغير، ولذلك أرادت البحرين جذب رؤوس الأموال من الخارج، وهذا لا تستطيع أن تعمله المصارف التجارية على رغم أن لديها نشاطاَ استثماريا ولكن ذلك لا يعتبر نشاطها الرئيسي».
وأضاف «عندما نسوق مرفأ البحرين المالي فإننا نسوقه وفقا لقوانين مصرف البحرين المركزي واليوم نحن نريد أن نستقطب شركات جديدة من خارج البحرين وليس الهدف أن ننقل مقار وفروع الشركات والمؤسسات المالية الموجودة في البحرين للعمل من خلال مرفأ البحرين المالي».
واستدرك قائلا: «مع ذلك ستنتقل بعض المؤسسات المالية الموجودة حاليا في البحرين إلى المرفأ فمثلا سننتقل نحن في بيت التمويل الخليجي إلى المرفأ وستنتقل أيضا الشركات التي قمنا بتأسيسها إلى هناك كشركة الخليج القابضة والمصارف الجديدة التي شاركنا في تأسيسها».
وقال: «الهدف هو استقطاب مؤسسات مالية وشركات جديدة إلى البحرين إذ ان المصارف التي أنشئت في البحرين لن تخرج منها ونحن لو نأخذ مثلا انفستكورب وبنك الخليج المتحد وبنك طيب جميع هذه المصارف أسست في البحرين ومن الممكن أن تفتح لها فروعا أو تغلق فروعا خارج البحرين ولكنها ستظل تعمل من البحرين».
وعن إنشاء مرفأ الرياض المالي ومدى تأثير ذلك على البحرين... قال: «لو كنا نعيش في الثمانينات ولم يكن في المنطقة هذا النمو الكبير لكان يمكن أن يؤثر ذلك بشكل سلبي ولكن ما نراه الآن هو أن المؤسسات التي فتحت في السابق فروعا لها في دبي افتتحت لها فروعا أخرى في قطر والبحرين وذلك لأن وجودهم في البحرين يتيح لهم الدخول في مشروعات في الكويت والسعودية الى جانب المشروعات الموجودة في البحرين. في السابق كنا نسمع عن مشروعات تقوم بها الحكومات بـ 5 مليارات دولار، أما الآن فإن الحديث يدور حول مشروعات بـ 30 مليار دولار تقوم بها الحكومات مع القطاع الخاص ذلك أن «الكعكة» كما يقال كبرت كثيرا ولذلك فمهما فتحت فروعا في الرياض أو البحرين أو قطر فإنها ستتمكن من الحصول على جزء من السيولة الموجودة».
قطاع التأمين
وفيما يخص قطاع التأمين وهل هناك مستقبل واعد للبحرين في هذا القطاع، قال: «إن افتتاح المملكة العربية السعودية رخصا لشركات التأمين للعمل هناك يمكن أن يؤثر على موقع البحرين في قطاع التأمين ولكن بالنسبة الى الشركات الأجنبية فإن استقطابها للبحرين يمكن أن يكون أسهل بسبب الانفتاح الثقافي والاجتماعي».
منتجع العرين
وتحدث جناحي عن فكرة إنشاء منتجع العرين الصحراوي وقال: «إن الشيخ أحمد بن علي آل خليفة هو من طرح فكرة إنشاء فندق بالقرب من محمية العرين وعندها طلبت منه أن يطلعني على موقع المشروع وفي ذلك الوقت كان الموقع يفتقر إلى الجاذبية والمقومات الأساسية فلم يكن يوجد الفورمولا 1، بعدها وضعنا التصاميم الأولية للمشروع ووضعنا خطة لإشراك المستثمرين في المشروع».
وعن منافسة المشروعات المستقبلية لمشروع منتجع العرين قال: «أولا إن المنافسة هي شيء صحي، وثانيا إنني اعرف تماما ما يتميز به المنتجع من مميزات لا توجد في المشروعات المشابهة التي ستنشأ في المستقبل، فالمنتجع قريب من جسر الملك فهد كما انه الأقرب إلى الفورمولا 1 ويقع على منطقة مرتفعة، بالإضافة إلى وجود حديقة مائية ضمن المشروع، إذ إننا نمتلك قصب السبق في هذا المجال، وبعد ذلك لو حدث وأنشئ مشروع مماثل فإننا نكون قد أخذنا موقعنا في السوق وحتى لو أنشئ مشروع مثل ديزني لاند فإن ذلك المشروع سيستقطب شريحة معينة إذ تصل قيمة التذكرة إلى 70 دولارا والقليل من المواطنين يمكنه أن يصرف هذا المبلغ لكل فرد في عائلته التي قد تكون مكونة من خمسة أو سبعة أفراد، وبجانب ذلك ما هو العدد المستهدف من الزوار للمشروع الذي سيتم إنشاؤه، هل هو مليون أو خمسة ملايين زائر، نحن في المنتجع نستهدف 5000 زائر شهريا وذلك عدد ممكن تحقيقه وخصوصا إذا تم تسويق المنتجع إلى المدارس والجامعات وغيرها، كما اننا نستهدف الأسر السعودية لما تملكه البحرين من انفتاح حضاري وثقافي».
العدد 1636 - الثلثاء 27 فبراير 2007م الموافق 09 صفر 1428هـ